جورج بكاسيني

11 حزيران 2022 | 13:00

أخبار لبنان

من سلّم البلد الى "حزب الله"؟ ‏

كتب جورج بكاسيني




لم تدُم "سالفة" أن الرئيس سعد الحريري "سلّم" البلد الى "حزب الله" ‏طويلاً. ربما هي استمرّت أكثر من خمس سنوات، لكنّها فترة قصيرة في ‏عمر الشعوب . ذلك أن النتائج التي نجمت عن جلستَي مجلس النواب ‏الجديد، الأولى لانتخاب رئيس ونائب ورئيس وهيئة مكتب المجلس والثانية ‏لانتخاب رؤساء اللجان النيابية ومقرّريهم، كافية، لا بل موثّقة بالصوت ‏والصورة، لدحض "السالفة" الآنفة الذكر ، ولتحويل أصابع "الاتّهام" الى ‏أحزاب وجهات وشخصيّات أخرى ارتكبت هذا "الفعل المُشين". ‏

أسابيع قليلة منذ انتهاء دورة الإنتخابات النيابية كانت كفيلة بفضح "طابخ ‏السمّ".. و"آكِله ". فالرئيس الحريري الذي عَزَف عن المشاركة في هذا ‏الاستحقاق لم يعُد له أثر أو كلمة أو دور في البرلمان الجديد. كما يعرف ‏القاصي والداني أنه بحُكم قرار العزوف، وفوق ذلك وجوده خارج لبنان، ‏هو بعيد تماماً عن مجريات العملية السياسية في بيروت. وبالتالي أصبح ‏من نافل القول السؤال عمّن "سلّم" البلد الى "حزب الله" في الجلستين ‏المشار إليهما ، خصوصاً أن نتائج الاولى جاءت بوضوح الشمس لصالح ‏‏"حزب الله" وحلفائه، فيما أتت نتائج الثانية صاعقة و"طابشة" لصالح ‏الفريق المذكور.

لم يكتفِ رافعو شعار "السيادة" أو "مواجهة" حزب الله ‏بتسليمه وحلفائه المواقع الرئيسية في البرلمان الجديد، من رئيس الى ‏نائب رئيس الى هيئة المكتب الى رؤساءاللجان ومُقرّريهم. ‏

هم عقدوا "الصفقات" و"التسويات"، فوق الطاولة وتحتها، مع الفريق ‏‏"غير السيادي" من أجل حفنة من المواقع (رؤساء اللجان) لم تبلغ عدد ‏أصابع اليد الواحدة، حتى إذا استنكر بعض نواب "التغيير" اللجوء الى ‏هذه "التسويات" خوّنوهم واتّهموهم بـ"تسليم الأكثرية الى حزب الله". ‏

هذا غيض من فيض ما عكسته مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس ‏واليوم، وقد فاضت بالتعليقات الساخرة من صور "الودّ" أو "تبادل ‏التهاني" بين طرفي "تفاهم معراب" خلال جلسة انتخاب رؤساء اللجان ‏نفسها، التي لم تخلُ من "صور تذكارية" التقطها نواب "التيار" ‏و"القوات" وهم يتطابقون بلون اللباس أيضا (فساتين حمراء) كما لو أنّهن ‏في جلسة "فالنتاين ". ‏

طبعاً "الخير لقدام"، على ما يقول العارفون بما سيؤول إليه استحقاق ‏تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة، وبالتالي انتخاب رئيس جديد ‏للجمهورية. وربما لهذا السبب استبق بعض مُدّعي رفض "تسليم البلد الى ‏حزب الله" الاستحقاق الأول بالتلويح برفض المشاركة في الحكومة ‏العتيدة، وبنيّة منع انتخاب رئيس جمهورية "غير سيادي" بحكم امتلاكه ‏‏"الثلث المعطّل"، في الاستحقاق الثاني.‏

لكن بالعودة الى الشعارات الانتخابية، ولمّا يزل جزء كبير منها يملأ ‏الطرقات على الجانبين، لم ترِد أيّة إشارة الى رفض المشاركة في ‏السلطة، أو التسلّح بما يُسمّى "الثلث المُعطّل". ما جاء في هذه الشعارات ‏وفي المواقف التي واكبتها كان معاكساً تماماً، مع تأكيد النيّة على انتزاع ‏السلطة من أيدي "حزب الله" عن طريق "أكثرية جديدة" تحكم لوحدها ‏رفضاً لحكومات "الوحدة الوطنية". كما أطرب المُدّعون الناخبين ‏برفضهم المتواصل لتجربة التعطيل و"الثلث المعطّل".. ومعهما ‏‏"الفراغ". ‏

فماذا تعني التلميحات المشار إليها سوى العودة الى التعطيل والفراغ، ‏وما بينهما المزيد من الانهيار والتحلّل؟ وماذا يعني رمي المسؤولية، هذه ‏المرّة، على "التغيريين"، بعد أن كانوا يرمونها على الحريري في ‏الماضي؟ وعلى أيّة قاعدة احتسب "السياديون" "التغييريين" ضمن ‏حصّتهم أو فلكهم السياسي، أو ظنّوا أنّهم وإيّاهم يُشكّلون "الأكثرية ‏الجديدة"، وقد ترشّح "التغييريّون" أساساً ضد "السياديين" وغيرهم تحت ‏شعار "كلّن يعني كلّن"؟ ‏

هل ثمّة من يسأل بعد: من سلّم البلد الى "حزب الله"؟ ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

11 حزيران 2022 13:00