13 حزيران 2021 | 13:28

أخبار لبنان

المطران عودة: أين الدولة من قرار فردي لرئيس حزب يلزم الدولة كلها؟

المطران عودة: أين الدولة من قرار فردي لرئيس حزب يلزم الدولة كلها؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في ‏كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.‏

بعد الإنجيل، قال في عظته: "دستور الإيمان الذي سنتلوه بعد قليل، وضعه آباء المجمعين ‏المسكونيين الأول (325) والثاني (381)، وقد جاء ردا على الهرطقات التي حامت حول ‏المجتمع المسيحي وإيمانه، وخصوصا في ما يتعلق بشخص ابن الله، يسوع المسيح، وبالروح ‏القدس، ومساواة الأقانيم الثلاثة في الجوهر. لقد جاء عمل آباء الكنيسة على مر العصور ‏متكاملا، لذلك حددوا الإيمان والعقائد وسلموها لنا "تسليما جليا" على حسب ما سمعنا في تراتيل ‏صلاة سحر اليوم. الكنيسة، منذ نشأتها، تعمل بتكامل، سعيا إلى الكمال بيسوع المسيح. على ‏عكس العالم، وحكام العالم، الذين نسمعهم دائما ينتقدون ويخونون بعضهم بعضا، ولهذا السبب لن ‏يصلوا ببلادهم إلى أي بر أمان. لماذا؟ لأنهم يسعون إلى إبراز أنفسهم كاملين، خالين من العيوب، ‏قائمين بواجبهم، فيما هم يعملون لمصالحهم ومكاسبهم. مرض الأنا تجذر بحكامنا. لو تكاتف ‏مسؤولونا، المسيحيون منهم قبل سواهم، لكان بلدنا رائدا في شتى المجالات. المطلوب يد واحدة ‏تعمل للخير العام، وهكذا يصل الكل، مسؤولون ومواطنون، إلى جمهورية فاضلة هدفها كرامة ‏الإنسان أولا".‏

وسأل: "ألا يزعج أحدا مشهد الذل المتنقل في كل مكان؟ عند محطات المحروقات، في الأفران ‏والصيدليات والسوبرماركت؟ لقد وصل اليأس بالشعب إلى حد القرف. الهراطقة اعتمدوا قديما ‏على جهل الناس بالإيمان، فقاموا ببث سمومهم، إلى أن جاء الآباء القديسون وثقفوا الشعب ‏إيمانيا، عندئذ استتبت الأوضاع في الكنيسة. اليوم، لدينا من يسمم حياة الشعب، ونحن بحاجة إلى ‏من يرفع الظلم عنهم ويبث فيهم روح التفاؤل والأمل لئلا يضيع الناس وقد ضاع البلد. لذا أدعو ‏المسؤولين إلى التجول في شوارع العاصمة ليلمسوا حقيقة ما وصل إليه اللبنانيون من تعاسة ‏وضيق وقرف. طوابير السيارات حول المحطات، المرضى يستعطون الدواء، مرضى غسيل ‏الكلى مهددون بالموت، الأطباء يستغيثون، المستشفيات مهددة بالإغلاق، ونحن على أبواب كارثة ‏صحية، وفي المقابل هناك من لا سيارة لديه، ولا سقف، ولا قيمة لصحته لأنه يفتش في القمامة ‏على ما يسد به رمقه".‏

أضاف: "فخامة الرئيس، أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم أن انزل إلى الشارع ‏واستمع إلى شعبك وعاين الذل الذي يعيشه. هل تقبل أن يموت إنسان جوعا أو مرضا في ‏عهدك؟ هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟ هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن ‏يضمحل لبنان في عهدك؟ والدعوة عينها موجهة إلى رئيس الحكومة المستقيل منذ أشهر طويلة ‏ولم يقم مع حكومته بأدنى واجبات الحكومة، ولم ينفطر قلبه وجعا على حال اللبنانيين، وإلى ‏الرئيس المكلف المطلوب منه التعالي عن الأحقاد والخصومات، والإسراع في تأليف الحكومة ‏رحمة بالوطن والمواطنين، وإلى رئيس مجلس النواب ونواب الأمة ربما يدركون حجم الكارثة".‏

وتابع: "لجميع المسؤولين والزعماء نقول باسم الشعب: إذا أردتم أن تتقاتلوا أو تتنازعوا ‏وتتشاتموا فأنتم أحرار، إنما قوموا بذلك بعيدا من حياتنا ومستقبل أولادنا ، واتركونا نعيش بسلام ‏وكرامة. وإلا تناسوا خصوماتكم وادفنوا أحقادكم وقوموا بواجبكم. ألا يستحق لبنان تنازلا ‏وتضحية؟ هل بسبب وزير أو حقيبة يدمر وطن وينحر شعب؟ هل تقبلون أن يموت عزيز عليكم ‏جوعا أو مرضا أو يأسا وأنتم تتقاتلون على ملك زائل؟ كفى اغتيالا لهذا البلد الجميل وهذا الشعب ‏العزيز. كفى جشعا وكبرياء وتعنتا. إرحموا هذا البلد وشعبه. عندما نسمع أن نائبا في البرلمان ‏البريطاني استقال لأنه تأخر عن موعد الاجتماع، وأن وزير الصحة في الأردن استقال بسبب ‏وفاة أشخاص جراء نقص الأوكسجين، أخجل من حكام يصيب بلدهم ما أصاب لبنان وهم لم ‏يتنحوا خجلا واعتذارا من الشعب، بل لم يحركوا ساكنا لتحسين الوضع ووقف الاستنزاف. ربنا ‏يسوع المسيح دفع دمه الثمين لإنقاذ الإنسان الخاطىء، وعبيده على الأرض لا يضحون ‏بمكتسباتهم ومصالحهم من أجل إنقاذ بلدهم. ألا يفكرون بأولادهم وأحفادهم الذين سيعيشون في ‏لبنان؟ أم أن بلدا آخر يحملون جنسيته سيأويهم ويحفظ كرامتهم؟ لكن حكم التاريخ بالمرصاد ‏وعدالة السماء أيضا".‏

وسأل: "أين الدولة من قرار فردي لرئيس حزب يلزم الدولة كلها، وماذا تفعل الدولة إذا قرر كل ‏رئيس حزب التفرد بقراراته والتطاول على هيبة الدولة؟ ألم يحن الوقت بعد لتحزم الدولة أمرها ‏وتستعيد قرارها وتفرض هيبتها على الجميع؟"‏

وختم عوده: "دعوتنا اليوم أن نبقى على إيماننا، راسخين على الصخرة يسوع المسيح، وألا نيأس ‏أو ننجر وراء من يريدنا أن نيأس ونفرغ بلدنا. المسيحي كان دائما ينبوعا للأمل، لأن المسيحية ‏مؤسسة على القيامة. فقوموا من موت يأسكم، وعاودوا نشر الأمل، مؤمنين أن المسيح قد قام ‏ونحن حتما قائمون".‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

13 حزيران 2021 13:28