15 شباط 2021 | 11:54

أخبار لبنان

‏ ترابطنا معاً عضويّ والإقصاء بداية الخراب

‏ ترابطنا معاً عضويّ والإقصاء بداية الخراب

‎*‎نقيب المحامين‎ - ‎ملحم خلف



الأمل هو ما نحتاج إليه اليوم. هذا يتطلّب منّا عملاً يومياً، وتحويله هدفاً نصبو إليه. هو منحى ‏يجب التركيز عليه، لأنّه يحفّزنا على العيش، فلا شيء بلا رجاء. وترجمته تكون بتعالينا عن ‏الصغائر والمصالح الضيّقة، مدركين أنّ مسؤوليةً جماعية تترتّب علينا ذات بُعد رسولي ووطني‎. ‎‎ ‎

تستدعي الأمور اليوم منا مدّ اليد إلى الآخر، في محاولة للخروج من الحفرة التي تستوجب رمي ‏البغض والحقد والعنف جانباً، والعودة إلى نقاط مشتركة نجتمع حولها ونؤسّس عليها. هذا أساس ‏وجودنا وجوهر لبنان، ولا قيامة فعلية إلّا بالعيش معاً. والعيش معاً لا يقصي أو يستثني أحداً. ‏صحيح أنّ ثمة صعوبات وعقبات أمام ذلك، ولكنها لن تُسقط أحلام شعب بأسره إذا كانت فعلاً ‏مبنية على الرجاء الذي عمادُه الإيمان‎. ‎

لا شيء بمقدوره أن يُسقط دور لبنان الرسالة أو إرادتنا بالعيش معاً، أو الخيارات التي أنجزناها ‏في حياتنا. فلبنان ضرورة للعالم ولنفسه ومصلحته، وإلّا فإنّ البشرية ستسقط بالأحادية ‏والإقصاء. كما أنّ الآخر هو شرط وجودي، وشرط وجود الآخر هو الأنا. وأيّ مصاب للآخر ‏هو مصابي، والعكس صحيح أيضاً. انطلاقاً من ذلك، يجب أن نفهم إلى أيّ مدى نحن في تعاضد ‏وتضامن وترابط عضويّ، لا يسمح لنا في أيّ وقت من الأوقات بأن يتخلّى بعضنا عن بعض ‏برغم كلّ الصعوبات. ولا يقوم البنيان إلّا على صخرة التعاضد، وهو يحدث بالقناعة والفعل ‏والإيمان والعمل. ونصل إليه بقدر ما نعمل من أجل ذلك، لا من خلال البقاء في المنزل ‏والتنظير. علينا أن نعمل ونشبك أيدينا لنتمكّن من الوصول، وإلّا فلا يمكننا تخطّي هذه ‏الصعوبات التي نعيش. وانزلاقنا أكثر إلى هذا الوضع هو انزلاق قاتل وانتحاري‎. ‎

وشرط وجود الآخر ووجودي مبنيّ على أمور ثابتة؛ أوّلها التقدير والاحترام. وثانيها الإيجابية ‏التي تجعلني أقول، مقتنعاً، أنا غير كامل، ولا أكتمل إلّا بالآخر. والآخر غير كامل، ولا أكتمل ‏وإياه إلّا بآخر كذلك. وتالياً لا تكتمل البشرية إلّا بذاتها، لتصبح جميعها عند الخالق حيث تبلغ ‏الكمال. وأمام هذا الإقرار بأنّي غير كامل، يجب أن أقبل باكتمال هذا الشرط بمقاربتي للآخر ‏ومحبّتي له؛ فأكتمل بما ليس لديّ، ويكتمل من خلالي بما ليس لديه. يحتاج بعضنا إلى بعض لكي ‏نكمل معاً كينونتنا، وإلّا فالخراب في منطق الإقصاء، ولا قبول به حتى لو كنت أنا القويّ. والقوّة ‏لا تعني الاكتفاء بذاتي ولا بقوّتي، فلا إقصاء أو تمييز لأحد. علينا الذهاب كلّنا نحو إطار قبول ‏الرأي والرأي الآخر. فالاختلاف غنى وكنز نريد أن نحافظ عليه، أما الخلاف فهو ويل. هكذا ‏نبني وطننا على مسؤولية العيش معاً. وحلم العيش معاً ليس وليد اليوم، بل هو في صلب نشوء ‏لبنان وكينونته، نموذجاً للعيش المشترك وواحة حريّات. وهو النموذج الذي يبحث العالم عنه‎.‎



النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 شباط 2021 11:54