16 شباط 2022 | 18:16

أخبار لبنان

الحريري صمت... والناس حكت

هيام طوق - لبنان الكبير 





لا شك أن الذكرى الـ 17 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري اتخذت طابعاً مختلفاً عن السنوات السابقة، فالحسرة على خسارة رجل من وزن الرئيس الشهيد وحجمه تكون مضاعفة في زمن القحط السياسي الذي هو بأمس الحاجة الى رجال كبار، الى رجال دولة، الى رفيق الحريري.

تأتي الذكرى هذه السنة بغصة مضاعفة ومزدوجة: أولاً، لأن المناصرين والمؤيدين المتألمين من الخسارة، كانوا ينتظرون الذكرى السنوية ليطل عليهم الرئيس سعد الحريري، ويطمئنهم الى أن المسيرة مستمرة، وهم كانوا يتوافدون بمئات الآلاف الى "البيال" لإعلان الولاء له على الحلوة والمرة. ثانياً، لأن الجميع لا يزال تحت صدمة الاعتكاف عن الحياة السياسية، وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية، وفكرة واحدة تتبادر الى الأذهان: رفيق الحريري مالئ الدنيا وشاغل الناس دفنوه تحت التراب، والابن سعد الذي دفع الغالي والرخيص في سبيل بناء دولة، دفعته سياساتهم الجهنمية الى الاعتكاف حفاظاً على لبنان لأنه "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".

منذ ساعات الصباح الأولى، توالت الوفود الشعبية من مختلف المناطق الى وسط بيروت للصلاة على روح الرئيس الشهيد، ولتعبّر خير تعبير عن التعاطف الكبير مع رئيس تيار "المستقبل"، وتؤكد تأييدها لسياسته في "السراء والضراء"، ولتقول له بالمباشر وبالفم الملآن: أنت الزعيم السني الأول، ونحن على خطاك سائرون.

ووسط الهتافات النابعة من القلوب، والدموع التي اختلطت فيها مشاعر الفرح باللقاء بمشاعر الألم على الغياب، وصل الرئيس سعد الحريري الى ضريح والده عند الواحدة الا 5 دقائق برفقة عمته النائبة بهية الحريري وعمه شفيق الحريري وعدد من أفراد العائلة وقرأوا الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء.

وحيّا الرئيس الحريري المناصرين الذين احتشدوا ليسمعوا منه كلاماً من القلب الى القلب، إلا أنه غادر من دون الادلاء بكلمة واحدة وسط اجراءات أمنية مشددة، وتغطية اعلامية عربية وأجنبية واسعة.

الصمت جاء أبلغ من الكلام في رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها أنّ تيار "المستقبل" هو الأقوى شعبياً ان أعلن مشاركته في الحياة السياسية أم لم يشارك فيها، كما أن هذا الصمت عبّر عن حزن وعتب وخيبة أمل لرجل ضحى بالكثير ولم يلق القليل، لكن الناس قالوا كلمتهم.

الطبش: صمت الحريري كلام

أشارت النائبة رولا الطبش الى ان "لغة الصمت التي اعتمدها الرئيس سعد الحريري كانت أبلغ وأكثر تعبيرا من الكلام. الناس الذين احتشدوا أمام الضريح لتلاوة الفاتحة عن روح الرئيس الشهيد كانوا هم اليوم المتحدثون، وقالوا كلمتهم للرئيس الحريري، وعبّروا بصدق عن وفائهم له ولمسيرته السياسية، وأكدوا له انه زعيمهم الاول والاخير وسيبقى، قالوا كلمتهم للقاتل وللاهثين على وراثة الحريرية". وتابعت: "كل الضجيج الذي واكب قرار الرئيس الحريري، خصوصا ضجيج الغربان والمخربين وأصحاب الهويات غير العربية أتاهم الجواب بالصمت".

ولفتت الى ان "هذا اليوم هو يوم حزين بالنسبة لنا، فهو يوم اغتيال لبنان وفيه الكثير من الآلام والاوجاع والحزن بالنسبة للرئيس سعد الحريري والعائلة". وختمت: "اغتالوا الرئيس الشهيد وارادوا طوال 17 عاما أن يغتالوا الرئيس سعد الحريري سياسياً، وكان هدفهم اغتيال ما تبقى من لبنان، فلينظروا اين أصبح لبنان اليوم".

نجار: الصمت يعبّر عن غضب وعتب

اعتبر الوزير السابق ابراهيم نجار أن "صمت الرئيس سعد الحريري في الذكرى، يدل على أن الرجل مقهور، ويشعر بالخيبة لأنه بعد كل التنازلات التي قدمها والمسؤوليات التي حملها، وبعد كل الاتهامات التي وُجهت اليه، ومقاطعة السعودية والأذى الذي لحق به من العهد، يرى أن المشهد لا يبشر بالخير طالما أن العين بصيرة واليد قصيرة".

ورأى أن "المشهد على الضريح حزين ويعبّر عن غضب وعتب وتسجيل موقف وكأنه يقول في فمي ماء ولا يمكنني أن أبوح بكل شيء. الرئيس الحريري يعرف ما الذي يحصل، ولديه معطيات. وما تلمسته وقرأته من مشهد الصمت كأنه يقول في حال تم التمديد لمجلس النواب فعلى الجميع الاستقالة"، مشددا على أن "موقف الرئيس سعد الحريري يجسد مبادئ السيادة والاستقلال ويلتقي مع مواقف شخصيات 14 آذار، لكنه لم يعد يريد التنازل أكثر".

أضاف: "الرئيس الحريري من خلال صمته كأنه يقول انه عبّر عن موقفه خلال الاعلان عن اعتكافه السياسة، ولا يريد الكلام أكثر واذا كان باستطاعة أحد القيام بما هو أفضل، فليتفضل".

ولفت الى أن "الناس تشعر بما يمر به الرئيس الحريري وتتضامن معه، وأنا أحب أن أشبهه ببطل يلعب دوراً مأساوياً، يتعذب في داخله وليس في اليد حيلة"، مشيراً الى أن "علينا أن نراقب ماذا سيحصل في الأيام المقبلة، وما اذا كانت الطائفة السنية باستطاعتها أن تفرز قيادياً يمكن أن يوحدها، ويتمتع بروح الاعتدال والمسؤولية الموجودة لدى عائلة الحريري".

عريمط: الصمت موقف رافض لما يحصل

وصف رئيس "المركز الاسلامي للدراسات والاعلام" الشيخ خلدون عريمط صمت الرئيس الحريري بأنه "أبلغ موقف"، معتبراً أنه "موقف رافض لما يحصل على الساحة اللبنانية. موقف لأنه على مدى عشر سنوات كانت المعوقات كثيرة تمنعه من استكمال مسيرة الرئيس الشهيد في البناء والاعمار والوحدة الوطنية وتفاعل لبنان مع أشقائه العرب".

أضاف: "صمت الرئيس الحريري يعبّر عن رفضه للحالة السياسية التي يعيشها لبنان، ورفضه لما يقوم به العهد من ضرب للوحدة الوطنية وضرب علاقة لبنان بأشقائه العرب وانحياز العهد وفريقه السياسي الى المشروع الايراني في المنطقة".

وتابع: "صمت الرئيس سعد الحريري أبلغ من الكلام لأن لديه شعور واحساس أنه لم يستطع تصحيح الاعوجاج، ورأى أن من الأولى ألا يشارك في هذه الجريمة بحق لبنان وشعبه الذي وصل في ظل هذا العهد الى جهنم".

واعتبر أن "العهد بتحالفاته مع حزب الله هدم مقومات الدولة وقطع شريان الحياة فيها، وحوّل الشعب الى جائع يفتش عن لقمة العيش وعن الماء والكهرباء. أصبح المجتمع اللبناني الذي كان مبدعاً ورائداً، الأكثر عوزاً في دول المنطقة حيث أن العهد أعاده مئة سنة الى الوراء".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

16 شباط 2022 18:16