4 أيار 2021 | 08:14

أخبار لبنان

‎ ‎‏"لائحة لودريان": الكي الحاسم أم الانفجار؟

كتبت صحيفة " النهار " تقول : ‏‎على الأهمية الكبيرة لمعاودة المفاوضات غير ‏المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية ‏الجنوبية اليوم في مقر ‏قيادة قوة "اليونيفيل" في الناقورة بعد طول انقطاع لمدة تناهز الخمسة اشهر، بدا ‏واضحاً ‏ان الحدث الطاغي على المشهد اللبناني خلال الساعات الأخيرة تمثل في ‏الاستعدادات الجارية لزيارة وزير ‏الخارجية الفرنسي #جان ايف لودريان لبيروت ‏التي تبدأ مساء غد الأربعاء وتستمر حتى مساء الخميس‎.‎‎

ولم يكن غريباً ان تخترق هذه الزيارة كل التطورات الداخلية وتحتل واجهة المشهد ‏اللبناني، اذ يمكن القول ان أي ‏زيارة لمسؤول او موفد اجنبي رفيع بموقع وزير ‏الخارجية الفرنسي لم يغلفها غموض والتباس وحبس انفاس على ‏غرار العد ‏العكسي الذي يستبق وصول لودريان الى بيروت. فاذا كانت وزارة الخارجية ‏الفرنسية زادت مناخ ‏الغموض من خلال عدم إصدارها حتى البارحة أي قبل 48 ‏ساعة من وصول لودريان أي بيان رسمي حولها ‏وحول برنامج اللقاءات التي ‏سيجريها، فان المعطيات المتوافرة من باريس تثبت بان هذه الزيارة قد تكون ‏التطور ‏الأكثر دقة وخطورة ومجازفة على صعيد الدفع بالمبادرة الفرنسية التي ‏اطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون قبل تسعة اشهر عقب انفجار مرفأ ‏بيروت. اذ ان لودريان يصل مساء غد الى بيروت في مهمة مفصلية ‏تماما قد ‏يترتب على نتائجها مصير مزدوج لعملية تشكيل الحكومة العتيدة التي تصطدم ‏بتعطيل متماد منذ تكليف ‏الرئيس سعد الحريري قبل اكثر من ستة اشهر وكذلك ‏للمبادرة الفرنسية نفسها التي تتخبط بدورها بموجات ‏الصعود والهبوط والحسابات ‏اللبنانية والإقليمية لفرنسا الى حدود مقارنة ازمة تشكيل الحكومة بأزمة ‏المبادرة ‏نفسها. ولم يكن أدل على الطابع "الدراماتيكي" الذي أحاط العد العكسي ‏لوصول لودريان من اجواء البلبلة الواسعة ‏التي شاعت امس في أعقاب التقارير ‏التي تحدثت عن حصر برنامج لقاءاته برئيس الجمهورية ميشال عون ‏ورئيس ‏مجلس النواب نبيه بري وحدهما، الامر الذي اطلق العنان على الغارب للتساؤلات ‏الغاضبة عما اذا كان ‏لودريان آت لدفع الحل وتبديد التعقيدات، أم لاطلاق رصاصة ‏الرحمة بيده على المبادرة الفرنسية، اذا كان سيقصي ‏فعلا من دفع ويدفع الثمن ‏الباهظ لتمسكه بهذه المبادرة في مواجهة المعطلين، أي الرئيس المكلف سعد ‏الحريري‎.‎‎

وإذ سارعت مصادر ديبلوماسية فرنسية الى ابلاغ مراسل "النهار" في باريس ‏سمير تويني ان لودريان سيلتقي ‏خلال زيارته الرئيس الحريري، فان ذلك لم يكف ‏بعد لتبديد التساؤلات العالقة حول مجمل مهمة لودريان وربما ‏تتضح الصورة في ‏الساعات المقبلة. لكن جوهر الزيارة يتمثل في مسألة العقوبات التقييدية التي سيأتي ‏لودريان ‏متسلحاً بها كآخر الدواء في مواجهة شريحة واسعة ولكن غير محددة من ‏السياسيين الذين يتردد ان باريس ‏وضعت "اللائحة السوداء" باسمائهم لجهة ‏تورطهم في إعاقة تشكيل الحكومة الجديدة او التورط في الفساد. ‏وطرحت بإزاء ‏هذا التطور تساؤلات جدية عن مفعول لجوء فرنسا الى سلاح العقوبات وما اذا ‏كانت الزيارة - ‏الإنذار الأخير للودريان لبيروت ستؤدي الى دفع تشكيل الحكومة ‏وتحقيق اختراق للمبادرة الفرنسية ام العكس ‏بمعنى تفجير سياسي واسع يطيح ‏الهدفين. فالتسريبات المسبقة لقصر بعبدا عما سيبلغه إلى لودريان تنبئ ‏بتصعيد ‏وليس بتسهيل من منطلق الهجوم المتمادي على الحريري. كما ان أجواء ‏بيت الوسط توحي بتحفز لاحتمالات ‏سلبية اذا مضى التعطيل والتعقيد بعد زيارة ‏لودريان‎.‎‎

‎"‎ورقة خيارات‎"‎

وبحسب مراسل "النهار" في باريس فان فرنسا تسعى من خلال هذه الزيارة الى ‏زيادة الضغط على النخبة ‏السياسية، متسلحة هذه المرة باجراءات عقابية بغية ‏اخراج لبنان من المازق السياسي الراهن عبر الرافعة ‏الاوروبية التي تتحاور حول ‏ما سمي بـ "ورقة خيارات". وتسعى المجموعة الاوروبية وفق مصادر ‏ديبلوماسية ‏فرنسية بناء على طلب فرنسي والماني الى اتخاذ تدابير لوقف التدهور، ‏بعد ان ازداد الوضع سوءا. فحضرت ‏امانة سر الاتحاد الاوروبي ورقة عمل حول ‏الخيارات المتوفرة لرفعها الى وزراء الخارجية لاتخاذ القرار ‏المناسب قبل ‏تصديقها من اجتماع اوروبي على المستوى الرئاسي في اوائل شهر حزيران ‏المقبل. وما زالت ‏المداولات مفتوحة داخل الاتحاد الاوروبي. وتتضمن الورقة وفق ‏المصادر الديبلوماسية افكارا حول الحوافز، التي ‏تتمحور حول مساعدات مالية ‏واقتصادية وحث الادارة اللبنانية على التعاون مع صندوق النقد الدولي ‏والتهديدات، ‏اي اجراءات عقابية، بعبارة اخرى "جزرة وعصا‎".‎‎

وقد تصل هذه الاجراءات الى فرض عقوبات في حال استمرار الطبقة السياسية في ‏المراوحة والتعطيل. وتكثفت ‏المشاورات داخل المجموعة الاوروبية بهدف التوصل ‏الى "نظام عقوبات خاص بلبنان" يحدد الاطر القانونية ‏للتحرك لمكافحة الفساد ‏وارتكاب المجازر وسوء استعمال المال العام والاصول المكتسبة بشكل غير ‏شرعي. غير ‏ان المداولات ما زالت مستمرة، لوجود مواقف متفاوتة داخل الاسرة ‏الأوروبية. وسيوضح الوزير الفرنسي ان ‏الاجراءات الفرنسية لن تكون محصورة ‏بفريق سياسي معين وانه منذ طرح الرئيس ماكرون خريطة الطريق، ‏تعمل باريس ‏على المساعدة وتسهيل التوصل الى حل كحكم وليس كطرف‎.‎‎

وفي هذا السياق، بدا واضحاً دخول الروس بقوة على خط الازمة واكدوا ذلك اخيرا ‏اثناء استقبالهم رئيس"التيار ‏الوطني الحر" جبران باسيل حيث تولى نائب وزير ‏الخارجية ميخائيل بوغدانوف ملف المشاورات التي ‏اجريت مع باسيل الذي لم يلتق ‏وزير الخارجية سيرغي لافروف الا الى طاولة الغداء فقط‎.‎

وكان بوغدانوف قبل لقاء باسيل، قد زار باريس وتناول الملف اللبناني الشائك ‏مطولاً مع مستشار الرئيس ‏الفرنسي باتريك دوريل. وتردد انه لمس منه غضب ‏الاليزيه على المسؤولين اللبنانيين لكن مع تمييز في ما بينهم ‏في تحمل مسؤوليات ‏تأخيرالحكومة. ولم يخف الجانبان الروسي والفرنسي انزعاجهما الشديد من ‏الافرقاء ‏اللبنانيين جراء ممارستهم كل هذه المماطلة الطويلة. وعلم ان دوريل قد ‏أبلغ بوغدانوف بأن مستوى العقوبات التي ‏ستفرضها فرنسا على سياسيين لبنانيين ‏لن تصل الى درجة قاسية وقد تتبعها اشكال اخرى من تلك التي تقرر ‏العمل بها. ‏ولم يعارض الروس فرض مثل هذه القيود اذا كانت تساهم في الاسراع في تشكيل ‏الحكومة‎.‎‎

ولفت على الصعيد السياسي الداخلي امس بيان المكتب السياسي لحركة "أمل" الذي ‏دعا إلى "ضرورة التقاط ‏فرصة التمسك بالمبادرة الفرنسية وحضور وزير خارجية ‏فرنسا إلى بيروت للدفع بها، باعتبارها الخيار ‏الانقاذي الوحيد المُتاح والذي في ‏حال الاستمرار بتعطيله، يُعرّض المزيد من مصالح لبنان وعلاقاته وسمعته ‏الدولية ‏إلى مخاطر جمّة" . وشدد على "إن الوقت يضيق أمام أصحاب المناورات وطرح ‏الشروط واستيلاد ‏العوائق والعراقيل‎ ".‎

‎ ‎عودة المفاوضات

في غضون ذلك ترأس رئيس الجمهورية ميشال عون امس، اجتماعاً في قصر ‏بعبدا لأعضاء الفريق اللبناني الى ‏المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية ‏الجنوبية بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون‎ .‎

‎ ‎وقد زوّد الرئيس عون أعضاء الوفد المفاوض بتوجيهاته، مشدداً على "أهمية ‏تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين ‏والانظمة الدولية، وكذلك على حق لبنان في ‏استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة". ولفت الى ‏ان" تجاوب ‏لبنان مع استئناف المفاوضات غير المباشرة برعاية الولايات المتحدة الاميركية ‏واستضافة الامم ‏المتحدة، يعكس رغبته في ان تسفر عن نتائج ايجابية من شأنها ‏الاستمرار في حفظ الاستقرار والامان في المنطقة ‏الجنوبية‎ ".‎

وفي المقابل اعلنت الحكومة الإسرائيلية استئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية ‏مع لبنان اليوم الثلثاء في قاعدة ‏اليونيفيل في الناقورة. وأكدت "أن مفاوضات رأس ‏الناقورة تبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود ‏البحرية مع لبنان‎ ".‎




النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 أيار 2021 08:14