16 نيسان 2021 | 20:49

منوعات

‏"الإمساكية" ظهرت في عهد محمد علي.. وهكذا انتشرت !‏

زياد سامي عيتاني*‏



قبل التطور التكنولوجي وإبتكار أشكال مختلفة دربط للتنبيه والإنتباه على المواقيت والمواعيد، ‏كانت إمساكية رمضان تعتبر دليل الصائم والمصلي خلال أيام الشهر الكريم، فهي بمثابة المنبه ‏بالنسبة للصائمين خلال شهر رمضان، حيث تحتوي على أيام الشهر الفضيل مع مواقيت ‏الصلوات الخمس وموعد الإفطار وبدء موعد الصيام، التي كان يرجع لها المصلي للتعرف على ‏موعد أذان امغرب وموعد الإمساك وكذلك أذان الفجر.‏

من هنا جاءت فكرة إمساكية شهر رمضان التي تحتوي على أيام الشهر الفضيل مع مواقيت ‏الصلوات الخمس ومواعيد الإفطار والإمساك كل يوم، إلى أن أصبحت الإمساكية من طقوس ‏الشهر الفضيل، حيث تتبارى مختلف المؤسسات الدينية والتجارية والإعلانية في إعداد ونشر ‏إمساكيات شهر رمضان في مختلف الدول والمدن حول العالم. ‏

أما تسمية إمساكية رمضان فجاءت إشتقاقاً من الكلمة العربية إمساك.‏

ويعني الإمساك توقف الصائم عن الأكل والشرب في نهار رمضان من طلوع الفجر إلى غروب ‏الشمس.‏

وعلى مدار التاريخ كانت إمساكية رمضان لوحة فنية مرسومة ومطبوعة بعناية فائقة، لا سيما ‏الرسومات والزخرفات والخطوط التي تتيميز بها، لتزيد من جمالياتها ورقيها الفني والإبداعي...‏

فما هي الإمساكية وكيف ومتى ظهرت؟ هذا ما سوف نلقي الضوء عليه:‏

‏**‏



‏•أولى الإمساكيات في مصر:‏

لا تتوفر أي مزاجع تاريخية توثق أو تحدد متى ظهرت أولى الإمساكيات في التاريخ، وتكاثرت ‏الأقوال والآراء حول أول إمساكية فى التاريخ، لكن المرجح وفقاً للباحثين أنها ظهرت لأول مرة ‏في مصر في عصر محمد علي باشا، ويعود تاريخها إلى رمضان سنة ١٢٦٢ هجري، ‏سبتمبر/أيلول ١٨٤٦ ميلادي، أي قبل أن يفارق الحياة بعامين، وطبعت في دار الطباعة الباهرة ‏الكائنة ببولاق مصر القاهرة على ورقة صفراء ذات زخرفة بعرض 27 سنتيمترا وطول 17 ‏سنتيمترا، وكتب في أعلاها أول يوم رمضان الاثنين، ويرى هلاله في الجنوب ظاهرا كثير النور ‏قليل الارتفاع، ومكثه خمس وثلاثون دقيقة ومرفق صورة محمد علي باشا، وكانت تُعْرَف ‏بإمساكية ولي النعم.‏

والإمساكية كانت عبارة جدول كبير به مواعيد الصلاة والصيام لكل يوم من أيام شهر رمضان ‏بالتقويم العربي، وتم توزيعها على كل ديوان من دواوين الحكومة، مع أمر لكل الموظفين بعدم ‏الكسل والإهمال في العمل وعدم التراخي في توزيعها.‏

‏**‏




‏•تطور الإمساكية:‏

تطورت إمساكية رمضان من العشرينيات إلى الأربعينيات القرن العشرين على صور وأشكال ‏مختلفة، فكانت أول إمساكية يتم توزيعها على سبيل الدعاية والإعلان إمساكية مطبعة تمثال ‏النهضة المصرية لصاحبها محمود خليل إبراهيم في شارع بيبرس الحمزاوي في رمضان من ‏العام 1347 هجري الموافق فبراير (شباط) من العام 1929 ميلادي.‏

وأعلن في الإمساكية استعداد المطبعة طباعة كافة الكتب. ‏

‏**‏

‏•وسيلة للدعاية:‏

وفي أوائل القرن العشرين تطور شكل الإمساكية حسب الغرض من إصدارها، فآستخدمت في ‏الدعاية والإعلان عن المحال أو الجهات التي تصدرها.‏

وتطورت إمساكية رمضان من العشرينيات إلى الأربعينيات في القرن العشرين على صور ‏وأشكال وأغراض مختلفة فكانت أول إمساكية يتم توزيعها على سبيل الدعاية والإعلان إمساكية ‏مطبعة تمثال النهضة المصرية لصاحبها محمود خليل إبراهيم في شارع بيبرس الحمزاوي في ‏رمضان من العام 1347 هجري الموافق فبراير من العام 1929 ميلادي.‏

‏**‏




‏•يهودي يطور الإمساكية ويروج لها:‏

ثم انتقلت الإمساكية لمرحلة الإعلان التجاري عن المنتجات والبضائع على يد رجل الأعمال ‏اليهودي داوود عدس، الذي طبع أول إمساكية لسلسلة محلاته في رمضان سنة 1364 هجرية ‏الموافق أغسطس من العام 1945، لكن اختلفت إمساكية داوود عدس عن غيرها كون أنها كانت ‏إمساكية مرفقة بمعلومات الصيام وفضله وأسباب فرضه، وأسفل كل هذه المعلومات إعلان ‏دعائي لمحله وتوفر البضائع فيه.‏

وإمساكية رمضان التي طبعها داوود عدس تعتبر الملهمة لأغلب إمساكيات رمضان ذات الورق ‏المتعدد، حيث طور إمساكية طُبِعَت من أحد تجار العطارة سنة 1356 هجري الموافق نوفمبر ‏من العام 1937 والتي احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية وأذكار الصباح ‏والمساء وأحكام زكاة الفطر وأجندة ومواعيد.‏

وسر إمساكية رمضان المطبوعة من محلات داوود عدس، أنها كانت توزع على المارة في ‏الشوارع والمصلين في المساجد، فضلا عن تطور الإمساكية وشكلها عاماً بعد عام حتى وصلت ‏إلينا بهذا الشكل.‏

وتُعتبر إمساكية رمضان التي طبعها «داوود عدس» الملهمة لأغلب امساكيات رمضان ذات ‏الورق المتعدد، حيث قام بعدها أحد تجار العطارة سنة 1356 هجري الموافق نوفمبر من العام ‏‏1937 بطباعة إمساكية احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية وأذكار الصباح ‏والمساء وأحكام زكاة الفطر وأجندة ومواعيد.‏

‏***‏



‏•أول إمساكية تنشرها "الأهرام":‏

نشرت جريدة الأهرام في رمضان عام 1936 أن أول إمساكية نشرتها جريدة الأهرام لإعلام ‏الناس بمواقيت الصلاة والصيام والإفطار كان في يونيو 1918.‏

وفي عام 1931 أهدت دار الكتب المصرية جريدة الأهرام إمساكية أخرى لشهر رمضان مكتوبة ‏على قطعة من القماش ومجلدة تجليدا بديعا، صنعتها مطبعة أمين عبدالرحمن بشارع محمد علي.‏

‏**‏




‏•إمساكيات ملوك مصر:‏

ومن أشهر المطابع التي قدمت إمساكية رمضان، مطبعة تمثال النهضة المصرية لصاحبها ‏محمود خليل إبراهيم بالحمزاوي، وقد بدأت في طباعتها عام 1929م، الموافق 1347 هـ. ‏

وفي ديسمبر 1932 صدرت إمساكية شهيرة صنعها تاجر الطرابيش عبدالحميد أحمد الطرابيشي، ‏وطبع على غلافها صورة الملك فؤاد الأول ملك مصر آنذاك، وكتب عليها (في سعة الأخلاق ‏كنوز الأرزاق).‏

أما في عام 1936، ومع بداية تنصيب فاروق الأول ملكا على مصر، كان بداية حلول شهر ‏رمضان، مما جعل اهتمام الملك بمظاهر الشهر الكريم تبدأ بأن يوجه كلمة تهنئة إلى الشعب ‏المصري عن طريق الإذاعة، ثم مع بداية عام 1937 بدأ ظهور إمساكية رمضان تحمل صورة ‏الملك فاروق، ذلك الصبي الذي كان وقتها لم يتجاوز السابعة عشر عاما، ولأول مرة تحتوي ‏الإمساكية إلى جانب مواقيت الصلاة بعض أحكام الصيام.‏

وقد أنتجت شركة صابون نابلسي شاهين إمساكية تحمل صورة كل من الملك فاروق والملك ‏عبدالعزيز ملك السعودية.‏

‏**‏

كانت إمساكية رمضان من زمان إلى الان دليلا على مدى وجاهة ورقي صاحبها سواء أشخاص ‏أو شركات أو جمعيات، وكانت تؤرخ للعصر الذى صدرت فيه من ناحية التقدم في الرسم ‏والطباعة وفكرة. ومع التقدم التقني الحالي تحولت الإمساكية الورقية الى تاريخ وحالة من الزمن ‏الجميل يحرص الهواة على إقتنائها بعدما أصبحت الهواتف الذكية بديلاً عنها وعن أمور كثيرة ‏في حياتنا... ‏

‏**‏

‏*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.‏










يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

16 نيسان 2021 20:49