2 آب 2021 | 08:33

أخبار لبنان

بين الأوّل من آب والرابع منه…‏

الرئيس ميشال سليمان - النهار



الأوّل من آب، يومٌ منير يَلْتَفُّ الشعب اللبناني فيه كلّ عام حول المؤسّسة العسكرية، ‏كذلك يُعبّر المجتمع الدولي عن ثقته بهذه المؤسّسة لأنها جيش الوطن لا جيش ‏النظام، جيش اللبنانيين لا جيش السياسيين وحصصهم، جيش القيَم الإنسانية ‏الحضارية لا جيش السلطة "البوليسية" المُتَسَلّطة …‏

الرابع من آب، أصبح يوم الضمير! ويوم العِبرَة للجميع.‏

عِبرَة مُؤلِمة ودرسٌ قاسٍ، تعلّمنا منهما أن السبيل الأفضل لحماية الأرواح والأرض ‏والمُلكِيّة هو في حسن تطبيق الدستور والقوانين وفي القيام بالواجبات المنصوص ‏عليها على جميع المستويات، وفي السهر الدؤوب على رصدِ ومراقبة كلّ الأخطار ‏المُحدقة بالوطن والشعب، دون أيّ إهمال !‏

‏"بين الأوّل من آب والرابع منه"… جامِعٌ مُشتَرَك يَتَظهّر بنَهرٍ من دماء التضحية ‏الزكيّة، دماء شهادة العسكريين وتضحيات المواطنين، وكلّ من روى تراب الوطن ‏في الضنّية ونهر البارد وفي المواجهات مع العدوّ الإسرائيلي، كما في الاغتيالات ‏السياسية والعسكريّة وفي التفجيرات المُدمّرة، أمّا أفظعها لُبنانيًا وعالمِيًا فانفجار ‏مرفأ بيروت، إرهابيَةً كانت أسبابه أم غير ذلك .‏

بين الأوّل من آب والرابع منه… فَرقٌ شاسع بين الرصانة والتفاني والقيام بالواجب ‏وبين المضِيّ في عدم تطبيق الدستور بل حتّى في انتهاكه والإطاحة بالاستحقاقات ‏التي ينصّ عليها، الإطاحة بالانتخابات النيابية العامة والفرعيَة وبالانتخابات ‏الرئاسيّة والبلدية … ‏

والفراغ القاتل الذي أدّى الى كوارث ليس أوّلها دخول "داعش"، تمامًا في مثل هذا ‏اليوم، وخطف وقتل عسكريين في جرود عرسال في فترة الفراغ الرئاسي، وليس ‏آخرها افراغ نيترات "المجزرة" في العنبر الرقم 12 في الفترة نفسها … أضِف ‏أيضًا التمديد وتصريف الأعمال وفق اجتهادات لا تمتّ الى منطق الدولة ورجالاتها ‏بصلة، إضافة إلى الفساد المستشري ماليًا وإداريًا والناتج عن الفساد الأكبر في ‏السياسة!…‏

بين الأوّل من آب والرابع منهِ… تُخِلُّ الدولة بالتزاماتها ولا تُنَفّذ ما أخذته طوعًا ‏على ذاتها من تعهّدات! ليس أوّلها الامتناع عن تسديد الدين ولا حتّى التفاوض مع ‏الدائنين، وليس آخرها التنكّر لتحييد لبنان الذي تبنّته الأمم المتّحدة والجامعة العربية ‏والاتّحاد الأوروبي والدول الصديقة عندما تبنّت جميعها "إعلان بعبدا"… كما ‏أخطأت الدولة في التنصّل من وضع استراتيجية دفاعية تحدّثنا عنها منذ العام ‏‏2006 ! لقد نقضنا تعهداتنا ونكسنا بوعودنا وأحكمنا عزلتنا الدولية .‏

بين الأوّل من آب والرابع منه… اختلافٌ واضح بين قوّة وحكمة ورصانة القيادة ‏وبين الابتعاد عن وحدة القرار الأمني والسياسي وتماهي الدولة مع دويلات صار ‏بعضها أقوى منها! بين التاريخين انحياز أفرقاء الى أحد محاور الصراعات ‏ومعاداة الدول الشقيقة والصديقة والاساءة الى بعضها… بينهما حصرية امتلاك ‏السلاح وعناصر القوّة وضبط الحدود البرّية والبحريّة ومنع إقامة منطقة عازلة ‏‏(وفق إعلان بعبدا أيضًا) تصدّيًا لتنقّل المسلحين ولتهريب المواد الخطرة وتلك ‏الحياتية المدعومة من حسابات المواطنين ومن جناهم وشقاهم ولقمة عيشهم.‏

ختامًا بين الأوّل من آب والرابع منه وما يرمزان اليه …‏

عدالةٌ منقوصة وقضاءٌ مُقيّد !‏

جيشنا، جيشُ شعبٍ قتلَهُ انفجار المرفأ بروحِه ورزقِه، أمّا القضاء فله وعليه أن ‏يحكُم باسم الشعب. رابطٌ وثيق يجمعُ بين القضاء والأمن فلا يتحقّق أحدهما دون ‏الآخر، فعلى القضاء ألّا يتردّد اليوم في محاسبة الجميع متّكِلًا على دعم الشعب ‏ومُتخطّيًا الحصانات والحمايات، والكرة أيضًا عند الجيش والأجهزة الأمنية لتُعطي ‏كل المعلومات التي تملكها حول الفوضى والتسيّب الأمني في المرفأ وعلى المعابر ‏البرية والبحرية وعلى الحدود. هذه الأجهزة مكلّفة من الشعب وعليها أن تضع ‏معلوماتها وإمكاناتها بتصرّف القضاء ليحكم باسم الشعب وباسم الشهداء والجرحى ‏والمنكوبين وباسم صدقية لبنان كي يبقى للقيم الانسانية مكان في وطننا وكي تبقى ‏ربوعنا ملاذا ومرقدا آمنًا...‏

نعم العدالة هي بين عيد الجيش والمآتم "الأعراس" لجميع شهداء المرفأ والوطن.‏

نعم القضاء المستقل هو بين الاول من آب والرابع منه.‏

و"كلّنا يعني كلّنا" عبارةٌ لا بأس في استخدامها إن أدّت إلى شروق الحقيقة ونهوض ‏الدولة.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

2 آب 2021 08:33