بدا واضحا من دورة الأيام الأخيرة في لبنان، أن الدول المعنية برصد أوضاعه قد تقف عند نقطة بالغة الصعوبة في توجيه مطالبها ومواقفها المتصلة سواء بالاستحقاقات الدستورية التي يواجهها، ام في ما يتعلق بالمطالب الإصلاحية التي تحولت الى برنامج دولي ثابت مطلوب تنفيذه كشرط للدعم الدولي، وهي ان التساقط السريع لكل معالم الدولة الراعية لمواطنيها لن ينفع معه أي ضغط خارجي. ذلك ان المشهد الذي يرتسم مع الاهتراء غير المسبوق في واقع معظم القطاعات زاده تفاقما وسوداوية الطلاق الحقيقي البالغ الخطورة بين الدولة والقطاعات العامة والخاصة، بحيث تتعاظم الازمات المعيشية والحياتية والإدارية والاجتماعية والصحية على الغارب ولا من يلتفت الى احد.
منذ اكثر من شهر واسبوع، يتسع ويتفاقم اضراب الموظفين في القطاع العام الذي هو الدولة، فاذا بالدولة تقاطع نفسها، والوضع متروك على الغارب على رغم التداعيات والاضرار والخسائر الفادحة التي يرتبها هذا الاضراب على مالية الدولة، كما على مصالح المواطنين ومعاملاتهم الحيوية المشلولة والمجمدة، وعلى مئات الوف الموظفين انفسهم الذين يعانون مرارات الذل المعيشي.
اقفل باب المعالجات وتفاقم الوضع الى ذروته الى ان تحدثت المعلومات امس عن اعداد وزير المال لمشروع معالجة لمطالب الموظفين سيعرض في اجتماع وزاري في السرايا ظهر الاثنين المقبل بعد عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من الخارج. ولا يقف الامر عند هذا الاضراب اذ ان واقع الكهرباء ذاهب من سيء الى أسوأ في عز موسم الاصطياف الذي يستقطب يوميا ما يناهز العشرين الف وافد من الخارج. وواقع الخدمات في كل وجوهه لا ينبئ الا بتساقط الدولة وترك الناس لمصائرهم، بدليل ان واقع المستشفيات، الذي عاد الى الأضواء مع استفحال انتشار وباء كورونا مجددا، ينبىء بوضع خطير مع تراجع الامكانات وازدياد الدواء المهرب والمزور.
النهار
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.