8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المصارف قلقة من احتمال خفض التصنيف السيادي للبنان


تطمينات على مستويات عدة جرت للتأكيد على متانة واستقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار رغم مخاوف المستثمرين من تداعيات الاستقالة التي قدمها الرئيس سعد الحريري السبت الماضي تم التعبير عنها في الهبوط الحاد لبورصة بيروت.
فمنذ افتتاح سوق القطع يوم الإثنين الماضي، كانت الحركة مقبولة، ولم تشهد تحويلات كبيرة من الليرة إلى الدولار، والأهم أنه لم نلمس تحويلات مهمة إلى الخارج. وبقيت المصارف على استنفارها طيلة الأسبوع من أجل مواجهة أي خضة قد تحصل، فيما تواصل التنسيق مع مصرف لبنان الذي منع كسر الوديعة قبل استحقاقها كإجراء احترازي لضبط السوق. وشكلت الموجودات الخارجية لمصرف لبنان وسادة أمان للمحافظة على سياسة الاستقرار النقدي، وهي السياسة التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ التسعينات. إذ لديه اليوم نحو 44.5 مليار دولار موجودات خارجية أمنتها الهندسات المالية غير التقليدية التي أجراها العام الماضي والعمليات المالية التي قام بها منذ حزيران 2017 (والتي تختلف عن تدبير العام الماضي) لاستقطاب عملات أجنبية إلى المصارف اللبنانية.
لكن خوف المصارف اليوم في أن تعمد وكالات التصنيف الدولية إلى خفض تصنيف لبنان السيادي، مما سينعكس سلباً على تصنيف المصارف غير المستند على قوتها المالية أو المصرفية أو أدائها العام. لأن هكذا إجراء سيرتب عليها أعباء مالية جديدة لتكوين مؤونات تفرضها التدابير الدولية.
وكانت وكالة موديز حذًرت منذ يومين من أنّ تقلل الاستقالة المفاجئة للرئيس الحريري الثقة في القطاع المصرفي للبلاد وإلى تراجع تصنيفه الائتماني.
وبالأمس، أعلنت وكالة فيتش إن استقالة الرئيس الحريري تعرض للخطر التقدم السياسي التدريجي الذي أحرزته البلاد خلال العام الماضي، ويمكن أن تفرض ضغوطاً متجددة على اقتصادها ونظامها المالي. كما يسلط الضوء على ضعف لبنان إزاء التداعيات الناجمة عن التوترات الإقليمية. وقالت إن تصنيف لبنان السيادي B-/ مستقر ينطوي على درجة عالية من المخاطر السياسية، وقد أثبت النظام المالي مرونة خلال فترات سابقة من عدم اليقين السياسي.
ونبهت فيتش من أنه في حال طالت الأزمة، فإن هذا الأمر سيشكّل اختباراً مرة جديدة لمرونة نمو الودائع وتدفقات المغتربين اللبنانيين في النظام المصرفي اللبناني، والتي تعتبر أساسية لتمويل الحكومة. وقالت إن نمو الودائع المصرفية، جزئياً من تدفقات المغتربين، قوي حالياً بما فيه الكفاية لتلبية احتياجات الحكومة واحتياجات التمويل الكبيرة، واحتياطات العملات الأجنبية المرتفعة، ولكن هذه المقاييس يمكن أن تضعف بسرعة.. إذا تعرضت الاحتياطات أو الودائع لضغوط، فإننا نعتقد أن المصرف المركزي سيتدخل.
المصارف من جهتها كانت ساهمت في مراكمة موجودات مصرف لبنان. إذ تمكنت من تأمين التمويل الضروري من العملات الأجنبية، عبر:
1- استعانة المصارف بسيولتها بالعملات في الخارج. وهو ما تظهره أرقام الميزانية المجمعة للمصارف حتى شهر أيلول. إذ تبين تراجع سيولة المصارف في المصارف المراسلة بقيمة 1.1 مليار دولار منذ بداية العام، من 11.2 مليار دولار إلى 10.1 مليارات دولار. مع الاشارة إلى أن هذا المستوى أعلى بكثير من ذلك الذي بلغته في آب 2016 حين وصلت إلى 8.8 مليارات دولار. يقول بنك عوده إن تراجع سيولة المصارف في الخارج لم يؤثر على ميزان المدفوعات، إذ زادت سيولة مصرف لبنان بالعملات في الخارج والتي بلغت 3.3 مليارات دولار في تسعة أشهر.
2- بيع المصارف لسندات اليوروبوندز إلى مستثمرين أجانب. وهو ما تظهره محفظتها من سندات اليوروبوندز التي هي مستقرة على 14.5 مليار دولار كما كانت عليه منذ بداية 2017. علماً أن هذه المحفظة كانت ارتفعت مع الإصدار الذي قامت به وزارة المالية في نيسان والذي بلغ 1.5 مليار دولار. وهذا يعني أنه يقدر أن تكون المصارف قد باعت سندات بما يقارب مبلغ الإصدار خلال آب وأيلول.
3- نمو ملحوظ لودائع الزبائن بالعملات.
النشاط المصرفي
وكان النشاط المصرفي قد حقق تحسناً جيداً في الاشهر التسعة الأولى من العام 2017 وفق أرقام مصرف لبنان. إذ نما بواقع 9.1 مليارات دولار أو ما يوازي 4.5 في المئة منذ نهاية العام وحتى أيلول، أو 7.8 في المئة منذ أيلول 2016، لتصل موجودات المصارف الإجمالية ما قيمته 213.4 مليار دولار.
وحققت الودائع المصرفية نمواً مماثلاً في الأشهر التسعة الأولى من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. إذ ارتفعت بقيمة 6.6 مليارات دولار. ووصلت الودائع الاجمالية للقطاع الخاص إلى 169.1 مليار دولار في نهاية أيلول 2017 بارتفاع نسبته 4.1 في المئة عن نهاية العام 2016 و6.9 في المئة عن نهاية أيلول 2016. وبلغت الودائع بالليرة مقومة بالدولار، 56 مليار دولار في نهاية أيلول 2017 بارتفاع 0.8 في المئة عن نهاية أيلول 2016 و1.1 في المئة على أساس سنوي. في حين بلغت الودائع بالعملات الأجنبية 113.1 مليار دولار بنمو 5.8 في المئة عن نهاية العام 2016 و10.1 في المئة عن ايلول 2016.
أما ودائع غير المقيمين فبلغت 34.9 مليار دولار في نهاية أيلول 2017 بارتفاع 2.8 في المئة عن نهاية العام 2016 و5.7 في المئة قبل عام.
وقد نمت ودائع القطاع الخاص هذا العام كالتالي: 239.5 مليون دولار في كانون الثاني، 1.12 مليار دولار في شباط، 492.9 مليون دلار في آذار، 1.13 مليار دولار في نيسان، 655 مليون دولار في أيار، 1.6 مليار دولار في حزيران (بدء العمليات المالية لمصرف لبنان) و767.5 مليون دولار في آب، في حين تراجعت 63.7 مليون دولار في أيلول. وهذا يعني أن ودائع القطاع الخاص ارتفعت بما قيمته 6.6 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقابل نمو نسبي قيمته 5.4 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. في حين ارتفعت ودائع غير المقيمين بقيمة 945.3 مليون دولار في تسعة أشهر مقارنة بنمو قيمته 1.2 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وبالتوازي، بلغت ودائع المصارف غير المقيمة 7.13 مليارات دولار في نهاية أيلول 2017 بانخفاض نسبته 13.5 في المئة عن نهاية العام 2016 و8 في المئة في 2015.
ووصلت الدولرة في الودائع إلى 66.9 في المئة في نهاية أيلول مقابل 65 في المئة قبل عام.
وفي المقابل، لم تشهد التسليفات نمواً واكب نمو الودائع، إذ كانت أضعف هذا العام مما كانت عليه في العام 2016. فالتسليفات إلى القطاع الخاص نمت بواقع 1.7 مليار دولار في تسعة أشهر مقابل 2.4 ملياري دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. ووصلت هذه التسليفات إلى 58.9 مليار دولار في نهاية أيلول 2017. وشهدت التسليفات إلى المقيمين تباطؤاً، إذ نمت بواقع ملياري دولار من مجموع التسليفات أي أقل 7 في المئة من نموها العام الماضي.
علماً أن معظم التسليفات هذا العام كانت بالليرة في حين شهدت تسليفات الدولار جموداً، وهذا ما أدى إلى تراجع نسبة الدولرة في التسليف إلى 69.7 في المئة في نهاية أيلول.
أما تسليفات القطاع العام فبلغت مقومة بالدولار 33.1 مليار دولار في نهاية أيلول 2017 بانخفاض نسبته 4.6 في المئة عما كانت عليه في نهاية العام 2016.
وقد بلغت ودائع المصارف في مصرف لبنان 99.2 مليار دولار في نهاية أيلول 2017 بزيادة نسبتها 11.1 في المئة عن نهاية العام 2016 و16.7 في المئة في 2015.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00