24 آذار 2021 | 20:20

أخبار لبنان

لماذا جلب الوزير أوكسيجيناً سورياً لا نحتاجه؟

لا شك أن أزمة انتشار فيروس كورونا ليست سهلة. وما يزيد صعوبتها، هو التعاطي العشوائي ‏مِن قِبَل الجهات المعنية بالملف، وعلى رأسها وزارة الصحة. ويضغط ارتفاع سعر صرف ‏الدولار على المستشفيات لجهة ارتفاع التكاليف، وصعوبة تأمين المستلزمات المستعملة في ‏مواجهة الفيروس، ومنها أجهزة التنفس الاصطناعي والأوكسيجين المطلوب لها‎.‎

ومع ذلك، لم تصل المستشفيات لمرحلة حرجة في تأمين الأوكسجين. الأمر الذي يطرح علامات ‏استفهام كبيرة حول "بروباغندا" طلب وزير الصحة حمد حسن من سوريا تزويد لبنان بكمية من ‏الأوكسيجين، لتأتي الموافقة من بشار الأسد شخصياً، على توريد 75 طناً إلى لبنان‎!‎

تهويل لا ضرورة له

كان من المفترض ربما أن يمرّ خبر تزويد لبنان بالأوكسيجين السوري مرور الكرام، لو أن هناك ‏فعلاً "أزمة أوكسيجين". لكن إحاطة الخطوة بالتهليل الإعلامي على أمر لا أساس له من الصحة ‏هو الأمر غير المفهوم وغير المبَرَّر، إلا إن كان وراء الأقنعة ما يجب إخفاؤه بستارٍ صحّي يمسُّ ‏أمن اللبنانيين‎.‎

تذرَّعَ وزير الصحة بنقص الأوكسيجين في المستشفيات اللبنانية، و"حرصاً منه على حياة ‏المرضى"، اتّجه إلى سوريا الأقرب جغرافياً للبنان، ظناً منه أنه يختصر الوقت والإجراءات ‏الروتينية للحصول على الأوكسيجين المطلوب. لكن القرب السياسي بين سوريا والجهة الحزبية ‏التي ينتمي إليها الوزير، ربما هو الدافع أقوى. فسعي الوزير في غير محلّه، لأن "لا نقص في ‏الأوكسيجين في المستشفيات اللبنانية"، وفق ما تؤكّده مصادر في القطاع الصحي، خلال حديث ‏لـ"المدن". وعدم النقص يعود إلى "قدرة المصانع اللبنانية على تأمين الكميات المطلوبة". وجميع ‏من تواصلت معهم المدن، إن في القطاع الصناعي أو الاستشفائي، أكدوا أن لا أساس لأي حديث ‏عن أزمة أوكسيجين أو نقص بإنتاجه‎.‎

وعلى عكس ما تروّج له أوساط إعلامية حزبية مقرّبة من الوزير، ففي لبنان مصنعان يُنتجان ‏الأوكسيجين وليس مصنعاً واحداً كما يُرَوَّج. فضلاً عن "إمكانية التصنيع المحلي لآلات انتاج ‏الأوكسيجين نفسها، أو حتى استيراد الأوكسيجين في حال النقص الحاد، على أن يسبق الاستيراد ‏تحذير من المستشفيات بقرب نفاذ الكميات الموجودة، وهذا لم يحصل". على أنَّ الترويج الأخطر ‏جاء تحت عنوان "نفاذ الأوكسيجين ظهر اليوم، والوفيات ستكون بالمئات ما لم تتم السيطرة على ‏الأزمة‎".‎

زيارة الوزير إلى دمشق وشكره بشار الأسد من أجل كمية أوكسيجين ضئيلة، لا يحتاجها لبنان ‏أصلاً، ليست إلا خطوة سياسية لا علاقة لها لا بـ"الصحة" ولا بمكافحة كورونا ولا بعلاج ‏اللبنانيين‎. ‎

ردُّ الجميل؟

من المفترض أن تصل كمية الأوكسيجين إلى لبنان على ثلاثة دفعات، تتوزع خلالها الكمية على ‏‏25 طن لكل دفعة، وهي كمية "ضئيلة جداً بحيث يمكن لمستشفى بيروت الحكومي استخدامها ‏خلال أسبوع"، أي أن مجمل كمية الـ75 طناً لا تدوم لثلاثة أسابيع في مستشفى واحد في ظل ‏الأزمة المزعومة‎.‎

صناعياً وصحياً، لا أزمة أوكسيجين. والتهويل ليس إلاّ "لشد العصب والجمهور والإيحاء بأن ‏وزارة الصحة، وبالتالي الجهة السياسية المسيطرة عليها، تقوم بتحصين البلاد ومنع الوقوع في ‏أزمة صحية"، تقول المصادر، وتذهب إلى أبعد من ذلك، أي إلى احتمال أن تكون كمية ‏الأوكسيجين "ردُّ جميل" على أمر يجهله اللبنانيون، ويعرفه الذي اختلق شائعة "أزمة ‏الأوكسيجين‎".‎



المدن ‏



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 آذار 2021 20:20