أسعد حيدر

2 تشرين الثاني 2021 | 11:52

كتب أسعد حيدر

إحاطة ايران بـ "حزام من نار"‏‎ ‎

إحاطة ايران بـ

‎ ‎الحرب الشاملة ضد ايران سواء كانت اميركية او اسرائيلية غير ‏واردة، ليس لان ايران دولة قادرة على المواجهة، ولكن لأسباب جيوسياسية ‏واستراتيجية. اولا وبالنسبة لإسرائيل فإنها في مرمى النار من بعيد ومن قريب أي ‏سوريا ولبنان وحتى العراق، ولذلك فان ربح الحرب غير مضمون وخسائرها ‏ضخمة، وقد تكون أضخم بكثير من عائداتها ومكاسبها . كل هذا قائم على ارضية ‏ثابتة وهي غير مسموح لايران تصنيع القنبلة النووية. أمام هذه المعادلة تأخذ ‏ايران وقتها حتى تصل إلى القرار النهائي في مفاوضات فيينا، ودائما على قاعدة ‏ان النظام الايراني القديم الجديد يستطيع تقطيع الوقت لمصلحته، طالما ان الشعب ‏الايراني اعتاد على معاناة المقاطعة الغربية، ومن الممكن إقناعه بأن الصبر هذه ‏المرة منتج جدا على المدى القصير ، لان ايران ستسترد أموالها المجمدة وتبدأ ‏بتصدير النفط بكل عائداته المضمونة والواعدة‎ . ‎

‎ ‎الجديد ان حروب عالم القرن الواحد والعشرين، لم تعد فقط حروبا ‏بالجنود وبالقنبلة والمدفع، ولذلك تواجه إيران حروبا أخرى تشكل كل واحدة منها ‏‏"حزاما من نار"، يحاصر حركتها ويربكها اكثر فاكثر. خروج الاميركي من ‏افغانستان كان يجب ان يرح ايران ويسعدها، لانه يمكنها من جعله مثالا يمكن ‏للقوى الممانعة ان تحذو حذوه ، لكن الذي حصل ان افغانستان التي اسقطت ثلاث ‏إمبراطوريات ، تكاد تتحول في زمن "الطالبان" الجدد الى بؤرة لنزاعات عديدة ‏تربك ايران حتى داخليا‎ . ‎

‎ ‎البداية من ماذا عن مستقبل "الهزارة "الشيعة في افغانستان الطالبان؟ ‏البدايات تؤكد رغم النوايا الطيبة المعلنة لا تبشر بالخير، رغم براءة الطالبان حتى ‏الان . التفجيران في المسجدين الشيعيين والضحايا الذين سقطوا، يؤكدان انه لا ‏تكفي النوايا الحسنة بوجود "داعش "والتشكلات العرقية والقبلية والمذهبية. يضاف ‏الى ذلك خلافات قديمة حول المياه المرتبطة بالتنازع التاريخي حول مياه نهر ‏هلمند. طبعا "الهزارة" لم يعودوا الأقلية الضعيفة والفقيرة ، فايران عملت على ‏تحويلهم الى أقلية نشطة ومتطورة ومقاتلة وقد استثمرت ذلك بنجاح سواء مع ‏تشكيل "فاطميون " العسكري الذي قاتل وما زال في سوريا وتشكيل "فدائي بابا ‏مزاري " العسكري ايضا. لكن كل هذا لا يكفي لان انتصار طالبان حقق لباكستان، ‏انتصارا يحسب له حساب في المعادلة الإقليمية ولا شك ان ايران في قلب هذا ‏التحول، الذي يتطلب ان تأخذ بعين الاعتبار اكثر فاكثر الموقف الباكستاني ‏وتحولاته . تستطيع ايران ان تكون لاعبا مهما في افغانستان، ولكن اي غلطة في ‏الحسابات ستتحول الى سقوط في مستنقع تعرف هي قبل غيرها أخطاره … بهذا ‏كله لم تعد افغانستان "سلاحا" بيدها تفاوض به واشنطن من موقع قوي وانما "كرة ‏نارية"، واشنطن بعيدة عنها وهي اي ايران في دائرتها الخطرة‎ . ‎

‎ ‎ايران التي كانت ترى في الجمهوريات الاسلامية الخارجة من الاتحاد ‏السوفياتي مساحة سياسية واقتصادية تغني حضورها في المنطقة، تجد نفسها الان ‏في موقف حرج جدا مع أذربيجان . وقوف ايران مع ارمينيا في حربها مع ‏أذربيجان لم يحرجها كثيرا في السابق، اما الان فان لكل موقف مردوداته السلبية ‏‏.ذلك ان أذربيجان كما تقول ايران قد فتحت حدودها المحاذية لها لاسرائيل . لذلك ‏سارعت ايران لإجراء مناورات عسكرية واسعة على تلك الحدود وكانت الحرب ‏مع ارمينيا أظهرت استخدام الآذريين المسيَرة الاسرائيلية "هاروب" . اكثر ما ‏يزعج ايران في هذه القضية ان لها امتدادات داخلية، خصوصا وان ٢٥ ٪؜من ‏الشعب الايراني آذري ، وان تركيا تستثمر كل هذه القضية لتوسيع حضورها ‏الجيوستراتيجي الى ابعد الحدود الذي يحشر ايران حكما‎ . ‎

‎ ‎اسرائيل التي تتمدد ببطء لتحاذي ايران، تشن يوميا حروبا متعددة معتمدة في ‏ذلك " حرب الظلال" التي تدمي دون ان تصل الى المواجهة الشاملة . ومن ‏الواضح ان السلاح الاقوى في ذلك هو الهجمات "السيبرية" في كل المواقع من ‏محطات الوقود التي تم تعطيلها، فوقف الايرانيون في صفوف طويلة للحصول على ‏حاجاتهم، مما نشر الاحتجاجات الى درجة ان الرئيس رئيسي اضطر للقيام بجولة ‏ميدانية لتهدئة الناس . قبل ذلك تم التشويش على الميناء المركزي في بندر عباس . ‏الى جانب ذلك جرى إشعال حرائق ضخمة يتم محاصرتها، كما حصل في بندر ‏عباس وفي ضاحية طهران حيث من الثابت احتراق مصنع بكامله الى جانب ‏تضرر مصانع اخرى . ولا شك ان سوريا تبقى "كرة النار "المشتعلة التي تخوض ‏فيها اسرائيل علنا حربا بالصواريخ والطائرات ضد التواجد الايراني، فيها بهدف ‏تشويش هذا التموضع واحباط نقل السلاح المتطور وايضا ضرب اي حركة تمدد ‏باتجاه الجولان . وتبدو هذه الحرب المكشوفة والمحدودة قابلة للتطور وكان من ‏ابرز احدثها القصف الصاروخي من الجولان باتجاه مواقع ايرانية‎ … ‎

‎ ‎ولا شك ان العراق الذي كان يديره السفير الايراني مع مجموعة من ‏الفاسدين، أخذ يتحول مع الكاظمي باتجاه قاعدة مهمة بان العراق لا يمكن ان يحكم ‏من طهران، وان كان لا يمكن ان يكون على عداء مع طهران، ولذلك يجب متابعة ‏تطورات العلاقات العراقية _الايرانية عن قرب فالعراق مركز أساسي في الشرق ‏الاوسط تتمدد منه مفاعيل المتغيرات‎ … ‎

‎ ‎يبقى وهو البارز في كل المواجهات الملف النووي ومفاوضاته وهو متشعب ‏وواسع، لذلك فان ابرز عناوينه تأجيل ايران المفاوضات بحيث اصبح انعقادها ‏مطلبا اميركيا _اوروبيا ، لكن كما يبدو فان ايران فتحت على نفسها سلة مطالب لم ‏تكن تريدها واهمها مستقبل سلاح الصواريخ والاهم حاليا المسيرات مما قد يصل ‏الى بحث السياسة الايرانية ومستقبلها في جوارها الجغرافي الواسع … ولا شك ان ‏انضمام طائرة استراتيجية اميركية الى مجموعة طائرات إسرائيلية علنا ، تشكل ‏رسالة ميدانية عن مدى تطوير التعاون الاميركي _الاسرائيلي ضد ايران‎ … ‎

‎ ‎سياسة إحاطة ايران وإشغالها بـ "أحزمة من النار" قابلة للتصعيد والاستثمار. ‏والسؤال الى اي مدى يمكن لإيران متابعة سياستها ونهجها الحالي، دون تعريض ‏أمنها الداخلي قبل الخارجي لانزلاقات غير محسوبة في نتائجها وآثارها؟‎ … ‎

‎ ‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

2 تشرين الثاني 2021 11:52