11 كانون الثاني 2023 | 17:07

أخبار لبنان

حارس محاضر "الطائف" رحل متحسراً على عدم تطبيقه

زياد سامي عيتاني - لبنان الكبير 




غيّب الموت الرئيس الأسبق لمجلس النواب المرحوم حسين الحسيني، بعدما شكل حضوره علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة، بحيث عرف بحسه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، وكيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل واستكمل تنفيذها.

وهذا ما تكرّس خلال دوره الرائد في حقبة مؤتمر "إتفاق الطائف" الذي ساهم بصورة كبيرة في إقرار "وثيقة الوفاق الوطني"، التي أنهت الحرب اللبنانية.

ولا يخفى أن الحسيني دفع ثمناً سياسياً باهظاً، جراء إصراره على التمسك والمطالبة الصريحة بحتمية تنفيذ "إتفاق الطائف" من دون إنتقائية سياسية، مما جعله يُقصى عن رئاسة مجلس النواب، بقرار إقليمي، لأنه لم يكن مطواعاً في تنفيذ بنود بعينها من "وثيقة الوفاق الوطني"، من دون باقي البنود، بما يتوافق مع مصالح النظام السوري، الذي لُزَّم الوضع اللبناني، بعد غزو صدام الحسين للكويت، ما غيّر المعادلة، عوض أن يكون حلّ أزمة لبنان هو المدخل لحل أزمة المنطقة، أصبح إنهاء الحرب اللبنانية جزءاً من الحل لكلّ مشكلات الشرق الأوسط!

الحسيني أحد أبرز صانعي "إتفاق الطائف"، كان ينفي بشدة أن يكون الاتفاق قد فرض على اللبنانيين، معتبراً أن هناك خطأ شائعاً يقول إننا ذهبنا الى الطائف وبقينا هناك 23 يوماً، حيث قمنا بصياغة "وثيقة الوفاق الوطني" في الطائف، لأن الأمر الحقيقي هو أن "إتفاق الطائف" صُنِع في لبنان وليس في السعودية، كاشفاً أنه في الطائف توافر الإجماع العربي والدولي، إذ فور الاعلان عنه وقبل إقراره دستورياً، إلتزمت به جامعة الدول العربية والمجموعة الأوروبية والمجموعة الأفريقية ومجلس الأمن بالاجماع.

وعن التهمة التي يوجهها فريق سياسي بأن "إتفاق الطائف" سلب رئيس الجمهورية صلاحياته، يجزم الحسيني نافياً ولافتاً إلى أن العكس هو الصحيح... فالصلاحيات التي كانت مع رئيس الجمهورية منذ العام 1926، إلى أن وضع "الطائف" لم يتمكن من تطبيقها مرة.

ففي دستور ما قبل "الطائف" كانت السلطة الاجرائية تناط برئيس الجمهورية، وهو يتولاها بمعاونة الوزراء، أي أن الوزراء هم مجرد معاونين وليسوا وزراء، وهنا نكون في شبه نظام رئاسي.

ويقول في هذا المجال: "عندما أتينا لنقرر في الطائف أن نظام لبنان جمهوري – ديموقراطي - برلماني لم نجد نظاماً جمهورياً ديموقراطياً برلمانياً فيه صلاحيات كهذه لرئيس الجمهورية (!) لذلك قلنا في الطائف، وفي الاصلاحات السياسية، إن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس كل السلطات، وبالتالي هو رمز وحدة الوطن، ووحده الذي يقسم يميناً، والذي يسهر على تطبيق الدستور، ومن حقه ساعة يشاء أن يرأس جلسة مجلس الوزراء ليكون المراقب لعمل الحكومة".

وكان الحسيني يعتبر أن لا مصلحة وطنية في نشر محاضر "وثيقة الوفاق الوطني" قبل تطبيقها بكامل مندرجاتها وتفاصيلها، في ظلّ الممانعة في تطبيق "الطائف".

رحل الرئيس الحسيني "حارس الطائف"، بعدما بقي حتى الرمق الأخير يعتبر أنه ليس هناك بديل أفضل منه، على الرغم من الفشل في إنجاز القوانين التطبيقية، اذ كان على يقين أن "الطائف" نتاج قناعة بأن أحداً لا يستطيع أن يلغي أحداً لأن التكوين اللبناني قائم على مبدأ أن لا طائفة من الطوائف اللبنانية تستطيع أن تحمي نفسها بنفسها، وكل طائفة يجب أن تحمي الآخرين وتحتمي بهم.




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 كانون الثاني 2023 17:07