21 كانون الأول 2021 | 06:56

أخبار لبنان

بري: هناك من يلعب لعبة خبيثة وكريهة

بري: هناك من يلعب لعبة خبيثة وكريهة

على رغم أهمية هذه الزيارة لأرفع مسؤول اممي الى لبنان في هذه الفترة وما تنطوي عليها من ‏دلالات، الا ان الرمال اللبنانية المتحركة سرعان ما ابتلعتها، وقزّمتها إلى مستوى حدث عابر ‏ضاع في المتاهة اللبنانية المرشحة الى التفاعل اليوم مع صدور قرار المجلس الدستوري الذي ‏سيُكرّم فيه طعن تكتل لبنان القوي بتعديلات القانون الانتخابي او يهان.‏

بحسب ما تجمّع لـ«الجمهورية» من معلومات، فإنّ الانظار كانت مشدودة في نحو برنامج ‏لقاءات الامين العام للأمم المتحدة، الا ان الاهتمام الداخلي انحرفَ في اتجاه الوقوف على حقيقة ‏ما جرى بثّه صباحا حول صفقة او مقايضة يجري إنضاجها على خطّ بعبدا - عين التينة.‏

احدث هذا الأمر بلبلة على كلّ الخطوط السياسية، وتوزّعت اتصالات في اكثر من اتجاه، ‏وخصوصا بين السرايا الحكومية وقصر بعبدا، هذا في وقت كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ‏قد باشر مواعيده باكراً بلقائه عند العاشرة والنّصف قبل الظهر بالامين العام للأمم المتحدة، ‏وأعقبه لقاء عقده بري مع وفد من الهيئات الاقتصادية.‏

في هذه الاثناء، ورد اتصال من السرايا الحكومية الى عين التينة يفيد برغبة رئيس الحكومة ‏نجيب ميقاتي بلقاء الرئيس بري، فتحدّد الموعد فوراً، وبالفعل بعدما انتهى لقاء الرئيس ميقاتي ‏بالامين العام للامم المتحدة توجه فورا الى عين التينة وعقد اللقاء بين بري وميقاتي.‏

وفي اللقاء، كما تشير المعلومات، حضر ميقاتي الى عين التينة وكان منزعجا جدا مما يروّج عن ‏صفقة ومقايضة، وخلال اللقاء استوضح من بري عما يحكى عنهما فأكد رئيس المجلس أن لا ‏علم له بهما.. و» ما في شي منّو على الاطلاق».‏

وتعكس المصادر الموثوقة ما قيل في اللقاء حيال هذه الطبخة ما مفاده انها ليست واردة، وان ‏اطرافاً خبيثة تقف خلف ترويجها لكي توجد التباسات وانقسامات في البلد، وكأنّه لا يكفيها ما هو ‏حاصل في البلد والوضع السيئ الذي يعانيه، لتأتي وتقوم بهذا الترويج وإثارة اجواء بلبلة لتأزيم ‏الوضع اكثر، فهل يحتمل البلد خضات اضافية؟

وتلفت مصادر المعلومات الى انّ النقاش بين بري وميقاتي تناول مسار المعالجات المطروحة ‏على الخط الحكومي والقضائي، مع تأكيد الرئيس بري على وجوب اعتماد الاصول الدستورية ‏في الجانب المتعلق بالتحقيق العدلي وسلوك طريق المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ‏فيما اكد الرئيس ميقاتي موقفه المبدئي مع بلوغ حل لهذه المسألة، على نحو لا يجعل الحكومة في ‏موقع المتدخل في شؤون القضاء او التحقيق.‏

كما ان النقاش لم يقتصر على هذا الجانب فقط، بل انّهما تطرقا في حديثهما الى امور اخرى، ‏ومرّا بصورة سريعة على ما له علاقة بما نشر في بعض الاعلام عن الامين العام للمجلس ‏الاعلى للدفاع اللواء محمود الاسمر. وانتهى اللقاء بين الرئيسين، وخرجا سويّا من مكتب الرئيس ‏بري، الذي رافق الرئيس ميقاتي مودّعاً حتى باب المصعد، حيث لم تكن تبدو على الرئيس ‏ميقاتي اي تعابير توحي بأجواء سلبية سادت اللقاء، مع العلم انّ الاجواء كانت ممتازة. الّا انّ ما ‏حصل هو انّه عند خروج الرئيس ميقاتي من باب المصعد في بهو عين التينة، بادره احد ‏الصحافيين بسؤال «هل نجحت الصفقة التي يحكى عنها»؟ ويبدو ان هذا السؤال استفزّ ميقاتي ‏فردّ غاضباً: «نحن غير معنيين».‏

لكن الامر لم ينته هنا، حيث سارعت بعض مواقع التواصل الى ترويج سيناريوهات سلبيّة عن ‏اللقاء بين بري وميقاتي، وتحدّثت عن تباين في وجهات النظر بينهما، وعن نقاش حاد جرى ‏بينهما، حيث نسبت الى الرئيس بري كلاما بحق الرئيس ميقاتي كما نسبت الى ميقاتي كلاما بحق ‏الرئيس بري، وعزمه على دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، كما نسبت الى بري تلويحه ‏باستقالات الوزراء الشيعة في حال تمّت الدعوة... وترافق هذا الترويج مع ترويج آخر بأنّ ‏ميقاتي سيزور القصر الجمهوري لتقديم استقالته.‏

بري

‏ واستوضحت «الجمهورية» الرئيس بري ما جرى، فقال: كل هذا الكلام ليس صحيحا على ‏الاطلاق، ولا توجد ايّ شائبة في العلاقة مع الرئيس ميقاتي ابداً، وما حكي عن هذا الامر لا ‏اساس له.‏

وعما روّج عن صفقة قال بري: لست على علم بأي صفقة على الاطلاق، وكذلك الرئيس ميقاتي ‏الذي كان شديد الاستياء ممّا حُكي عن صفقة.‏

وردا على سؤال عمّن يقف خلف الترويج لوجود صفقة، قال بري: واضح ان هناك من يلعب ‏لعبة خبيثة وكريهة، ويسخّر مواقع التواصل وغرفا سوداء لبث الشائعات ورمي الاساءات.‏

في جانب آخر، اكد بري «اننا مع اي قرار يصدر عن المجلس الدستوري في ما خص الطعن ‏المقدم امامه، فإن جاء هذا القرار بقبول الطعن، فأهلا وسهلا، وسنلتزم به، وإن جاء القرار بعدم ‏قبول الطعن ايضا اهلا وسهلا، وسنلتزم به».‏

ميقاتي

بدورها، ردت اوساط ميقاتي «على الأخبار التي تزعم نشوبَ خلاف بين الرئيسين بري ‏وميقاتي، وقالت: «لا خلاف مع الرئيس بري ولن يكون، وعلاقتهما جيدة ولا شائبة فيها، واللقاء ‏بينهما كان ايجابيا، وهما مستمران في التشاور شخصياً ومؤسّساتياً في كل الملفات المطروحة ‏ولاستنهاض البلد، واي اختلاف في الموقف السياسي اذا وجد، فهو لا يفسد في الود قضية».‏

واكدت الاوساط لـ«الجمهورية» انه على موقفه الصامت والمتمسك بالحفاظ على المؤسسات ولن ‏يشذ عن هذا الموقف، وعن التمسك بالحوكمة والشفافية في اتجاه تحقيق المهام الاصلاحية ‏للحكومة».‏

كما رفضت اوساط ميقاتي «ما تم تناقله من اشاعات حول عزم رئيس الحكومة على تقديم ‏استقالته»، مؤكدة ان «لا صحة لما يُشاع وكل ما يسرّب هو اخبار مدسوسة وشائعات ‏مغرضة».‏

وفي وقت لاحق، صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي بيان جاء فيه: «يتم التداول منذ بعد ‏ظهر اليوم (امس) بأخبار وتسريبات تتناول موقف دولة الرئيس ميقاتي في اعقاب الاجتماع الذي ‏عقده مع دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. وفي هذا السياق ينبغي ايضاح ‏الاتي:‏

لقد كرر الرئيس ميقاتي، خلال الاجتماع، موقفه المبدئي برفض التدخل في عمل القضاء بأيّ ‏شكل من الاشكال، او اعتبار مجلس الوزراء ساحة لتسويات تتناول مباشرة او بالمواربة التدخل ‏في الشؤون القضائية بالمطلق، كما كرر وجوب ان تكون الحلول المطروحة للاشكالية المتعلقة ‏بموضوع المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء مُناطة بأحكام الدستور من دون سواه، من ‏دون ان يقبل استطراداً بأي قرار يستدلّ منه الالتفاف على عمل المؤسسات.‏

اضاف البيان: «إن دولة الرئيس ميقاتي ابلغ هذا الموقف الى فخامة الرئيس ميشال عون ودولة ‏الرئيس نبيه بري، وهو موقف لا لبس فيه على الاطلاق. كما انّ دولته مستمر في مهامه وفي ‏جهوده لحل قضية استئناف جلسات مجلس الوزراء، واي موقف لاحق قد يتخذه سيكون مرتبطاً ‏فقط بقناعاته الوطنية والشخصية وتقديره لمسار الامور. فاقتضى التوضيح».‏

الى ذلك، وربطاً بما حكي عن صفقة او مقايضة، فليس هناك ما يؤشر الى اي انفراج في الافق ‏السياسي والقضائي حتى الآن. بل على العكس من ذلك، اصبحت المواقف اكثر تصلبا وتشنجا، ‏والامور مفتوحة على سلبيات.‏

وتؤكد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» ان الامور ما زالت جامدة عند نقطة الخلاف الجوهرية ‏الاساسية، ولم يحصل اي تبدّل في المواقف حتى الآن.‏

وإذ لفتت الى ان جهوداً بذلت في الساعات الاخيرة سعياً لبلورة مخرج للواقع المعقد سياسيا ‏وحكوميا وقضائيا، ولكن من دون ان تفلح في تحقيق ايجابيات، نَفت ما جرى ترويجه عن صفقة ‏او مقايضة يجري إنضاجها على خطّ بعبدا - عين التينة، وادرجت هذا الترويج في سياق ‏التشويش على المجلس الدستوري عشية اصدار قراره النهائي في الطعن المقدم من تكتل لبنان ‏القوي في بعض تعديلات القانون الانتخابي، ومحاولة ارباك المجلس والتأثير في قراره.‏

وكانت منصات اعلامية قد روّجت امس محاولة جدية جرت في الساعات الماضية على خط ‏بعبدا والثنائي الشيعي لإجراء مقايضة تطيح كلّاً من رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل ‏عبود والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، مقابل ان تتوفر الاكثرية المطلوبة في المجلس ‏الدستوري لاصدار قراره النهائي آخذاً به بالطعن المقدم من تكتل لبنان القوي.‏

في السياق، نُقل عن اوساط القصر الجمهوري أن «لا صفقة على حساب التحقيق العدلي الذي ‏يقوم به القاضي البيطار، والرئيس عون لن يقايض تحقيق المرفأ بإعادة تفعيل اي سلطة ‏دستورية»، كذلك نقل عن مصادر رئيس التيار الوطني الحر قولها «ان لا صفقة ولا مقايضة ‏بين ملفي الانتخابات والتحقيقات في تفجير المرفأ، ولسنا نحن من نبيع قضية تفجير المرفأ».‏

وفي المقابل، أبلغت مصادر ثنائي حركة «امل» و»حزب الله» الى «الجمهورية» قولها «لسنا ‏معنيين بكل ما يقال عن صفقات او مقايضات، وموقفنا معروف وكررناه اكثر من مرة بوجوب ‏اتباع الاصول الدستورية، وان يبادر القضاء الى الانتصار لنفسه وتنقية ذاته من كل ما يشوّهه ‏بالتسييس والاستنساب وحرف التحقيق في انفجار المرفأ عن السبيل الذي يؤدي الى كشف ‏الحقيقة».‏



المركزية

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

21 كانون الأول 2021 06:56