3 تموز 2021 | 15:33

عرب وعالم

مرسوم "مريب".. رئيسي يلغي استقلال نقابة المحامين الإيرانية!‏

فيما يبدو أنها آخر خطواته لتفكيك أي استقلالية متبقية في السلطة القضائية في ‏إيران، أصدر الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، الذي ما يزال يشغل رسميا موقع ‏رئيس الهيئة القضائية العليا في البلاد، مرسوما بلائحة جديدة لتنظيم أعمال اتحاد ‏نقابات المحامين الإيرانيين، الأمر الذي رفضه الاتحاد واعتبره تراجعا استثنائيا لما ‏كان قد حققه منذ عام 1997 في زمن حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.‏

وكانت النقابة الوطنية للمحامين الإيرانيين، المعروفة اختصارا باسم "سكودا"، ‏عقدت اجتماعا للمجلس الأعلى لإدارتها ليلة الجمعة، وأصدرت بيانا تفصيليا للرد ‏على اللائحة التي أصدرتها السلطة القضائية رافضة إياها بشكل كامل، حيث إن ‏‏"الاستقلال هو جوهر كلمة القانون وضرورة الحفاظ على الاستقلالية بين النقابة ‏والسلطة القضائية هو أساس ضمان حقوق المواطنين الإيرانيين، وهذه اللائحة ‏تنتهك وتقيد استقلال نقابة المحامين، وكل المؤسسات وأصول العمل المرتبطة بها".‏

العشرات من المحامين الإيرانيين شرحوا على وسائل التواصل الاجتماعي ‏مضامين اللوائح الجديدة التي أقرها رئيسي، رئيس الهيئة القضائية الرئيس ‏الإيراني المنتخب حديثا، التي قالوا إنها تلغي استقلال النقابة تماما، وتحدث تغيرات ‏على هيكلية النقابة، وفي بعض البنود منه تنهي إمكانية دفاع المواطنين الإيرانيين ‏عن أنفسهم عبر اللجوء للنقابة.‏

لكن الأهم في اللوائح الجديدة، كسر حصرية النقابة كمرجعية لجميع الأمور ‏الخاصة بها، بما في ذلك إصدار وتجديد التراخيص للمحامين المبتدئين أو الذين ‏يعاودون العمل في المهنة، كذلك يرفع عن النقابة مهمة التحقيق في المخالفات التي ‏يرتكبها بعض المحامين، ويسحب الحق المطلق للنقابة بإدارة وتشكيل نفسها من ‏مجموع محامي البلاد، وليس من سلطة خارجهم.‏

بيان المجلس الإداري الأعلى لنقابة المحامين الإيرانيين أشار في تفاصيله إلى "لا ‏دستورية" اللوائح الجديدة التي يحاول رئيسي فرضها، لأنها حسب البيان "تلغي ‏مبدأ أساسيا للعلاقة بين النقابات والسلطات الحكومية منذ 7 عقود، هو الاستقلال ‏والاختصاص، وهو الأمر الذي أقره حتى الدستور الإيراني المطبق راهنا"، حيث ‏إن "المادة 35 منه تنص على أن النقابات المهنية موكلة لأن تدير شؤونها وتشيد ‏هياكلها وتقر قوانينها الداخلية بنفسها، من دون تدخل من المؤسسات الأخرى".‏

الناشط المدني والحقوقي الإيراني أزمور سياهي شرح في حديث مع موقع "سكاي ‏نيوز عربية"، أهداف قرار الرئيس المنتخب من وراء إصدار هذه اللائحة الأخيرة ‏لتنظيم عمل نقابة المحامين الإيرانية، قائلا: "في الوقت الفاصل بين مغادرة رئيس ‏للهيئة القضائية العليا في البلاد وتولي آخر، وفي موجة إعادة تشييد السلطة بشكل ‏كلي في البلاد، فإن المؤسسة القضائية تسعى لفرض هذه اللائحة، حتى لا يحدث ‏مزيد من المناقشات والمتابعات للموضوع، الذي قد يمتد إلى غيرها من النقابات ‏المهنية، بالذات النقابات المهنية الاقتصادية التي تُصعّد منذ فترة حملات مقاطعتها ‏وإضرابها عن العمل، رغم ارتباط قياداتها مع السلطة الحاكمة".‏

ونقابة المحامين الإيرانيين واحدة من أقدم المؤسسات المدنية النقابية في المنطقة، ‏وكان الباحثون التاريخيون يعتبرونها واحدة من منجزات الثورة الدستورية ‏‏"المشروطية" الإيرانية 1905-1906.‏

وبقيت المؤسسات والهياكل القضائية الإيرانية تتراوح بين نمطها التقليدي والنماذج ‏المؤسساتية الحديثة، إلى أن تم تأسيس النقابة الوطنية للمحامين الإيرانيين، عبر ‏قرار من مجلس الأمة الإيرانية عام 1931، في عهد الشاه رضا بهلوي.‏

لكن نقابة اتحاد المحامين الإيرانيين أخذت الحيز الأكبر من استقلاليتها أثناء سنوات ‏تولي الشخصية السياسية الإيرانية البارزة محمد مصدق لمنصب رئاسة الوزراء في ‏إيران أوائل الخمسينات من القرن المنصرم، بالذات لأن الشاه محمد رضا بهلوي لم ‏يكن يمارس صلاحياته بشكل فعلي، مما سمح للنقابة بالحصول على مزيد ‏الامتيازات والحقوق وإمكانية الإدارة المستقلة لذاتها.‏

لكن إطاحة بهلوي عام 1979 وتولي الخميني السلطة في البلاد، أحدث مضايقات ‏استثنائية بالنسبة للنقابة، حيث صدر قرار بإغلاقها وسُجن العديد من أعضاء ‏مجلس إدارتها، وألغيت آلاف التراخيص الممنوحة بعمل المحامين في البلاد.‏

وحينما تمت إعادة افتتاح النقابة بعد سنوات من ذلك، كانت السلطة القضائية تُعين ‏مشرفين على مجلس إدارة النقابة.‏

وفي أوائل عهد خاتمي عام 1997، أعيدت للنقابة سلطة انتخاب مجلس إدارتها من ‏بين كتلة المنتمين إليها، وإن كان ذلك تحت رقابة وضغوط الأجهزة الأمنية في ‏البلاد، حسبما ذكرت المحامية الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل لحقوق الإنسان ‏شيرين عبادي أكثر من مرة، خلال دفاعها عن الحق في استقلال النقابة.‏

ويخشى المراقبون للأوضاع الداخلية الإيرانية أن تؤدي المواجهة الحالية بين نقابة ‏المحامين والسلطة القضائية في البلاد إلى إلغاء النقابة تماما، لأن السلطة الحاكمة ‏تعمل منذ سنوات على تشييد جهاز تابع لها يعمل بمثابة "نقابة للمحامين" تحت ‏مسمى "مركز المحامين والخبراء والمستشارين الأسريين للقضاء"، الذي يحدد ‏عددا من الشروط السياسية والعقائدية والسلوكية على المنتمي إليها، على رأسها أن ‏يؤمن بولاية الفقيه وأن يحصل على موافقة من الأجهزة الأمنية، وليس فقط ‏الخصائص المهنية كما تفعل عادة النقابات في مختلف أنحاء العالم.‏




سكاي نيوز عربية 


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 تموز 2021 15:33