24 كانون الثاني 2023 | 08:39

أخبار لبنان

نصرالله ورونالدو .. والمليارات !

نصرالله ورونالدو .. والمليارات !

كتب جورج بكاسيني




أثار خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخير استغراب أوساط لبنانية وعربية واسعة حول عنوانين جرى التركيز عليهما: العودة الى لازمة انتقاد " سياسات التسعينات الاقتصادية"، أي سياسات رفيق الحريري ، ومطالبة دول الخليج بدعم "دولة عربية على حافة الإنهيار ( أي لبنان) بـ ١٠٠ أو ٢٠٠ أو ٣٠٠ مليار دولار كما لو أنها تمارس لعبة كرة القدم ".

عنوانان غريبان يستحقان التوقف عند كل منهما بتهيّب .

في الأول كيف يجرؤ السيد أو أي طرف سياسي آخر على إطلاق اتهام واحد ضد سياسات الحريري الإقتصادية ، وهو غارق واللبنانيون أجمعين حتى الأذنين في أخطر انهيار غير مسبوق منذ تأسيس الجمهورية ؟

لا يستحق العنوان المذكور عناء الرد ، بقدر ما يحتاج الى مقارنة بسيطة بين " أيام العزّ " والإزدهار والإعمار في ظل السياسات الحريرية الإقتصادية ، وآخرها بلوغ النمو نسبة ١٠ بالمئة مع حكومة سعد الحريري العام ٢٠١٠ ، وبين طوابير الذلّ وفقدان المودعين أموالهم وتجاوز الدولار سقف الخمسين ألفاً في زمن الممانعة و" أقويائها ".

هذه واحدة من الخلاصات التي تلمّس اللبنانيون أهميتها فور وقوعهم في أتون الإنهيار الاقتصادي والنقدي والسياسي في آن . أما اتهام رفيق الحريري بأنه بنى سياسات اقتصادية بناء على "حسابات خاطئة" مثل احتمال الوصول الى سلام مع اسرائيل ، فيوحي كما لو أن غياب احتمال السلام كان يفترض بأن يبقى لبنان بلا بنى تحتية من كهرباء وماء ومطار وهاتف ثابت وخليوي وجسور وأوتوسترادات ، أي مجرّد هيكل أو وعاء لا وظيفة له سوى احتضان الممانعة .

لكن السؤال : لماذا العودة الى إثارة هذا النقاش حول السياسات الحريرية الإقتصادية بعد ١٨ عاماً على اغتيال صاحب هذه السياسات ، وفي هذا الوقت بالذات ؟ هل المقصود من شيطنة هذه السياسات تمهيد الطريق أمام أخرى تنتمي الى سياسات "الإتجاه شرقاً" التي ولدت ميتة منذ أن أطلق السيد رصاصتها الأولى قبل عامين ؟ أم وضع الحجر الأساس لاقتصاد ممانع ( خلافاً للطبيعة) بذريعة أن لا أفق لتسوية في المنطقة على حد تعبير السيد نفسه ؟

في كل الأحوال إن مطالبة الأمين العام دول الخليج " أن يحسبوا حالهم عم يلعبوا كرة قدم " وأن يدعموا لبنان بمئة أو مئتين أو ثلاثمئة مليار دولار رغم أن ليس لدينا لا رونالدو ولا ميسي " ، إنما تعني أمراً واحداً بالتزامن مع رفضه في الخطاب نفسه السياسات الاقتصادية التي كانت تدعمها دول الخليج ، وهو البحث عن جرعة دعم لتذخير ترسانة السلاح ، فيما يواظب العرب ، وفي مقدمهم دول الخليج ، على تذخير اقتصاداتهم بجرعات من الإعمار والإزدهار .. والأمل .

لم يعد سرّاً أن "عصر المقاومة"، كما سمّاه النائب محمد رعد ، الذي تمدّد تباعاً في أحشاء الجمهورية منذ حرب تموز العام ٢٠٠٦ مروراً بغزوة ٧ أيار في ٢٠٠٨ وصولاً الى إسقاط حكومة الحريري في ٢٠١١ عشية الإنخراط في الحرب السورية ، أوقع لبنان في ما هو فيه ، وأطلق العنان لتدخل غير مسبوق في شؤون العرب ونسيجهم الإجتماعي، ليضع المنطقة على فوهة قلق .

حمى الله لبنان والعرب من شرّ مستطير .

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 كانون الثاني 2023 08:39