21 آذار 2021 | 14:56

أخبار لبنان

عودة يُحذّر من "ارتطام مميت"‏

عودة يُحذّر من

‏ ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس ‏الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.‏

بعد الإنجيل المقدس، قال عودة في عظته:"في حين تعيد الكنيسة لاستقامة الإيمان، ‏يصادف اليوم عيد الأم. الأم الحقيقية مثال لاستقامة الرأي وصلابة الإيمان، لأنها ‏تحتمل ما لا يحتمل، بدءا من آلام المخاض، وصولا إلى تربية الأولاد والسهر على ‏حاجاتهم الروحية والجسدية، وتنشئتهم عناصر فعالين في الكنيسة والمجتمع". ‏

أضاف: "الأم هي المثال لأبنائها في المحبة والتضحية، في الكد والصلابة والصلاة، ‏فإن زاغ إيمانها أو استقام، نجد الأولاد يتمثلون بها. لذا، نسأل الرب إلهنا أن يشدد ‏جميع الأمهات، خاصة في هذه الأيام الصعبة، ويمنحهن الصبر والقوة والإيمان ‏القويم، حتى يكن جذعا صلبا تخرج منه الأغصان المفرعة ثمرا مغذيا للمجتمع. ‏كما نصلي من أجل راحة نفوس جميع الأمهات اللواتي سبقننا من هذه الفانية إلى ‏فردوس النعيم". ‏

وتابع: "لا بد من تحية خاصة للأم اللبنانية التي هي شعاع النور الوحيد في ظلمة ‏أيامنا رغم أنها تعاني أضعاف ما تعانيه أية أم أخرى، لأن الظروف الصعبة التي ‏يعيشها لبنان تضيف إلى معاناة الأم آلاما وتضحيات، لكنها المناضلة الدائمة من ‏أجل عائلتها ووطنها. هذه الأم ما زالت تكافح في عملها من أجل إعالة العائلة مع ‏زوجها، ومسؤوليتها في البيت تضاعفت بسبب الظروف القاسية، وقد خسرت هذه ‏الأم روحها في انفجار بيروت، مع خسارة أولادها، وهي تقاسي من هجرة من ‏تبقى منهم، عدا عن الليالي التي لا تأكل فيها من أجل إطعام صغارها، وتذرف ‏الدموع على أولادها وعلى مدينتها الثكلى. بيروت المدينة المفعمة بالحياة، التي لا ‏تنام، أصبحت مدينة مقفرة، مظلمة، حزينة. فوسط بيروت بلا حياة، وأحياء ‏الأشرفية والجميزة والمرفأ بلا روح، ولبنان كله في مهب الريح، ما يدخل الغم إلى ‏القلوب".‏

وأردف: "مع بداية فصل الربيع اليوم، نحزن لأن وطننا ييبس ويذبل. أرزة الشرق ‏نخرتها سوسة الفساد فبدأت تهوي، لكن الله قادر أن ينبت من الجذع اليابس أرزة ‏جديدة خضراء لا تذوي. الأمل ضئيل، لكنه موجود. نأسف لما نراه ونسمعه عن ‏تصرفات مسؤولينا، الذين يغامرون بحياة شعب أمنهم على إدارته والسير به نحو ‏الأفق المشرق، لكنهم أحدروه نحو الظلمة وظلال الموت. يتقاذفون كرة المسؤولية ‏والشعب يئن جوعا ومرضا وتشردا وبطالة. يتلهون بمصير البلد وأهله، لا مبالين ‏بالوقت المهدور، فيما الشعب يعد الثواني حتى مجيء ساعة رحيلهم جميعا لينعم ‏بالراحة. يا من تتلهون بدموع الأمهات، وأنين المرضى، وصرخات اليتامى... إن ‏الله يعطيكم فرصة للتوبة والعودة إليه وتقويم مسيرتكم فكفوا عن التنكيل بإخوته ‏الصغار. تذكروا قول الرب لقايين الذي قتل أخاه حسدا: قايين، قايين، إن صوت ‏أخيك يصرخ إلي من الأرض".‏

وتابع: "وضعنا لا يحسدنا عليه أحد: الليرة في أدنى المستويات ووزير المال ‏غائب. وزير الطاقة بشرنا بالعتمة. وزير الداخلية أعلن أن البلد مكشوف أمنيا. ‏رئيس الحكومة المستقيل هدد بالاعتكاف. ترى من يتحمل مسؤولية البلد؟ بلبلة ‏وضياع وتدهور جنوني مخيف، أخشى أن ينتهي بارتطام مميت، إلا إذا صحت ‏الضمائر وتم تأليف حكومة تتولى زمام الأمور. هنا نؤكد لمن يعنيهم الأمر أن ‏المواطن غير مهتم بعدد الوزراء، وبالثلث المعطل، وبحصص الزعماء. المواطن ‏لا يريد إلا العيش بكرامة وسلام في وطن حر سيد مستقل، تسوده العدالة ويحكمه ‏القانون، لذا نسأل المعنيين بتأليف الحكومة عدم فض اجتماعهم يوم الإثنين قبل ‏الوصول إلى حل".‏

ومضى قائلا: "بعد أيام قليلة نعيد عيد البشارة. لقد أرادت دولتنا أن يكون هذا العيد ‏رمزا للعيش المشترك والوحدة الوطنية. الوحدة لا تتحقق بيوم عطلة رسمية. ‏الوحدة الوطنية تتحقق باحترام الآخر والدفاع عن كرامته وحقه بالحرية الكاملة، ‏حرية الفكر والرأي والمعتقد، مهما كان مختلفا، لأن الجميع متساوون في الوطن. ‏اللحمة الوطنية تتم عندما تعم المساواة والعدالة والحق وتكون الحكومة لكل الوطن، ‏لا لفئة واحدة أو لون واحد. لبنان الواحد يتحقق عندما تخفق قلوب جميع مواطنيه ‏باسمه فقط، لا باسم هذا الزعيم أو تلك الدولة". ‏

ولفت عودة الى أننا "ننتظر في عيد البشارة بشارتين: الأولى بشارة بمجيء ‏المخلص من مريم العذراء، والثانية بشارة بخلاص لبنان واللبنانيين من كل ‏الأزمات والصعوبات، من خلال ولادة حكومة تقود الشعب بحكمة نحو بر الأمان. ‏الحاجة ملحة إلى حكومة حكماء، أناس يعرفون ماذا يفعلون وليسوا أجراء لدى ‏أحد. هل حقا نريد أن نعيش معا ونريد المحافظة على كياننا واستقلالنا؟ لنتخل إذا ‏عن كل ارتباط خارجي وكل تطلع إلى ما وراء الحدود، ولنشبك الأيدي، راحمين ‏بعضنا بعضا، عاملين على إعادة اللحمة وبناء ما قد هدمته خطايانا، وأولها الحقد ‏والتعنت والكبرياء وحب الإنتقام. إن دولتنا تمر بأزمة وجود ومصير، ولن تستعيد ‏قرارها قبل استعادة حريتها الكاملة، والتخلص من كل ارتهان أو وصاية. يكفي ‏تقاذف كرة الإتهامات. الجميع مسؤول عن الفساد والإنهيار، فليتحمل الجميع ‏المسؤولية ولا ضرورة لغسل الأيدي، لأننا نعيش في بلد صغير كل شيء فيه ‏معلوم".‏

وختم: "دعاؤنا أن يصل مسؤولونا إلى استقامة رأي وطنية، فيصير كل عيد من ‏الأعياد التي ذكرناها عيدين. صلاتنا، أن يبقى إنسان هذا البلد على إيمانه بالله ‏القادر وحده أن ينقذه وينتشله ويوصله إلى ميناء الخلاص". ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

21 آذار 2021 14:56