6 كانون الثاني 2022 | 08:50

أخبار لبنان

لبنان بين ثقافة الحياة وثقافة الموت

كتب عوني الكعكي:




لا شك في أنّ الوطن صار اليوم في وضع صعب جداً، لا بل أصعب ما يكون..

ماذا ننتظر من رئيس البلاد، عندما يُسْأل: إلى أين نحن ذاهبون؟ فيكون جوابه: إلى جهنم وبئس المصير.

يا عالم... يا جماعة... يا شعب لبنان العظيم... قالها فخامة الرئيس بالفم الملآن: إننا ذاهبون الى جهنم.

طيّب فخامته حُرٌّ في أن يقول ما يريد... ولكن نريد أن نسأله بِصفته رئيس البلاد وهو الذي قال: «ذاهبون الى جهنم» أين تقع مسؤوليته في ما حدث ويحدث؟ هل يكون جوابه كجواب صهره «ما خلونا»؟

يا جماعة الخير، هذا الرئيس كان ينتظره الشعب، على أن يكون مُنْقِذاً كالرئيس الجنرال فؤاد شهاب، وأنه سيعيد بناء الدولة لا أن يقول: إننا ذاهبون الى جهنم.

فِعْلاً يا فخامة الرئيس إننا ذاهبون الى جهنم، لأنك في سبيل الكرسي تخليت عن لبنان. فبدل أن تأخذ جماعة ثقافة الموت الى ثقافة الحياة، ذهبت أنت ومعك كرسي الرئاسة الى ثقافة الموت.

البلد منقسم الى قسمين: قسم الأكثرية الذين هم مع ثقافة الحياة... ولهذا السبب كان يُقال: إنّ لبنان هو سويسرا الشرق الأوسط على جميع المستويات الجمالية والعلمية والأخلاقية والطبيعية والحضارية والعِلم والاستشفاء.

مشكلة لبنان أنّ قسماً من اللبنانيين «مالت قلوبهم» الى تأييد المقاومة الفلسطينية، وبسبب ذلك وصلنا الى اتفاق القاهرة عام 1969، حيث كانت بداية المأساة في لبنان. إذْ أصبحت في لبنان دولتان: الأولى الدولة اللبنانية، والثانية دولة «أبو عمار»، وبقينا على هذه الحالة لغاية عام 1982، أي يوم اجتاحت إسرائيل لبنان... الاحتلال الاسرائيلي أوْجَدَ مقاومة وهذا شيء طبيعي.

وهنا لا بد من القول إنّ الشعب اللبناني كله كان منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي الى يوم التحرير في العام 2000 مع المقاومة، ولكنْ عندما حصلت عملية خطف جنديين إسرائيليين في جنوب لبنان تحت شعار «تحرير أسرانا»، والذي كلفت الشعب اللبناني 15 مليار دولار أميركي من أجل إصلاح ما هدّمته الطائرات الاسرائيلية، إلى 5000 قتيل وجريح من الشعب اللبناني ومن الجيش ومن المقاومة... يومذاك اعترف السيّد بالخطأ بقوله: «لو كنت أعلم».

بعد عام 2006 وعملية النصر الإلهي، صار سلاح المقاومة موضع خلاف بين مكوّنات الشعب اللبناني، إذ ان هناك فريقاً مرتبطاً بإيران ويأخذ الرواتب والصواريخ والأكل والشرب والدواء وكل ما يلزمه من الدولة الايرانية، كما يتلقى أوامره من ولاية الفقيه، ولا علاقة له بالدولة اللبنانية، كما يرفض أي بحث في سياسة دفاعية تكون بإمرة الجيش اللبناني... وفئة من اللبنانيين تطالب بحصر السلاح بيد الجيش وحده.

وهذا الشرخ بين الفئتين من الشعب سبّب انشقاقاً كبيراً بين فئة تؤمن بثقافة الموت، وتريد تحرير كفرشوبا وتلال شبعا. على كل حال لم يطلق الحزب ولو رصاصة واحدة منذ التحرير الذي وقّع في عام 2000، ما كوّن مجتمعاً ثانياً لا يقبل أن يكون تابعاً لمحور المقاومة والممانعة ويريد ثقافة الحياة.

للأسف الشديد هناك فئة كبيرة من اللبنانيين وهي الأكثرية، ترفض سياسة «ثقافة الموت» وتريد «ثقافة الحياة»، ولكن للأسف فإنّ الفئة التي تتمسّك بثقافة الموت أوصلت البلاد الى جهنم وبئس المصير، من خلال استعمال السلاح لفرض رأيها.

بينما سياسة ثقافة الحياة ترفض بكل الاشكال سياسة ثقافة الموت، لأنّ الشعب اللبناني بأكثريته يعتبر ان لبنان أكثر دولة عربية تحمّلت من الاعتداءات الاسرائيلية، وقد حان الوقت للعودة الى الوطن الحر السيّد المستقل، رافضين الخضوع لمحور المقاومة والممانعة، خاصة وأنّ الجبهة السورية هادئة، و»فيلق القدس» يقوم بقتل الشعب العربي في سوريا والعراق تحت إسم «الحشد الشعبي» وفي اليمن تحت اسم «الحوثيين».

كل ما حصلت عليه الشعوب الواقعة تحت سيطرة سلاح المقاومة والممانعة هو الفقر والعوز والأزمات المالية التي لم يشهد التاريخ مثيلاً لها في جميع العواصم الأربع التي ذكرناها سابقاً وهي: دمشق، بغداد، صنعاء وبيروت... والأنكى من ذلك كله ان ايران الدولة الغنية بالنفط والغاز والصناعات والزراعة أصبحت أيضاً بسبب سياسة ولاية الفقيه، من الدول المتخلفة الفقيرة والتي تحتاج الى آلاف المليارات لتعود كما كانت أيام الشاه.

أخيراً، ان مشروع ولاية الفقيه بدأ بالتراجع، ونقول لأصحابه: وفروا الوقت وعودوا الى الحقيقة لأنّ ثقافة الموت لن تعطيكم إلاّ الموت وثقافة الحياة لا ينتج عنها إلاّ الحياة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 كانون الثاني 2022 08:50