11 أيلول 2021 | 08:31

أخبار لبنان

وأخيراً الحكومة… وتسوية نهاية العهد!‏

كتبت صحيفة "النهار" تقول: أغلب الظن ان الغالبية الكبرى من اللبنانيين لم تتمكن ‏أمس من مشاهدة الوقائع التلفزيونية المباشرة ولا حتى المسجّلة لولادة الحكومة ‏الثالثة التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، والحكومة الرابعة في عهد الرئيس ميشال ‏عون، وربما آخر الحكومات في هذا العهد وذلك لسببين اثنين: ازمة الانقطاع ‏الشامل في التيار الكهربائي او انخراط اللبنانيين أينما كانوا في طوابير الذل عند ‏محطات الوقود وعلى الطرق. تبعاً لذلك سيصعب تقدير مدى تلقي اللبنانيين، ‏‏"بغبطة" او بفتور او بتحفظ ورفض او بلامبالاة، لهذا الحدث الذي انتظروه ومعهم ‏المجتمع الدولي بأسره منذ 13 شهراً إلى ان جاءت الولادة المنتظرة أمس مقترنة ‏بواقعية مريرة بين الترحيب بولادة الحكومة التي طال انتظارها والتراجع الملحوظ ‏في سعر الدولار بحيث بلغ سقف الـ 14 ألف ليرة، والبرودة حيال التوقعات التي ‏تواكب تأليفها. ولعلّ أحداً لا ينكر ان الحكومة الميقاتية تضم عدداً من الخبرات في ‏مجالات اختصاص متعددة بما ينسجم نسبياً مع مواصفات الخبراء في مجالات ‏الإصلاح، ولكن لم يغب ابداً الطابع الغالب للحكومة بأنها نتاج تسوية ومحاصصة ‏سياسية واسعة بين القوى المشاركة فيها، بما يعني ان التكنوقراط في تركيبتها هو ‏تكنوقراط سياسي استولدته القوى السياسية والحزبية التي تشارك في محاصصة ‏الحكومة والسلطة، وليس التكنوقراط المستقل الذي كان المطلب الأساسي للمبادرة ‏الفرنسية كما للحراك الاجتماعي الداخلي ففرضت القوى السياسية مجدداً امرها ‏الواقع على الجميع. وإذا كان الرئيس ميقاتي لم يتأخر عن استدراك معرفة ما ‏ينتظره الرأي العام من الحكومة والأولويات الإنسانية الأشدّ الحاحاً للناس التي ‏تحدث عنها ميقاتي دامعاً فور اعلان الولادة، فان الحكومة الوليدة بدت حقيقة حمالة ‏أوجه لجهة ميزان دقيق واكب ولادتها. فأي حكومة بعد 13 شهراً من التعطيل ‏والانهيارات والكوارث والأزمات الدراماتيكية، ستكون أفضل مما كان عليه الوضع ‏في ظل حكومة تصريف اعمال متآكلة. ولكن أي رهان مضخم على حكومة ‏تحاصرها أسرار لم تنجل بعد وتجربة محاطة بالافخاخ يبدو ضرباً من التسرع ‏المحفوف بالمغامرة. لذا ظهرت الحكومة في تركيبتها وتوزع وزرائها على ‏الثمانيات الثلاث وتحت شعار التغني بعدم استحواذ أي فريق على الثلث المعطل، ‏كأنها فعلاً تسوية نهاية العهد تماماً وليست فقط محدودة زمنياً بثمانية أشهر حتى ‏أيار، موعد الانتخابات النيابية المقبلة. واما قصة الثلث المعطل فلم تطو ابداً بعد، اذ ‏طاردت الشكوك العميقة الكثيرين ممن راحوا "ينقبون" في السير الذاتية العلنية ‏وغير العلنية للوزراء الجدد وسط انطباعات غالبة بان رئيس الجمهورية وصهره ‏رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لم يخوضا معارك التعطيل في ‏مواجهة ثلاثة رؤساء مكلفين هم مصطفى اديب وسعد الحريري ونجيب ميقاتي ‏طوال 13 شهرا مع إصرار ثابت على انتزاع الثلث المعطل، لكي يقبلا بسهولة ‏أمس مرور تشكيلة حكومية لا "يختبئ" فيها وزير أو أكثر يؤمن الثلث المعطل ‏المضمر والمقنّع. ثم ما الذي اقنع التيار الوطني الحر فجأة بالتخلي عن عناده بإزاء ‏عدم التصويت للحكومة فصار موافقا على منحها الثقة؟ ولكن هذا الامر متروك ‏للتجربة الاتية مع حكومة ستبدأ تواجه تحديات هائلة من الاثنين المقبل مع الجلسة ‏الأولى لوضع البيان الوزاري وأولوياته الخطيرة.‏

التوزيع السياسي

كيف توزعت حكومة الـ24 وزيراً على القوى السياسية المكونة لها؟

الكتلة السنية المحسوبة على الرئيس نجيب ميقاتي ورؤساء الحكومة السابقين تضم ‏إلى ميقاتي الوزراء بسام مولوي وفراس الابيض وناصر ياسين وامين سلام.‏

الحصة المسيحية المكونة من 12 وزيراً اعطت الرئيس ميشال عون ستة وزراء ‏مع وزير سابع للطاشناق، واعطت المردة وزيرين مارونيين، والحزب السوري ‏القومي الاجتماعي وزيراً ارثوذكسيا هو نائب رئيس الحكومة. اما الوزيران 11 ‏و12 المحايدان فهما من توافق عليهما عون وميقاتي في ساعات المساء والليل ‏عشية اعلان المراسيم وهما السفيرة نجلا الرياشي للتنمية الادارية عن الاقليات ‏وجورج كلاس عن الكاثوليك للشباب والرياضة. وحصل الكثير من الأخذ والرد ‏قبل الاتفاق على هذين الاسمين باعتبار انهما يجب ان يكونا محايدين كلياً وغير ‏مقربين من التيار الوطني الحر او العهد.‏

وقد قامت خلية الاتصالات التي انجزت غربلة الاسماء والتصفيات النهائية ‏للمرشحين بالكثير من الاتصالات الهاتفية المكثفة التي تولاها كل من باسيل ‏والقنصل مصطفى الصلح صهر طه ميقاتي، وذلك في ترجمة للمطلب الفرنسي ‏بقيام هذا التحرك. ولم يكن الرئيس نبيه بري ولا "حزب الله" بعيدين عن هذه ‏الوساطة التي بقيت تتأرجح على حقيبة وإسم حتى ساعات قبل ظهر أمس الجمعة.‏

وتؤكد المصادر الرسمية ما قاله ميقاتي بأن لا ثلث معطلاً لأي فريق ولكن عملياً ‏الوزيران المسيحيان المحايدان جورج كلاس ونجلا عساكر استحصلا على مباركة ‏بعبدا ومن ورائها رئيس التيار الوطني الحر، قبل البتّ باسميهما كوزيرين ملكين ‏في التشكيلة.‏

وبحسب التوزيع السياسي للحكومة:‏

‏- كتلة العهد تضم ستة وزراء مسيحيين: عبدالله بو حبيب وهنري خوري وموريس ‏سليم وهكتور الحجار ووليد نصار ووليد فياض، اضافة إلى وزير سابع للطاشناق ‏جورج بوشكيان والوزير الدرزي عصام شرف الدين.‏

‏- وزيرا المردة وفريد الخازن مارونيان هما جوني القرم وجورج القرداحي.‏

‏- وحصة القومي هي نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي.‏

‏- أما الوزيران المحايدان عساكر وكلاس فقد تم اختيارهما من حيث المبدأ بالتوافق ‏بين عون وميقاتي دون ان يكونا محسوبين على أحد منهما. ورغم الكلام عن ان ‏عساكر (وهي المراة الوحيدة في الحكومة) معروفة بقربها من التيار الوطني الحر ‏تؤكد المعطيات انها مستقلة وعملت سفيرة لدى المنظمات الدولية وقد يكون ‏للفرنسيين يد بترشيحها.‏

الحصة الشيعية توزعت بين وزيرين لحركة "أمل": يوسف الخليل ومحمد مرتضى ‏ووزيرين لـ"حزب الله" هما علي حمية ومصطفى بيرم والوزير الخامس المشترك ‏هو عباس الحاج حسن.‏

أما الوزير الدرزي المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي فهو عباس الحلبي.‏

وبحسب المعطيات ايضا ان الحكومة ما كانت لتولد أمس او لم يلتزم باسيل بمنحها ‏الثقة في مجلس النواب لاسيما وانه شارك بإبداء رأيه بكل الوزراء لاسيما في ‏الحصة الرئاسية او المشتركة مع رئيس الحكومة.‏

ميقاتي

وبعد ولادة الحكومة ادلى ميقاتي بتصريح غلب عليه الطابع العاطفي حيال معاناة ‏الناس وقال: " الوضع صعب ويجب أن نضع يدنا في يد بعضنا ولا شيء كاملاً ‏ولكن نؤكد اننا سنكون فريق عمل بيد واحدة وسنعمل بأمل وعزم". واضاف: أعد ‏اللبنانيين أنني سأتصل بكل الهيئات الدولية لتأمين أبسط أمور الحياة. سنعمل بمبدأ ‏وطني ولسنا مع فئة ضد فئة ولن أفوّت فرصة لدقّ أبواب العالم العربي ويجب أن ‏نصل ما انقطع ولبنان ينتمي إلى هذا العالم العربي وهو فخور بهذا الأمر".‏

وردا على الاسئلة، قال ميقاتي: "دمعتي من القلب ويكفينا جدلاً "ثلث وثلثان" ‏ولنترك السياسة جانباً ونريد العمل وورشة العمل ستكون لتأمين الحد الأدنى ‏المطلوب للناس".‏

اما الرئيس عون فقال في دردشة مع الصحافيين ان هذه " الحكومة أفضل ما يمكن ‏التوصل اليه، وهي قادرة على العمل، وهمومنا تكمن في أولوية حل مشاكل الناس ‏الحالية، وعلينا مسؤوليات كبيرة، وعلينا أن نعمل للخروج من الأزمة الحالية".‏

وقال ان " كلمة جهنم أسيء تفسيرها عن جهل أو عن قصد، عندما سئلت إلى أين ‏واصلين قلت لهم إلى جهنم، ونحن نعيشها اليوم لجهنم، وسنصعد منها ومن هذه ‏الهوة الكبيرة ونحل المشاكل".‏

أصداء

ومع إعلان الحكومة الجديدة بدأ صدور ردود فعل خارجية مرحبة بدءاً بالاتحاد ‏الاوروبي حيث أعلن مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد "ان تشكيل #الحكومة ‏اللبنانية هو مفتاح معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها ‏لبنان"، كما رحّبت وزارة الخارجية المصرية بتشكيل الحكومة برئاسة ميقاتي، ‏مشيرة إلى أنه "لا بد من إفساح المجال أمام الحكومة اللبنانية الجديدة لتحقيق ‏أهدافها وإخراج لبنان من أزمته وفقاً لصلاحياتها الدستورية". من جهته، رحّب ‏الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.‏

ورحب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان ‏ووصفها بانها "خطوة أساسية لاتخاذ إجراءات الطوارئ التي ينتظرها اللبنانيون ‏لاخراج البلاد من الازمة العميقة التي تعيشها " وتمنى التوفيق لرئيس الوزراء ‏نجيب ميقاتي "في مهمته السامية في خدمة الشعب اللبناني " وشدد على ضرورة ‏التزام القادة السياسيين بالالتزامات التي قطعوها على أنفسهم للسماح بتنفيذ ‏الإصلاحات اللازمة لإعداد مستقبل لبنان وتمكين المجتمع الدولي من تقديم ‏المساعدة الحاسمة له".‏

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الإعلان عن تشكيل الحكومة ‏اللبنانية "خطوة مهمة جدا" وامل ان "يكون رئيس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي ‏قادراً على تجميع الفرقاء اللبنانيين حتى يتمكن الشعب اللبناني من تجاوز الازمة ‏الكارثية التي يعيشها".‏

واما في الداخل فأبرز ما سجل تغريدة للرئيس سعد الحريري عبر حسابه على ‏تويتر كاتبا: اخيرا، وبعد 12 شهراً من الفراغ، بات لبلدنا حكومة. كل الدعم لدولة ‏الرئيس ميقاتي في المهمة الحيوية لوقف الانهيار وإطلاق الاصلاحات.‏

من جهته، أكد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لـ"النهار" "أن ‏المطلوب الآن ورشة عمل واختصار التبريكات بولادة الحكومة، والعمل على ‏التفاوض الجدّي مع البنك الدولي وصندوق النقد والإستفادة من العرض الأردني ‏لاستجرار الكهرباء". وأشار إلى "أن هذه الحكومة جاءت ثمرة جهود مضنية ‏ومرهقة، لكن لا ننسى المبادرة الفرنسية".‏

النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 أيلول 2021 08:31