28 تشرين الثاني 2021 | 22:33

عرب وعالم

مناورات ضخمة في المتوسط.. أميركا ضد فرنسا في "حرب عطارد‎"‎

تنظم القوات البحرية الفرنسية مناورات بحرية ضخمة قبالة جزيرة "كورسيكا" ‏يشارك فيها ستة آلاف عسكري من ست دول حليفة، ضمن تمرين "بولاريس21" ‏الذي يستمر حتى 3 كانون الاول/ديسمبر‎.‎

وحلّت سفن حربية مكان اليخوت الفاخرة قبالة سواحل جزيرة كورسيكا جنوب ‏فرنسا، في معركة بحرية واسعة غرب البحر الأبيض المتوسط‎.‎

وتشارك في هذه المناورات وحدات عسكرية كبيرة من ست دول حليفة هي فرنسا ‏وبريطانيا والولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا واليونان‎.‎

عودة الحروب التقليدية

ويهدف التدريب ضمان جاهزية القوات على زمن عودة الحروب التقليدية بين ‏الجيوش المتكافئة على عدة مستويات عسكرية ودبلوماسية وفضائية وتجارية ‏ومعلوماتية، بعد عقود من الانخراط في نزاعات ضد وحدات إرهابية متقلبة ومرنة‎.‎

ووفق الأدميرال إيمانويل سالار، من حاملة المروحيات البرمائية "تونير" التابعة ‏للبحرية الفرنسية التي يقود منها العمليات، فإن التدريب يستهدف أيضا تحقيق ‏‏"التكامل مع البيئة الدولية الحالية التي تطبعها توترات دولية، خصوصا على طول ‏السواحل السورية شرق المتوسط، أو شمال شرق أوروبا على جانب بيلاروسيا‎".‎

وأوضح الأدميرال سالار أن الهدف هو "إعداد القوات البحرية والجوية والبرية ‏للاشتباكات الكثيفة‎".‎

وذكر المسؤول العسكري الفرنسي أن التحدي في هذا التدريب يتمثل في "تأمين ‏تزامن تدخلات تحت سطح البحر وعلى السطح وفي الجو، مع دمج تفاعلات مع ‏الوسط الفضائي الذي يتدخل في مجال الاستخبارات"، وكذلك تدخلات في الإنترنت ‏مثل معلومات أو مزاعم كاذبة يمكن أن تدعم أو تعرقل العمل العسكري‎.‎

وأشار إلى أنه بهذه المناسبة تم إنشاء "نظام تويتر وهمي"، لافتا إلى أن القوات ‏المشاركة في "بولاريس21" يجب أن تأخذ في الاعتبار "التفويضات التي يمنحها ‏لها مجلس الأمن الدولي‎".‎

مناورات ضخمة

وتم تقسيم 25 سفينة و65 طائرة على معسكرين يتواجهان في غرب المتوسط من ‏السواحل الفرنسية إلى جنوب سردينيا (إيطاليا) وسواحل جزر الباليار (إسبانيا) ‏غربا، فيما تمركزت سفينتان أيضا في المحيط الأطلسي‎.‎

وتشارك أفضل السفن الحربية الفرنسية في التدريب، تتقدمها حاملة الطائرات ‏شارل ديغول، إضافة إلى 20 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" وطائرتي استطلاع ‏جوي من طراز "إي-2سي هوكيي" وغواصة هجومية نووية و"تونير‎".‎

تضاف إلى هذه القوة 13 فرقاطة خمس منها أجنبية، وست سفن دورية وثلاث سفن ‏إمداد لخلف ظروف معركة "بشكل واقعي" وإن لم يكن الموت حاضرا فيها‎.‎

‎"‎القوة الزرقاء" تواجه "عطارد‎"‎

وتمثل القوة التي اختير لها اللون الأحمر جيش بلد يسمى "عطارد" بقيادة أميركا، ‏في مواجهته قوة "زرقاء" ملتفة حول شارل ديغول وتشكل تحالفا بقيادة فرنسا‎.‎

وفي منتصف الليل، غادرت القوات "الحمراء" تونير شمال باستيا على متن سفن ‏برمائية لتصل سرا على طول السواحل إلى مدينة بورتو فيكيو بجنوب كورسيكا ‏حيث شنت هجومها عند الساعة السادسة‎.‎

وهدف الهجوم هو تثبيت "بطارية دفاع أرض-جو" من أجل تعقيد "مناورة حاملة ‏الطائرات شارل ديغول في مضيق بونيفاسيو"، حسب غيوم تاندونيه قائد "تونير‎".‎

وأوضح تاندونيه: "لدينا قوارب من القوة الزرقاء تدور حولنا وتحاول اختبارنا أو ‏حتى إغراقنا، لذلك هناك حتما بعض التوتر"، مع أنه يختلف بشكل واضح عما هو ‏عليه عادة خلال نزاع حقيقي‎.‎

تضامن الحلفاء

ويسمح "بولاريس 21" بصقل القدرات العملياتية للجيوش، لكنه يهدف أيضا إلى ‏‏"إثبات أن فرنسا وحلفاءها مرتبطون بشكل خاص بالحفاظ على حرية الملاحة في ‏البحر الأبيض المتوسط"، حسب سالار‎.‎

وأكد أنها طريقة لإظهار "القدرة الرادعة للبحرية الفرنسية" للعامة والأعداء ‏المحتملين‎.‎

جزء من الحرب الباردة

الخبير العسكري، اللواء سمير راغب، قال إن ضخامة حجم المناورات وعدد ‏الأفراد وثقل الدول المشاركة وتنوعها بحريا وجويا تؤكد أهميتها عسكريا وسياسيا ‏كرسالة ردع معنوي قوية‎.‎

وأضاف راغب، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المناورات تأتي في ظل ‏حشد عسكري روسي على الحدود الأوكرانية وكذلك مناورات تنفذها مع الجزائر ‏في البحر المتوسط "هي جزء من الحرب الباردة بين الجانبين‎".‎

واعتبر أن من أهميتها التدريب على التكتيكات الخاصة بالفضاء الإلكتروني خاصة ‏أن آخر حرب تقليدية لدول الناتو كانت في العراق في 2003، وكانت قبل التطور ‏الهائل الحالي في التكنولوجيا، فهي "ضمن الحرب النفسية" التي تستهدف التأثير ‏على المجهود الحربي‎.‎

وأكد على أن هناك ملفين بارزين قد يؤديان إلى نزاع ومواجهة محتملة وهما ‏تايوان في ظل الاستعدادت العسكرية الصينية والتحذيرات الأميركية، وكذلك ‏أوكرانيا والحشد الروسي، وهو ما يستعدي جاهزية للناتو لردع أي تصعيد محتمل‎.‎

رسالة لروسيا ورأب صدع الناتو

أنس القصاص، الباحث المصري في الشؤون الاستراتيجية وقضايا الأمن الدولي، ‏قال إن مناورات بهذا الحجم رسالة صريحة لروسيا بعد التواجد المستمر للأسطول ‏في البحر المتوسط‎.‎

وأضاف القصاص، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن روسيا تعمل مؤخرا ‏على تعظيم وجودها على سواحل البحر المتوسط وهو ما يزعج أميركا ودول الناتو ‏وتأتي المناورة في محاولة لتحجيم موسكو‎.‎

واعتبر أن المناورة أيضا محاولة لرأب الصدع بين دول الناتو بعد فترة من ‏الاضطرابات في عهد الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب‎.‎

وأكد أنها تأتي في توقيت مهم حيث هناك انتخابات ليبية بعد أيام (24 ديسمبر) ‏والدول المشاركة كلها تسعى لإتمام الاستحقاق كمسار يسهم في استقرار البلاد بعد ‏عقد من الاضطرابات كـ"رسالة للمعرقلين‎".‎

كما يمثل المتوسط مصدر قلق أساسي للدول الأوروبية باعتباره ممرا للهجرة غير ‏الشرعية من جنوب الصحراء في أفريقيا عبر البوابة الليبية بشكل خاص‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 تشرين الثاني 2021 22:33