27 حزيران 2022 | 08:10

أخبار لبنان

الميثـاقيــة...

كتب عوني الكعكي:




يبدو أنّ بعض الزعماء الجدد لا يعلمون معنى الميثاقية... والبرهان على ذلك ما جرى مؤخراً في انتخاب رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه بري.

صحيح أنّ الرئيس بري هو رمز للاعتدال والميثاقية، لأنه حريص دائماً على الأصول... لكن موقفي الدكتور سمير جعجع والصهر العزيز لم يكونا ميثاقيين... فلماذا؟

بكل صراحة وبالعودة الى يوم انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية كانت القاعدة التي انطلق منها الرئيس سعد الحريري لتأييد ميشال عون عندما رأى ان هناك اتفاقاً حصل في معراب بين د. جعجع وبين الرئيس ميشال عون على تأييد د. جعجع لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً، عقد الرئيس الحريري اجتماعاً مصغراً تداول فيه الموضوع مع المجتمعين حيث ارتأى أن يتصل بالمملكة العربية السعودية وأن يتشاور مع خادم الحرمين في هذا الموضوع. وفي اليوم الثاني جاء الجواب أنّ المملكة تؤيّد ما يتفق عليه اللبنانيون فهذا هو همّها الوحيد. طبعاً بعض المقرّبين من الرئيس الحريري لم يعجبهم القرار السعودي.. وللأسف جاهروا بذلك على التلفزيونات...

على أية حال عرضت هذه الحادثة لأذكّر د. جعجع بمعنى الميثاقية... وهي انه عندما يتم إجماع من طائفة على موقع مخصّص لهذه الطائفة، فعلى بقية الزعماء من الطوائف الأخرى أن يستجيبوا للإجماع.. وما نقوله عن د. جعجع ينطبق على الطفل المعجزة أيضاً. وهنا نحن نفهم أنّ د. جعجع عنده مشكلة مع «تيريز» لأنهما اتفقا على أن يعطي الدكتور جعجع رئاسة الجمهورية لعون مقابل مناصفة في عدد النواب وعدد الوزراء... وهذا لم يحصل.

بالعودة الى انتخابات رئيس مجلس النواب... كنت أتمنى أن يقف الدكتور جعجع متفرجاً، لا أن يصرّح انه ضد الرئيس بري.. والأنكى انه لم يكن لديه أي مرشح آخر خاص به.

فما هكذا يا د. سمير جعجع تعالج الأمور! والأنكى، اننا اليوم أمام استحقاق جديد.. هذا الاستحقاق هو تشكيل حكومة... فالدكتور جعجع خلال الاستشارات الملزمة لم يؤيّد أحداً كما فعل تماماً في انتخابات رئاسة المجلس، وهذه غلطة ميثاقية ثانية وكبيرة جداً..

من حَقّ د. جعجع أن يختار من يشاء... ولكن ليس من حقه أن يعارض مرشحاً تجمع عليه طائفته، وليس مبرّراً أن يكون هو ضد هذا الإجماع.

من ناحية ثانية، ان د. جعجع طبّل وزمّر لأشهر عدّة، بأنّ الانتخابات النيابية ستكون حلاً لمشكلتنا.. وحصلت الانتخابات وفاز د. جعجع بزيادة حجم كتلته النيابية.. وخسر «تيريز» بعض النواب... لكن الحزب عوّض له خسارته.. والأنكى هنا أنّ 3 وزراء من أفشل الوزراء في تاريخ لبنان، كبّدوا الدولة 65 مليار دولار خسائر في الكهرباء، نجحوا في الانتخابات... وهذا النجاح برسم د. جعجع ليعلم أنّ الرهان على الانتخابات هو رهان خاطئ، وأنّ العودة الى التفاعل والايجابية أفضل من السلبيّة التي تقوقع د. جعجع فيها، وظلّ أسيراً لمبادئ قد تكون غير واقعية.

بالعودة الى تشكيل الحكومة لا أعلم إذا كانت هذه الحكومة فيما لو تشكلت تملك عصاً سحرية تنقذ الشعب من جهنم التي أرسلنا إليها فخامة رئيس الجمهورية بل أقله تخفف من معاناة الشعب الذي صار بحاجة الى أبسط سبل العيش، إذ لا مياه ولا كهرباء ولا دواء ولا أموال ولا مستشفيات ولا وقود حتى ان الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة بات مفقوداً.

وكم هو حريٌّ بالدكتور جعجع لو يتفهّم كلام غبطة البطريرك: «لو أنّ السياسيين وقادة البلاد عندنا يخصصون خمس دقائق في يومهم لسماع كلام الله، لتصرّفوا بمسؤولية أكبر في مواجهة تحديات البلاد ولأظهروا جدية أكثر في الاستشارات النيابية الملزمة ولتكاتفوا من أجل الاسراع في تشكيل حكومة آخر العهد».

وحبّذا لو استمع الدكتور جعجع الى ما قاله غبطته أيضاً: «إن هذه الأشهر الأربعة الباقية من عمر العهد، يجب أن تخصّص لخفض نسبة الحقد والانتقام والكيدية والمطاردات القضائية البوليسية».

نحن نستطيع أن نتحدث أكثر عن الحال التي وصلنا إليها.. والمصيبة ان الذي حصل لا يتمناه أحد حتى د. جعجع الذي كان يراهن على ان فخامته سيكون رئيساً تاريخياً وأنه سيحد من سيطرة «الحزب» على كل الدولة... ولكن للأسف تبيّـن ان فخامته لعبة صغيرة بيد «الحزب».. لأنه «انبطح» انبطاحاً عسكرياً «كرمال» وصول تيريز الى الرئاسة.

حقاً... ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 حزيران 2022 08:10