8 تموز 2021 | 09:10

أخبار لبنان

الراعي يستعجل التأليف في "ربع الدقيقة" الأخير ‏

‏كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: بعدما تيقّن القاصي والداني أنّ الطاقم الحاكم تتملّكه نوازع ‏انتحارية في قيادة دفة المركب اللبناني، متجاهلاً كل نداءات الاستغاثة التي يطلقها شعبه ومتعامياً ‏عن كل رسائل الإنذار والتحذير التي يوجّهها الأشقاء والأصدقاء... يبدو أنّ المجتمع الدولي قرّر ‏تلقف زمام المبادرة ودفة المسؤولية بنفسه بعد أن تخلى عنها أهل الحكم في لبنان، فاستنفر ‏طواقمه الديبلوماسية في بيروت وأدار محركاته لقيادة الشعب اللبناني نحو ضفة آمنة تنأى به ‏وباحتياجاته الحيوية عن أمواج السلطة المتلاطمة.‏

بالمبدأ، لو أنّ لدى أركان الحكم اللبناني ذرّة حياء لكانوا دفنوا رؤوسهم "تحت سابع أرض" ‏لمجرد سماع هذا الكمّ غير المسبوق من البهدلات التي تنهال عليهم يومياً من عموم اللبنانيين ‏والديبلوماسيين، لكنهم عوضاً عن ذلك آثروا الاستمرار في سياسة "دفن الرؤوس في الرمال" ‏والانفصام عن الواقع، الأمر الذي لم يترك خياراً أمام الدول المعنية بالملف اللبناني سوى التداعي ‏لإنشاء "كونسولتو" ديبلوماسي في ما بينها لتدارس الطرق الآيلة إلى اتخاذ خطوات مشتركة ‏تحول دون انفجار صاعق القنبلة الاجتماعية والمؤسساتية العسكرية والأمنية على الساحة ‏اللبنانية.‏

وتحت هذا العنوان، تقاطعت التصريحات والتحركات الأميركية والفرنسية والإيطالية والأممية ‏خلال الساعات الأخيرة تزخيماً لقنوات التواصل في ما بين المجتمعين الدولي والعربي على نية ‏البحث في سبل إنقاذ اللبنانيين... لكن وعلى قاعدة "لا برحمك ولا بخلّي ألله يرحمك" استنفر ‏‏"حزب الله" مقدمة نشرة "المنار" المسائية لتوجيه صلية من المواقف العدائية تجاه السفيرتين ‏الفرنسية والأميركية معتبراً أنّ تحركهما يجسد "انتداباً سياسياً بكل وقاحة" على البلد، ومشبّهاً ‏إعلانهما الذهاب إلى الرياض لنقاش كيفية مساعدة لبنان بذهاب "مندوب سامٍ لدولة الانتداب ‏للتفاوض باسم أو على الدولة المنتدَبة".‏

وكانت السفارتان الأميركية والفرنسية قد أعلنتا في بيانين منفصلين متزامنين توجّه السفيرتين ‏دوروثي شيا وآن غريو اليوم الى المملكة العربية السعودية للقاء عدد من المسؤولين السعوديين، ‏في سياق ترجمات الاجتماع الثلاثي الذي عقد في إيطاليا نهاية الشهر الفائت حول لبنان بين ‏وزراء الخارجية الأميركية والسعودية والفرنسية. وأوضحت شيا أنها تعتزم إثارة مسألة "خطورة ‏الوضع في لبنان وأهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني وزيادة دعم الجيش وقوى الأمن ‏الداخلي" خلال اجتماعاتها في السعودية، مع الإشارة إلى مواصلة العمل على "تطوير ‏الاستراتيجية الديبلوماسية للدول الثلاث (أميركا - فرنسا - السعودية) التي ترتكز على تشكيل ‏الحكومة وحتمية إجراء الإصلاحات العاجلة والأساسية التي يحتاجها لبنان بشدة".‏

كما أضاءت غريو في بيانها على نتائج الاجتماع الثلاثي الذي خلص في ضوء "عجز القادة ‏السياسيين اللبنانيين عن تغليب المصلحة العامة للبنان على مصالحهم الخاصة" إلى الاتفاق على ‏‏"ضرورة أن تعمل فرنسا والولايات المتحدة معاً لإخراج لبنان من الأزمة"، مشيرةً إلى أنها ‏ستشرح خلال لقاءاتها مع المسؤولين السعوديين أنه "من المُلحّ أن يشكل المسؤولون اللبنانيون ‏حكومة فعالة وذات مصداقية تعمل بهدف تحقيق الإصلاحات الضرورية لمصلحة لبنان، وفقا ‏لتطلعات الشعب اللبناني، وستعرب مع نظيرتها الأميركية عن رغبة فرنسا والولايات المتحدة في ‏العمل مع شركائهما الإقليميين والدوليين للضغط على المسؤولين عن التعطيل"، وسط التشديد في ‏الوقت عينه على "ضرورة تقديم مساعدات إنسانية مباشرةً للشعب اللبناني وللقوات المسلحة ‏اللبنانية ولقوى الأمن الداخلي".‏

تزامناً، وعلى وقع توجيه الخارجية الأميركية دعوة متجددة إلى "القادة اللبنانيين لإظهار ليونة ‏لتشكيل حكومة تطبق إصلاحات لإنقاذ الاقتصاد المتدهور"، وصل منسق المساعدات الدولية من ‏أجل لبنان السفير بيار دوكان إلى بيروت أمس للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين في إطار التمهيد ‏لمؤتمر الدعم الإنساني للبنان الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. في وقت استرعى ‏الانتباه أمس اتصال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بنائبة رئيس حكومة تصريف ‏الأعمال زينة عكر، مبدياً خلال الاتصال "قلقه من الوضع في لبنان"، ومؤكداً "ضرورة تشكيل ‏حكومة في أسرع وقت ممكن للحفاظ على إستقرار وأمن لبنان".‏

كما نبّه وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني خلال تقديمه إحاطة برلمانية بشأن مشاركة ‏إيطاليا في المهمات العسكرية الدولية إلى أنّ "لبنان ما يزال يمر بواحدة من أعمق أزماته ‏الاقتصادية والاجتماعية، حيث لا مفرّ من قيام حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات"، لافتاً إلى ‏أنّ "الجيش اللبناني يحتاج اليوم إلى دعم عاجل وفوري من جانب المجتمع الدولي". بينما شدد ‏وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو على أن "دور المجتمع الدولي ‏ضروري لعكس الديناميات التي تفاقمت بسبب العديد من الأزمات المتداخلة" في لبنان.‏

وفي الغضون، لا يزال الملف الحكومي عالقاً بين ضفتي التكليف والتأليف بانتظار "خطوة ‏مرتقبة قريباً" من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تحسم مسار الأمور والاتجاهات، وفق ‏ما نقلت مصادر مواكبة للملف الحكومي، مشيرةً إلى أنّ الحريري وضع أعضاء كتلته النيابية في ‏أجواء "العناوين العريضة لخياراته في هذه المرحلة تحت وطأة استحكام النهج التعطيلي في أداء ‏العهد وتياره وإجهاضهما كل المحاولات والمبادرات الآيلة إلى تأليف حكومة إنقاذية من ‏الاختصاصيين".‏

وتوازياً، وجّه البطريرك الماروني بشارة الراعي من منبر قصر بعبدا أمس رسالة مباشرة إلى ‏الرئيس المكلف حثّه فيها على "أن يعجّل بأسرع ما يمكن في تأليف الحكومة مع فخامة رئيس ‏الجمهورية، وفق روح الدستور، لأن كل يوم نتأخر فيه تغرق السفينة أكثر فأكثر". وإذ كرر ‏بلباقة كلامه من روما حيث لم يستثن رئيس الجمهورية ميشال عون من مخالفة الدستور قائلاً ‏رداً على استفسارات الصحافيين في قصر بعبدا أمس: "الجميع يخالف الدستور، نعم جميعهم ‏يخالف الدستور"، شدد الراعي إثر لقائه عون على أنّ "من أوصلنا إلى هنا هو عدم وجود ‏حكومة، فعندما لا تكون هناك حكومة يخرب الاقتصاد والتجارة والسياحة والحياة وتتوقف ‏المصارف والمصالح، وتزيد الهجرة والبطالة، وتقفل المحال والمؤسسات"، وأضاف: "الحكومة ‏هي الباب، لكن أين هي؟ ليست موجودة فلا يتم اتخاذ أي قرار والنتيجة أنّ البلد يموت... ونحن ‏لا نقدر بروح المسؤولية الوطنية أن نتأخر "ربع دقيقة" عن عدم التأليف".‏



نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 تموز 2021 09:10