كتب محمود القيسي:
".. يا صاحب هذا الفَلك المتعب
كنت تسميه سفينة عشق..
ألديك فوانيس؟
زيت ما لمسته يدان؟
روح تبصر في الزمن الفاسد؟..
أتسير ببوصلة؟!
- حين يكون لذلك فائدةٌ
ما دختَ؟!
- إذا كنتُ بلا أملٍٍ
يا صاحب هذا الفلك المتعب
أنت تسمِّيه المركب، لا بأس عليك
تفاءل ما شئت..
إربأ أن تسمع .. فمهما قيل
فأنت تُعلِّمُ مثل نبيّ
سلمك المفتاح على ذمة بَحّار البحّارين وأعطاك السعفة"…
- مظفر النواب
تبدأ الحروب من أجل تحقيق "أهداف" إقتصادية في "مرمى" الشعوب.. وغالباً ما تأتي نتائج سرقات تلك الشعوب في "جيوب" القوى السياسية الحاكمة داخلياً وخارجيا. عندئذٍ يأتي دور "صندوق النقد الدولي" في الاقتصاد السياسي والسياسة الاقتصادية في "إفقار" تلك الشعوب وإخضاعها.. نقطة على السطر؟!.. في حين تعذر مجيئ وفد صندوق النقد الدولي في شأن برنامج التعافي الاقتصادي الى لبنان بسبب القيود على السفر التي فرضها الصندوق وذلك نتيجة جائحة كورونا. بدأت البارحة بعد الظهر المفاوضات الرسمية بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي في شأن برنامج التعافي الاقتصادي الذي ترغب الحكومة إبرامه مع الصندوق. ويرأس هذه المفاوضات عن الجانب اللبناني نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وعن صندوق النقد الدولي ارنستو راميراز.. والتي سوف تعقد في مرحلتها الاولى عبر التقنيات الالكترونية. مفاوضات الجولة الأولى التي سوف تجري على امتداد الاسبوعين المقبلين سوف تتناول مواضيع عدة منها الموازنة والقطاع المصرفي وسعر صرف الدولار وميزان المدفوعات وقطاع الطاقة والحوكمة ومساعدة العائلات الفقيرة وغيرها من المواضيع التي ستشكل العناصر الاساسية لبرنامج التعافي الاقتصادي.. وإلى آخر مسلسل "السلطة والمال والدم" في لبنان.. مسلسل، أو مسلسلات السلطة اللبنانية التي ليس لها اول.. وليس لها آخر .
الوطن، كما يقول احد الفلاسفة: "هو المكان الذي لا يبلغ فيه مواطن من الثراء ما يجعله قادراً على شراء مواطن آخر، ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر ما يجعله مضطراً أن يبيع نفسه أو كرامته. الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء، الدفء والإحساس بالكرامة..
ليس الوطن أرضاً فقط، ولكنه الأرض والحق معاً". بعد عودته إلى منزله من عمله في أحدى المطاعم يعلق مواطن لبناني من سكان العاصمة المنكوبة بيروت على أداء أصحاب السلطة والمال والسياسية "إذا تبرع كل واحد منهم بشيء بسيط من ثروته المشبوهة لعائلات فقيرة جائعة، لا يعود في فقر وحرمان في لبنان. ويضيف بحرقة قلب أنظر إلى البراد، إنه فارغ". والكهرباء مقطوعة معظم الوقت وفاتورة جشع أصحاب المولدات وأسيادهم تجاوزات قدرة مواطن الطبقة الوسطى على تسديدها، والدخول الى مغارة اي سوبرماركت تستحوذ على الراتب الشهري كله كاملاً.. وأسعار الأدوية إن وجدت تحلق في برزخ السموات العليا والبلاد إذا سمنت وارمة ومصابة بمرض عضال اسمه "سرطان" السلطة والمال.. والمستشفيات أصبحت كواكب سيارة والداخل اليها مفقود والخارج منها مولود.. والبرد شديد وانخفاض دراجات الحرارة غير مسبوقة وكأن الطبيعة تتآمر ايضاً علينا".. في حين يرتجف الأطفال من البرد، ويتقاسمون رغيف الخبز وعلبة السردين .
في كتابه "أغتصاب العقل" يقول جوست ميرلو: "حين يفقد المثقفون سيطرتهم على أنفسهم وشجاعتهم وتسيطر عليهم مخاوفهم وانفعالاتهم فقط، تفوز قوة الظلم والغباء". حينئذ، تفقد الشعوب وعيها واستقلالها الوطني.. في حين اصبح المواطن وأمسى معظم الوقت غائبٍ عن الوعي الوطني أو مُغيّب ذاتيا وموضوعياً، ويستيقظ فقط بين الفينة والأخرى عند كل "صعقة" طائفية أو مذهبية هاتفاً "بالروح بالدم نفديك يا زعيم".. ثم يعود مرةً آخرى إلى سباته العميق.. يعود إلى غربته التاريخية المزمنة، أو اغترابه الذاتي.. هنا، يعني بالضبط هنا.. يجلجل صوتاً وصراخاً على كل الحضور النائمين في بلاد النائمين.. أو على كل الشعب النائم والمنوم على إيقاع شخير عهد النائمين.. على كل الضجيج النائم.. صوتا يعلو أعلى وأعلى قائلاً:
"رحمةً أيها الشعبُ ضُجَّ بشكلٍ صحيحٍ
لقد تاهَ قلبي
ولم يبقَ بيتٌ بهِ فرَحٌ
كُلّها شاحِبة
أيها المُنتَشونَ
بِمَحضِ الصُراخِ المُلَقّنِ
والبَثِّ والذبذبة
لحظةُ الصمتِ
أعظمُ إن صَدَقَت
أيها الجَمعُ صَه
لا تُصَفِّق لأنظِمَةٍ غائِبة
ما لها تتثاءَبُ هذي الجماهيرُ
تَهتِفُ وهي مُنَوَّمة
زَلزِلي واكفَهِرّي.. اكفَهِرّي
أُركُليهِم.. فأقدارُهم يُركَلونَ
وأقدارُنا القوَّةُ الضّارِبة".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.