18 آب 2022 | 08:36

سعد الحريري

فريد مكاري... تُنكس له القلوب - باسم السبع

كتب باسم السبع في "النهار":

كان للنيابة أو لنيابة رئاسة مجلس النواب أو للقب معالي الوزير ودولة الرئيس أن تشكّل قيمة مضافة لجوهر فريد مكاري.

هذا الرجل الذي يغادرنا اليوم كان فريداً بذاته، بأخلاقه وطيبته ووفائه وخفة ظله وكرمه ورجاحة عقله ونقاء سريرته.

ليس هناك أجمل من أن يقال عن إنسان إنه أحبّ الحياة، فكيف إن كانت الحياة هي التي عجنته وكرّمته وغنّجته وأحبّته وأعطته من روحها أصفى العلاقات والصداقات والتجارب.

هو فريد مكاري، الأنيق، الخواجه، المرتب، المهفهف، ابن البيت المفتوح والكريم على نفسه وبيئته وأصحابه. إنه صفحة مفتوحة على الصدق والصراحة ومحبّة الناس والتفرّغ لخدمتهم وملاحقة شؤونهم والرد على مكالماتهم.

مؤسف جداً أن تصبح كتاباتي حقل مراثٍ للأصدقاء والعقلاء وما بقي من عناقيد الحكمة. ويتضاعف الأسف عندما تختلط مراثي الأشخاص برثاء حطام الجمهورية، التي تتكسّر أجنحتها كل يوم ويقودها الأشقياء الى مهاوي الظلام والغربة واليأس.

فريد مكاري استأذن الحياة قبل رحيله، لأن الحياة في لبنان باتت قاب قوسين أو أدنى من الموت، وهي تحوّلت الى ميدان للسباق على التخلف والجوع والكراهيات وشظف العيش.

انطفأت الحياة الحقيقية في لبنان، ولم يبق منها سوى بعض رذاذ من الزمن الجميل، زمن أبي نبيل وكل من تذوّق طيّبات ذاك الزمن.

لقد عاد الى لبنان مع رفيق الحريري، وكان بين الأوائل ممّن دخلوا البرلمان على اسمه وبقي من الأوائل الذين يتصدّرون خط الوفاء لأبي بهاء.

عاشا معاً ذروة الشقاء تحت لهيب الصحراء في السعودية، وبقيا معاً الى أن حانت ساعة الفراق في ١٤ شباط.

بعد رفيق الحريري انكسر فريد مكاري، لكنه وجد في نجله سعد مجالاً للتعويض عن الانكسار وهو الذي خبره في الرياض قبل أن يواكبه في بيروت.

في ٧ أيار قرّر فريد أن يقيم الى جانب سعد في قصر قريطم، وأمضى قرابة شهرين الى جانبه، بعيداً عن عائلته وأهله. لم يفارق قريطم قبل أن تنجلي غيمة اجتياح بيروت… وبقي مع سعد علامة فارقة من علامات الوفاء والصداقة الطاهرة.

ملح أبي نبيل يملّح، لأنه أبيض بياض قلبه وسيرته ومذاقه مذاق الآدمية وحلاوة المعشر.

عندما صار ملح لبنان فاسداً، قرّر فريد مكاري الرحيل وأعلنت ملاحات أنفه الحداد العام على أطهر الملاحين.

فريد مكاري رجل يستحق أن تنكس له القلوب.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 آب 2022 08:36