30 تشرين الثاني 2021 | 08:10

أخبار لبنان

الشارع ينتفض مجدداً… وعون "يفتي" لنفسه!

كتبت صحيفة "النهار" تقول: لم تكن عودة الاحتجاجات الشعبية إلى الشارع تطوراً مفاجئاً في واقع الانهيار الدراماتيكي الذي يسحق اللبنانيين بتداعياته الكارثية مالياً واقتصادياً واجتماعياً من دون أن تلوح بارقة أمل في إمكان لجمه واحتوائه. بل ان ثمة انطباعات كانت تستغرب تراجع نبض الانتفاضة الاجتماعية منذ زمن، فيما تتراكم تداعيات الانهيار وتحول معظم الشعب اللبناني بمعظم فئاته وقطاعاته إلى أحد أفقر الشعوب في الدول التي تعاني أوضاعاً مماثلة للوضع في لبنان. غير أن عودة الشارع المعبّر عن غضب اللبنانيين إتسمت هذه المرة بكونها صرخة "ضد غائب" او ضد مغيّب، وبالأحرى ضد الفراغ بعينه، ولو كانت مناصب الدولة برمتها مليئة وغير شاغرة!

ذلك ان معظم المناطق اللبنانية انخرطت منذ الصباح الباكر في عمليات احتجاجية متجددة ترجمتها جماعات من المواطنين باقفال الطرق بدءاً من بيروت امتداداً إلى جبل لبنان والشمال والبقاع والجنوب، وكذلك بإحراق الإطارات في صرخة غضب احتجاجية بإزاء اشتعال الأزمات وتدهور سعر الليرة والإرتفاع الجنوني في سعر الدولار والتهاوي الخطير في مستويات الخدمات والتراجع الهائل في الأحوال المعيشية والصحية. ومع أن المشهد بدا أكثر من بديهي في ظل التداعيات المتفجرة للأزمات التي تعتصر اللبنانيين، فإنه يقتضي الاعتراف بان الناس وقفوا ضد الناس لان لا سلطة ولا حكم ولا حكومة ظهرت في المقابل او التفتت ببادرة واحدة عملية امام عودة الاحتجاجات، فكان قطع الطرق معيقا للناس فقط ولم تسمع السلطة بأن شيئاً يجري في الشارع ضدها! ولعل الأسوأ ان تتناهى إلى أسماع اللبنانيين تصريحات ومواقف رتيبة لا تقدّم ولا تؤخّر فيما يتمادى العجز الفاضح عن معالجة أزمة شلّ الحكومة فيما رئيس يغط ورئيس يطير بلا طائل من مجمل هذه "السفريات".

عون في الدوحة

والواقع أن المشهد الاحتجاجي في الشارع لم يحجب المفارقة الجديدة التي واكبت اليوم الأول من زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الدوحة معولاً على مساعدة قطرية لمحاولة حلّ ازمة القطيعة بين الدول الخليجية ولبنان. فعلى ضآلة الرهانات على دور قطري في معالجة الازمة بين لبنان والدول الخليجية، كادت مواقف عون من الأمور الداخلية تطغى على واجهة تعويله على الدوحة في التوسط مع الدول الخليجية الأخرى. والمفارقة الأشدّ إثارة للاهتمام تمثلت في ان الرئيس عون الذي كان أطلق قبيل وصوله إلى الدوحة عبر صحيفة "الراية" توضيحاً لكلامه عن عدم تسليم الرئاسة للفراغ، نافياً عن نفسه السعي إلى تمديد ولايته، عاد من الدوحة لاحقاً ليطلق عبر محطة "الجزيرة" القطرية "فتوى" تبيح له البقاء في قصر بعبدا إذا قرر مجلس النواب بقاءه!

المعلومات الرسمية أفادت ان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أكد للرئيس عون ان "قطر تقف إلى جانب لبنان، ومستعدة لمساعدته في كل المجالات التي يتطلبها نهوضه من الظروف الصعبة التي يعيشها والتي انعكست سلبا على اللبنانيين في حياتهم اليومية". وتحدث عن "الظروف الصعبة التي يمر فيها اللبنانيون وقدرتهم على النهوض من جديد"، ولفت إلى "استعداد بلاده للمساهمة في الاستثمار في لبنان بعد انجاز القوانين المناسبة لذلك"، مؤكدا انه "سوف يوفد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت في الفترة المقبلة، لمتابعة البحث في التطورات، وتقديم المساعدة الضرورية للبنان". وأعرب الامير تميم عن امله في ان "تجد الازمة القائمة بين لبنان وعدد من دول الخليج حلولا في القريب العاجل، ولا سيما أن لبنان كان دائما إلى جانب الدول العربية والخليجية كافة".

ورد الرئيس عون مقدّراً خصوصاً "الدعم الدائم الذي قدمته قطر للبنان والمساعدات التي ساهمت في التخفيف من معاناة اللبنانيين". كما شكر له "ما تقدمه بلاده للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية"، معرباً عن أمله في أن "يتعزز التعاون بين البلدين أكثر لما فيه مصلحة الشعبين". ورحب بأي "استثمار تقوم به قطر لتنفيذ مشاريع انمائية في لبنان في مجالات الطاقة والكهرباء والقطاع المصرفي وغيرها، حيث الفرص كثيرة ومتفرعة".

وفي الحوار الذي اجرته معه صحيفة "الراية" القطرية أكد عون، أنه مع فصل السلطات، وأنه لا يتدخل في عمل القضاء ولا يعرف ملابسات انفجار المرفأ ولم يطلع على الصور التي وفرتها روسيا بل طلب تسليمها إلى القضاء. ولفت إلى أن "المماحكة السياسية والاعتبارات الشخصية حالت دون تنفيذ خطة الكهرباء والذين تولوا العرقلة باتوا معروفين من اللبنانيين كافة". واعتبر أن قوله "لن أسلم الفراغ" استثمر بشكل خاطئ والتمديد غير وارد وعلى الرئيس الجديد التمتع بتمثيل صحيح ويكون عنصر تلاق لا تفرقة".

ثم ادلى بحديث لقناة "الجزيرة" قال فيه انه "لم أطلب من أحد الاستقالة ووزير الاعلام جورج قرداحي سيتصرّف على أساس الأفضل للبنان"، مشددا على "أننا نريد أطيب العلاقات وأفضلها مع السعودية والدول الخليجية". أضاف: "لا أوافق حزب الله بإقالة المحقق في قضية مرفأ بيروت"، مشيرا إلى أن الحزب مُلتزم بالقرار 1701 ولم يصدر عنه أي خلل منذ 2017". وردا على سؤال مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي قال: "سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي " ولكنه حين سئل افتراضيا عن التمديد لمجلس النواب قال انه يعارض ذلك وانه في حال تم التمديد للمجلس يعود اليه تقرير ما إذا كان الرئيس سيبقى في قصر بعبدا ام لا فالدستور يسمح بالتمديد وهو ما حصل مع رئيسين سابقين. الا انه استطرد مستبعدا هذه الفرضية "وسأغادر عند انتهاء ولايتي الا إذا كان لمجلس النواب كلام اخر".

وفي إطار الاتصالات الجارية لإحياء الحكومة، زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة ولكن لم تظهر أي معالم إيجابية بعد للتوصل إلى تسوية من شانها انهاء مقاطعة وزراء الثنائي الشيعي لجلسات مجلس الوزراء.

المفاوضات المالية

ورأس ميقاتي لاحقا اجتماع اللجنة المكلفة متابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بمشاركة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير المال يوسف خليل، النائب نقولا نحاس، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وأعلن الشامي انه "تم الإتفاق على توحيد الرؤى بالنسبة إلى الأرقام في القطاعين المصرفي والمالي.

كان هناك وضوح في الرؤية من حيث وحدة الأرقام ووحدة التقييم للقطاع المالي، كما ناقشنا كيفية معالجة الفجوة الموجودة في القطاع المصرفي، وكان هناك اقتراحات عدة هي قيد الدرس ونأمل عقد اجتماع ثان خلال الأسبوع الجاري للوصول إلى رؤية موحدة ونهائية لتقديمها خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي".

وأوضح "اننا كنا نأمل بالوصول إلى اتفاق مبدئي مع الصندوق في نهاية العام، لكن قد يحصل بعض التأخير بحسب الظروف، أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت، وبعد الإتفاق مع العاملين في الصندوق سيتم صدور تصوّر لمجلس الإدارة الذي سيعطي الموافقة النهائية للاتفاق مع لبنان".

مجلس الامن

وسط هذه الأجواء أحاط كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا والقائد العام لليونيفيل ستيفانو ديل كول علما مجلس الأمن الدولي بتطبيق القرار 1701 والوضع في لبنان، بناءً على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

واعتبرت فرونِتسكا تشكيل الحكومة تطوراً إيجابياً لكنها أسفت لعدم إحرازها تقدماً في تنفيذ أجندة الإصلاح في لبنان منذ آخر إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن في تموز 2021. وفي إشارة إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان وتأثيرها الحاد على حياة الناس اليومية، أعربت المنسقة الخاصة عن أملها في أن يستأنف مجلس الوزراء اللبناني اجتماعاته التي عُلقت منذ 12 تشرين الأول وأن يتخذ إجراءات عاجلة لصالح البلد والشعب. وقالت إن "الالتزامات يجب أن تترجم إلى أفعال إذا كانت القيادة اللبنانية تعتزم التغلب على الأزمة العميقة في البلاد واستعادة الاستقرار السياسي والمؤسساتي في لبنان وتلبية احتياجات وحقوق الشعب اللبناني." وفي هذا الإطار، شددت على أن "الانتخابات النزيهة والشفافة ضمن المهل الدستورية هي ركيزة الديموقراطية وجزء لا يتجزأ من الإصلاح وتضع لبنان على طريق التعافي". كما أكدت استعداد المجتمع الدولي لدعم العملية الانتخابية.

ورحب اعضاء مجلس الأمن بجهود اليونيفيل للحفاظ على السلام والأمن في جنوب لبنان وبتنسيقها الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية. كما أكدوا أهمية وفاء جميع الأطراف بالتزاماتها بتنفيذ القرار 1701 بالكامل واحترام وقف الأعمال العدائية.



النهار 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 تشرين الثاني 2021 08:10