كتبت هدى علاء الدين:
يخوض الرئيس المكلف سعد الحريري وحيداً سباقاً مع الزمن في معركة حاسمة من أجل وقف الإنهيار الاقتصادي والاستنزاف المالي الذي يعاني منه لبنان عبر توفير الأجواء اللازمة لضمان الحصول على مساعدات فورية من المجتمع الدولي بُعيد تشكيل حكومته المنتظرة. فعلى خطى والده الشهيد يسير واثقاً، يجول في عواصم القرار بكل ما أوتي من عزيمة وإصرار حاملاً بين يديه همّ وطن وضعه حاكموه في عزلة عربية ودولية، كانت قراراً مكيناً أوصلته إلى المجهول.
وسط الهجمات والإفتراءات والتحديات والصعوبات وغياب الأفق داخلياً ينشط الرئيس الحريري خاريجياً، فالمعركة صعبة لكن الإستسلام ليس خياراً. فكانت زياراته لمصر والإمارات وقطر وتركيا وفرنسا وروسيا والفاتيكان بمثابة بصيص أمل منحت إشارات إيجابية لتقطع طريق الخوف والإحباط، فالتراجع عنده ممنوع وروح اليأس ليس وارداً. جولات حملت في طياتها العديد من الرسائل العربية والدولية، أكّدت جميعها على مكانة الرئيس المكلف وعلى رصيده العربي والأوروبي وأثنت على جهوده بشكيل حكومة اختصاصيين برئاسته تحظى بثقة داخلية ودولية تنفذ الإصلاحات المطلوبة بعيداً عن التعطيل السياسي. كما عكست عمق الفجوة والمعاناة التي تعيشها المنظومة الحاكمة في عزلة علاقاتها الخارجية. هذه المنظومة التي لا تفلح إلا بإبداء إنزعاجها وإطلاق العنان لتعليقاتها الهشة التي تذهب دوماً هباءً منثوراً، ستُدرك مع مرور الأيام أن عزلتها التي أرادتها لم تكن إلا اعتكافاً وتقاعصاً عن تحمل مسؤوليتها الوطنية وفشلاً ذريعاً في معالجة الأزمات وأنها كانت الأكثر فتكاً بحق لبنان واللبنانيين.
حصل لبنان بعهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري على دعم عربي ودولي، جعلت منه بلداً آمناً سياسياً ومزدهراً اقتصادياً، وبنى شبكة قنوات وعلاقات وطيدة مع قادة العالم ستبقى دوماً مفتاحاً رئيسياً للمساعدة والمساندة في الأزمات. واليوم، يمتلك سعد الحريري هذه المفاتيح التي لن يجرؤ أحد على انتزاعها منه، فهو وحده من تُوجّه له الدعوات وتُفتح له أبواب القصور، يلتقي الزعماء والملوك وهم في قصورهم سائحون، هو وحده من يضع نصب عينيه ضمان هوية لبنان وإعادته على الخريطة السياسية والاقتصادية. ستمضي الأيام، وسيشهد التاريخ أنه في زمن الانهيار كان هو عامل الثقة ومصدر الاطمئنان الوحيد وصاحب القدرة على ترميم ما تصدع من علاقات لبنان مع الدول العربية والخليجية والدولية وإعادتها إلى مجراها الطبيعي.
ما بين العزلة والانفتاح نهجين نقيضين، الأول يتبنى سياسة التقوقع وهدم المبادرات والضرب بعرض الحائط علاقة لبنان بالمجتمع العربي والدولي، والثاني يتبنى مسيرة إنقاذ وإصلاح بعيداً عن كل الحسابات الشخصية والسياسية الضيقة والأنا القاتلة بروح وطنية شجاعة دون تهرّب من المسؤولية.
يُغيّب لبنان اليوم عن الساحتين العربية والدولية بسبب سياسة العزلة التي سُجن فيها... لتبقى جولات الرئيس سعد الحريري الخارجية جسراً عابراً لمستقبلٍ آمنٍ وحضوراً طاغياً على عزلة وطنٍ قاتلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.