26 تشرين الأول 2021 | 09:25

أخبار لبنان

لِتَقِفْ هذه "الجَلْأَة": شيعة! شيعة!‏

لِتَقِفْ هذه

كتب جهاد الزين في صحيفة "النهار": ‏



سأكون صريحا وقد تكون صراحتي متأخرة وأمثالي مقصِّرون دائما في المصارحة.‏

هناك "جَلْأة" *ميليشياوية شيعية في شوارع بيروت آن لها أن تنتهي، ولربما، مع الأسف الشديد، ‏لم تتعرض لصدمة إيقاظية إلا بعد أحداث الطيونة - عين الرمانة الدموية.‏

انفلات ميليشياوي منظّم على جسر فؤاد شهاب ووسط بيروت على تجمعات لشباب من ثورة 17 ‏تشرين، هجوم تظاهري بالعصي وتكسير للسيارات والمحلات في ساحة رياض الصلح و شارع ‏‏"المونو" وهو الحي الذي يضم بعض أعرق مباني جامعة القديس يوسف وسكانه المسيحيين... ‏والعنوان الثقافي الأبرز لمساهمات المسيحيين وبيئتهم الداخلية والخارجية في صناعة بعض ‏أفضل ما هو لبنان عليه. كل هذا وعنوان "الجلْأة" هتاف غوغائي وغبي: شيعة، شيعة وليس من ‏رادع في قيادة "الشيعية السياسية" يضع حدا لهذه الممارسات التي تستفز عقلاء الشيعة فكيف ‏بالطوائف الأخرى.‏

كأي طفل أو رجل مدلوع لا تقف "الجَلْأَة" إلا بصدمة أو صفعة. هكذا جاءت الصفعة من عين ‏الرمانة أكانت مدبرة سلفا أم غير مدبرة ولتكون ضحاياها قتلى شيعة وجرحى شيعة وغير شيعة.‏

لم تنتبه سابقاً، وهذا مذهل، قيادة "الشيعية السياسية" أن هذا التمادي الشارعي سيصطدم برفضٍ ‏ما يأتي من مكان ما عاجلاً أو آجلاً. حتى أن "محلِّلاً" من المحللين الذين تمتلئ بهم شاشات ‏التلفزيون ومن كل الاتجاهات التي تُعلّب وتُوجّه حسب حاجة الجهاز الدعائي، أحد هؤلاء قال أن ‏دخول تظاهرة إلى شارع في عين الرمانة وتقوم بتكسير بعض السيارات والمحلات لا تستأهل ‏الرد بالرصاص. طبعا لا تستأهل ولا يجب ولكنْ غاب عن ذهن صاحب التصريح حجمُ التعبئة ‏والشعور بالمهانة الذي يتكرّر وينفجر سواء في كمين أو في انفعال دفاعي عن النفس.‏

شيعة! شيعة وعصي وغوغاء تشعر أنها محمية ولم ينتبه من شجّعوها ونظّموها منذ سنتين أنها ‏تأتي لتعلن هوية فئوية بايخة في وقت أظهرت النخب اللبنانية، والشيعية ضمنها عبر 17 تشرين، ‏أنها لا تبحث فقط عن هوية لبنانية وطنية جامعة بل أيضا وأساساً، عن الانتهاء، ولو الحالم ‏واليوتوبي من كل هذا النظام التحاصصي الطائفي الذي أكل نفسه كوحش جائع وفاسد.‏

شيعة شيعة! وماذا بعد؟ تشرّفنا

يكفينا الزمن السياسي المُراق والضائع طويلاً من "سُنّة سُنّة" ومن صلبان متحدية واحتقان درزي ‏ولم يبقَ بعد نهاية الموسم الطويل لحرب 1975 - 1990 ثم 2005 سوى "الجَلْأة" الشيعية.‏

شيعة شيعة! وماذا بعد؟

الولد "المجلوء" يعاقبه ذووه وإذا لم يرْعوِ سيأتي من يعاقب ذويه ولربما تفاقمت الأمور إلى ‏صدام لا تُحمَد عقباه بين "الكبار" وسيكون عندها التفتيش عن السياق العقلاني للأمور مضيعة ‏للوقت.‏

قرأت على الفايسبوك مرارا استنكارات لغوغائية: شيعة شيعة، ودائما بينها استنكارات تعلن عنها ‏أسماء شيعية محترمة.‏

قلت في مقدمة المقال أن هذه الجلأة آن لها أن تنتهي، وأضيف هنا بل كان يجب أن لا تولد ‏أصلاً وبدت كأنها وحدها المستمرة من ماضي الحرب الأهلية أو الآتية من مستقبل الحرب ‏الأهلية.‏

يدخلون على بعض أطراف عين الرمانة أو "مونو"، أو شوارع أخرى ليهتفوا : شيعة شيعة ‏وليفعلوا ماذا؟ ماذا عن الشباب المسلم والشيعي المسلم المتعلم الذي يلجأ اليوم ودائما إلى كلية ‏الحقوق اليسوعية في الشارع المتفرع لكي يتعلّم ويتخرّج نحو بناء مستقبل فردي لكل منهم.‏

رغم التوترات السياسية التي تحصل في الكلية ، كما في جميع الجامعات، لن يصرخ هؤلاء ‏الطلاب: شيعة شيعة ولا أتخيّلهم يصرخون ولا يجب أن يصرخوا لأن هويتهم لا تعلن عن نفسها ‏بغوغائية، مثلما ليس الطلاب من الطوائف المسيحية هم الميليشيا التي تعلن نفسها فقط بالقتال ‏الشارعي.‏

وكما كل هوية دينية أو مذهبية هي حصيلة إرث ثقافي محترم قبل أن يكون شارعيا، تضيف ‏مظاهرُ الحرب الأهلية إهاناتٍ لا تستحقها هذه الهويات التي صنعت وتصنع لبناننا الصعب والذي ‏لا ينبغي أن نعيد تكرار انهياره مع جيل مختلف... إذا لم يكن قد فات الأوان.‏

‏* لم أجد تعبيراً آخر بالفصحى يوازي معنى كلمتي "جلأة" و"مجلوء" بالعامية اللبنانية.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

26 تشرين الأول 2021 09:25