15 تموز 2021 | 07:53

أخبار لبنان

ساعات للاعتذار .. أو لاختراق "عجائبي"؟


كتبت صحيفة "النهار" تقول: ان ينتظر او يتوقع اللبنانيون مفاجأة سارة في الساعات المقبلة من ‏شأنها ان تحمل نهاية سعيدة لمسار تعطيلي بالغ التعقيد حال منذ تسعة اشهر دون ولادة حكومة ‏انقاذية انتظرها العالم بأسره للجم تدحرج لبنان نحو أسوأ مصير عرفه في تاريخه ، فهذا بدا ‏ويبدو اقرب الى المعجزة . اذ ان عناوين المحاولة المستجدة والأخيرة التي شرع رئيس الحكومة ‏المكلف سعد الحريري بها عصر امس عقب عودته فورا من زيارته للقاهرة لم تحمل ما يبعث ‏على توقعات باختراق إيجابي خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة الا اذا برزت معطيات ‏‏"سرية " من صنع دولي في اللحظات الحاسمة وأدت الى تطويل امد المهلة النهائية لمسار تكليف ‏الحريري ودفعته الى فرملة اعلان اعتذاره مساء اليوم ، الامر الذي يبدو مستبعدا .‏

والحال انه بدءا من الساعة الرابعة بعد ظهر امس بدأ حبس الانفاس حيال المحاولة الأخيرة ‏لاعادة احياء مسار تأليف الحكومة بعدما بلغت الضغوط الداخلية المتأتية من كوارث الازمات ‏المتهاطلة على رؤوس اللبنانيين والضغوط الخارجية الكثيفة والمتعاظمة التي تذكر بحقبات ‏استقطاب المحن والأزمات اللبنانية لتدخلات الدول ذروة غير مسبوقة . هذا العد العكسي شابته ‏إشارة سلبية اولى حين لم تتبدل صورة الشكليات التي طبعت اللقاءات السلبية السابقة بين رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري اذ لم يدم اللقاء الا نصف ساعة . ‏ثم ان الوضع الطارئ اكتسب بعدا مختلفا عن السابق حين قرن الحريري اعلان تقديمه تشكيلة ‏الـ24 وزيرا استنادا الى معايير المبادرة الفرنسية ومبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري باعلانه ‏طلب تبلغ موقف رئيس الجمهورية اليوم "ليبنى على الشيء مقتضاه" ، بما عكس مدى الجدية ‏الحاسمة في توجه الحريري نحو حسم خياراته في الساعات المقبلة بعد تبلغه موقف عون . اما ‏في المقلب الاخر فبدا واضحا ان بعبدا امتعضت من اعلان الحريري تحديد مهلة لرئيس ‏الجمهورية لتبلغ موقفه ربما عبر عن ذلك عون حين أجاب الصحافيين عن سؤالهم عن المهلة ‏مبتسما "بيؤمر". وعلى رغم تجاهل بعبدا التعليق رسميا على المهلة الا انها سارعت الى كشف ‏موقفها السلبي الأولي من تشكيلة الحريري الجديدة معتبرة ان تشكيلة الحكومة تتضمن أسماء ‏جديدة وتوزيعا جديدا للحقائب "مختلفا عما كان تم الاتفاق عليه سابقا" وانها ستكون "موضع ‏دراسة وتشاور ليبنى على الشيء مقتضاه ".‏

في أي حال وعلى رغم المؤشرات السلبية المذكورة لم تستسلم أوساط مواكبة لهذه المحاولة امام ‏استبعاد نشؤ أي عامل يمكن ان يحول دون انهيارها نهائيا اليوم خصوصا ان الحريري قدم ‏تشكيلة يتعين النظر الى كونها قد تكون مادة جيدة للحوار اقله في حال ابدى عون مرونة ملحوظة ‏واستعدادا لتبديل موقفه السابق من كل ما عرضه عليه الحريري منذ تسعة اشهر . يضاف الى ‏ذلك ، وفق هذه الأوساط ، انه يصعب تجاهل الضغط التصاعدي الدولي على لبنان لتشكيل ‏حكومة وهو ضغط تختصره بقوة فرنسا ومصر في المقام الأول كما روسيا الدافعة بقوة مماثلة ‏الامر الذي جعل هذه الدول بمثابة حاضنات للواقع اللبناني نيابة عن المجتمع الدولي . فكيف ‏سيكون عليه الوضع اذا اطيح بكل ذلك اليوم او في الساعات المقبلة وصارت البلاد امام ازمة ‏حكم هذه المرة وليست ازمة حكومية فقط ؟

وكان الرئيس الحريري اكتفى بعد زيارته قصر بعبدا عصر امس ولقائه الرئيس عون بالقول " ‏قدمت لفخامة رئيس الجمهورية تشكيلة حكومية تضم 24 وزيرا من الاخصائيين بحسب المبادرة ‏الفرنسية ومبادرة الرئيس نبيه بري. وبالنسبة الي فان هذه الحكومة بإمكانها النهوض بالبلد والبدء ‏بالعمل جديا لوقف الانهيار وتمنيت جوابا من فخامة الرئيس غدا لكي يبنى على الشيء مقتضاه. ‏لقد مرت تسعة اشهر على محاولات تشكيل الحكومة والان جاء وقت الحقيقة وباذن الله غدا ‏سنعرف ".‏

ولاحقا اصدر المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية بيانا جاء فيه ان "الرئيس عون تسلّم من ‏رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومية تتضمن اسماء جديدة وتوزيعاً جديداً ‏للحقائب والطوائف مختلفاً عمّا كان الاتفاق عليها سابقاً. وطلب الرئيس الحريري من الرئيس ‏عون جواباً عنها قبل ظهر غد الخميس".‏

أضافت " الرئيس عون أبلغ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري انّ التشكيلة المقترحة بالأسماء ‏الواردة فيها وبالتوزيع الجديد للحقائب ستكون موضع بحث ودراسة وتشاور ليُبنى على الشيء ‏مقتضاه ".‏

بين "المستقبل" وبعبدا

وقالت مصادر تيار "المستقبل" لـ"النهار" ان التشكيلة التي قدمها الحريري لا يمكن رفضها لانها ‏تراعي التوازنات وتتوافق مع المبادرة الفرنسية واعتبرت انه لا جدوى من الانتظار اكثر من 24 ‏ساعة فنحن في حاجة الى حكومة مهمة الان .‏

ولكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا، قالت ان الرئيس الحريري جاء بتشكيلة مكتملة من 24 ‏وزيراً ادخل فيها تعديلات في الاسماء وفي التوزيع الطائفي كما ادخل عليها اسماء جديدة، وهو ‏سمى لوزارة الداخلية وزيراً سنياً بعدما كان متفقاً ان تكون لمسيحي ، وكانت الخارجية للدروز ‏واعطاها في التشكيلة الجديدة لماروني ووزارة الدفاع كانت لماروني واعطاها لارثوذكسي. وهذه ‏التعديلات في المواقع المسيحية وبعض المواقع الاسلامية لم تكن من ضمن التوزيعة المتفق عليها ‏سابقاً.‏

أضافت ان رئيس الجمهورية سأل عن الاسماء الجديدة في التشكيلة لاسيما وانه لا يعرف أحداً ‏منها. واشارت ان الرئيس الحريري لم يتشاور مع رئيس الجمهورية لا في الاسماء ولا في توزيع ‏الوزارات رغم ان الدستور ينص على ان يتم التأليف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، فضلا عن ‏انه يفرض عليه خلافا للدستور والمنطق مهلة 18 ساعة في سابقة خطيرة وغير مقبولة.‏

وتستنتج المصادر ان الحريري بطريقة طرحه التشكيلة دون التشاور مع احد وكانه يقول لرئيس ‏الجمهورية هذه تشكيلتي ‏take it or I leave itوتقول المصادر ان الحريري لم يبد مرونة في ‏التسهيل والتعاون في عملية التأليف وكأنه يفرض تشكيلته بهذه الطريقة على رئيس الجمهورية .‏

وتشير المصادر الى ان الحريري في تشكيلته يسمي شخصيات كان رفضها رئيس الجمهورية في ‏الصيغة الاولى وكأن في ذلك نية بعدم التسهيل وبعدم التعاون ليضع رئيس الجمهورية امام أمر ‏واقع بالقبول او الرفض وتالياً تحميله مسؤولية عدم ولادة الحكومة . وطلب منه جواباً على ‏التشكيلة ظهر الخميس وكان جواب رئيس الجمهورية انه قد يحتاج مزيدا من الوقت للتشاور ‏وللتعرف الى الاسماء الجديدة .‏

وطلب من الحريري ترك التشكيلة لديه ليتشاور بشأنها دون ان يعد باعطاء الجواب اليوم.‏

وليلا جرى تسريب الكثير من الأسماء قيل انها ضمن التشكيلة ومنها خالد حمود للداخلية ‏وأنطوان شديد وفاديا كيوان للخارجية للدفاع ومارك غريب للعدل وكارول عياط للطاقة ويوسف ‏خليل للمال ومارون حلو للأشغال ولميا مبيض للاقتصاد ووسيم وهبة للزراعة وأخرين .‏

بين فرنسا ومصر

وفي غضون ذلك بدا التحركان الفرنسي والمصري حيال لبنان في ذروتهما اذ تواصلت الحركة ‏الفرنسية الديبلوماسية في بيروت، في موازاة زيارة قام بها الحريري الى مصر حيث تبلّغ دعم ‏القاهرة له ولجهوده في التأليف.‏

واستكمل الموفدَ الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل جولته امس فشملت رئيس الجمهورية ورئيس ‏مجلس النواب وزعماء الأحزاب والكتل الذين شاركوا في لقاء قصر الصنوبر مع الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون لدى زيارتيه للبنان في الصيف الماضي ودعا دوريل الى "الإسراع ‏في تشكيل حكومة جديدة ومباشرة الإصلاحات التي تنادي بها فرنسا والمجتمع الدولي". وقال ‏‏"مؤتمر الدعم بداية الشهر المقبل يدخل في إطار حرصنا على الاستمرار في مساعدة لبنان".‏

في المقابل سمع الحريري من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي "دعمه الكامل لمساره الذي ‏يهدف لإعادة الاستقرار إلى لبنان". وشدد الرئيس المصري على أهمية تكاتف مساعي الأفرقاء ‏في لبنان لتسوية أية خلافات لإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً. وعبّر السيسي عن ‏دعم الحريري في جهود تشكيل الحكومة اللبنانية. من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح ‏شكري للرئيس المكلف: على الأطراف اللبنانية تغليب المصلحة العليا للبلاد على المصالح ‏الضيّقة.‏

وأفادت معلومات أن القاهرة طالبت الحريري بعدم الاعتذار عن تشكيل الحكومة. واشارت الى ‏ان مصر "ستعمل على وضع خارطة طريق لحل أزمة لبنان وستدعو دولاً عربية عدة ‏لاجتماعات تنسيقية حول لبنان". ولفتت المعلومات إلى ان القاهرة ستسعى الى إنشاء مجموعة ‏اقتصادية دولية لدعم لبنان، كاشفة ان وفداً مصرياً رفيع المستوى سيزور بيروت قريباً لدعم ‏تشكيل الحكومة. وأبلغت مصر الحريري، وفق هذه المعطيات أنها ستقود حواراً عربياً لدعم لبنان ‏ومنع تصاعد الأمور. كما وأنها ستدعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بشكل كاملً، واتفقت مع ‏الحريري على جدول زمني يتم التشاور فيه لتشكيل الحكومة".‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 تموز 2021 07:53