"استعادة لتاريخ المسرح العائم" مع زاهر البزري في "اشبيلية - صيدا" بدعوة من " معهد غوته "

شكلت الجلسات الحوارية " Impulse II" التي نظمها معهد "غوته " واستضافها "مسرح اشبيلية – صيدا" ، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من برنامج" آرت ايفولوشن" بعنوان "العروض الفنية: استعادة المساحات والأصوات والتواصل مع المجتمع المحلي" من تنسيق وإدارة هبة ونهلا زيباوي، شكلت نافذة للإطلالة من جديد على مهرجانات الزمن الجميل في صيدا في جلسة حوارية من خلال "استعادة تاريخ المسرح العائم في صيدا" مع الفنان التشكيلي والناشط الثقافي زاهر البزري (عضو جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ومؤسس ورئيس جمعية الشارع الثقافي ) وهو نجل المهندس الراحل مهيب البزري أحد مؤسّسي "المسرح العائم " في صيدا في الستينيات والذي عُرضت على خشبته العديد من المهرجانات حينها.

زيباوي

شارك في الجلسة نخبة من المثقفين والمهتمين من أبناء المدينة واستهلت بترحيب من نهلا زيباوي التي عرفت بالجلسات الحوارية التي تستضيفها اشبيلية والهدف منها ، وقالت :" ان الفنون الأدبية في الأماكن العامة من شأنها ان تتيح للأفراد والمجتمعات كسر الحواجز المفروضة عليها وتفسح المجال لأن ننظر للمدينة التي نحن فيها بطريقة مختلفة ولأن نصبح فاعلين اكثر في مدننا وشركاء رسم ملامح مستقبلها".

البزري

في مداخلته يقدم الفنان زاهر البزري بداية نبذة عن والده المهندس مهيب البزري الذي "عمل في التابلين وفي دائرة التعمير في وزارة الإسكان وقام برسم وتطوير الخرائط لمحافظة الجنوب وتنسيق النشاطات واعداد وتنفيذ العديد من المعارض "، ودوره في تنفيذ العديد من المهرجانات: روم وجزين "مهرجان الكرمة"، مغدوشة "مهرجان كروم الشمس" ، صيدا "مهرجان الربيع" و"مهرجان البحر" و"المسرح العائم " و"انتخاب ملكات الجمال" خلال ستينيات القرن الماضي .

ويقول البزري في هذا السياق: " بحكم عمل الوالد وخبرته برسم الخرائط وتنفيذ المعارض والديكورات والسمعة الفنية الذائعة الصيت ، تم تكليفه حينها بتنفيذ منصة وديكور لمسرح عائم بجانب جزيرة صيدا " الزيرة"، فابتكر فكرة الاستعانة بالعوامات والبراميل الطافية لتكوين الأعمدة الداعمة للمسرح العائم وصمم الديكور الذي بدت به الزيرة على شكل باخرة كبيرة . وانتشرت في محيطها عشرات السفن الصغيرة والبخوت المزيّنة التي شارك أهل صيدا في تقديمها. وتم نقل الزوار والضيوف الى الزيرة بمراكب الصيادين التي تم تصميمها على شكل مراكب الفينيقية ".

ويضيف البزري: " وشهدت صيدا ليلة السابع من تشرين الأول 1966 مهرجان "حلم ليلة صيف "، وكتبت مجلّة الحوادث آنذاك: " عاشت جزيرة صيدا ليلة جمال طويلة، تمّ فيها انتخاب مارلين طليع ملكة جمال لبنان للعام 1967 من بين ملكات جمال المناطق اللواتي جرى انتخابهنّ طيلة هذا الصيف" . وشارك في الحفل العديد من الفرق الشعبية وفرق الدبكة من جميع قرى الجنوب".

ويتابع: " وكان يقام كل عام "مهرجان الربيع " حيث كان يفوح عبق زهر الليمون في أجواء المدينة ، قتم تزيين سيارات بالزهور جابت شوارع المدينة وكل عربة تحمل مشهداً من المشاهد القروية وغيرها ، بالتزامن مع عروض راقصة وموسيقية .. ورغم أنه كان هناك دائما صراع سياسي حاد في المدينة خلال فترة الانتخابات فقط ، كان هناك اجماع على تنمية المدينة والكل كان يساهم في تنفيذ المهرجانات وينخرط في العمل لها".

وعن محاولات احياء مهرجانات صيدا يقول البزري: " بالرغم من تنفيذ مؤسسة الحريري أمسيات موسيقية في العام 1999 «صيدا مدينة للحياة، وشاركتُ شخصياً العام 2009 بتنفيذ العديد من الامسيات الموسيقية والثقافية في خان الإفرنج وحتى اعادة إطلاق لجنة مهرجانات صيدا الدولية العام 2016 وتنظيمها لأربع سنوات على التوالي ، لا تزال المدينة تفتقر الى الحافز الأساسي لتكوين مكانتها و دورها في تكوين الهوية اللبنانية الوطنية كالدور الذي لعبته في الخمسينيات والستينيات من خلال السياحة ، والدور البارز للمدينة في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي والتصدي له . ولكن الآن تحاول كافة التجمعات والهيئات المحلية ابراز الدينة من خلال عدة نشاطات وامسيات ثقافية وفنية وسياحية و لكن نفتقر للدور والقرار الفعلي لأبناء المدينة في تكوين ذلك الدور".

الصلح

وفي مداخلة له خلال الجلسة الحوارية يقول السفير عبد المولى الصلح ( العضو المؤسس للجنة مهرجانات صيدا السياحية في الستينيات): "هذه الجلسة عادت بنا بالذاكرة إلى ذلك الزمن الجميل الذي شهدت فيه المدينة عصرها الذهبي من المهرجانات. وكثر من الذين عايشوا مهرجانات صيدا في الستينات وأيام المسرح العائم يذكرون تلك الفترة التي تألقت فيها صيدا". ويثنى الصلح على تنظيم هذه الجلسة الحوارية والموضوع الذي تناولته مشدداً على أهمية متابعة توثيق وحفظ ذاكرة المدينة ودور المثقفين والفنانين والشباب في ذلك.

قرة أحمد

من جهته يقول الباحث في تاريخ وتراث صيدا الدكتور طالب محمود قرة أحمد الذي شارك في الجلسة الحوارية : " ان عهد صيدا بالمهرجانات يعود إلى فترة الستينات من القرن الماضي والذي يعد العصر الذهبي حين قرر محافظ الجنوب آنذاك غالب الترك ورغبة منه في إحياء ما طوته الأيام من ماضٍ حافل بالآثار الجميلة وحاضر مشرق بالحضارة والفنون، أقامة مهرجان شعبي في ربيع عام 1963 بالتعاون مع بلدية المدينة آنذاك. ونفذت الفكرة بعد إنجاز مسرح عائم على الساحل في الموقع الجنوبي الغربي الذي يفصل قلعة صيدا البحرية عن البحر. حينها وفي ليالي الجمعة والسبت والأحد في 7 و8 و9 حزيران 1963 وأمام حشد كبير من السفراء والوزراء والنواب والسائحين ووفود من دول عربية وأجنبية، احتفلت صيدا ومحافظة الجنوب بمهرجانات الربيع بمشاركة فرق شعبية من مختلف مناطق الجنوب".

ويضيف: "ومع استلام هنري لحود مهام محافظ الجنوب خلفاً للترك تابع المسيرة بذات الحماسة واستمرت مهرجانات الربيع مستقطبة آلاف الزوار لمشاهدة فرق الجنوب الفولكلورية ترقص على المسرح العائم. لتنتقل بعدها المهرجانات إلى جزيرة صيدا «الزيرة» التي شهدت حفل انتخاب ملكة جمال لبنان لأول مرة في صيدا والذي شارك في أحيائه عدد من الفنانين اللبنانيين على رأسهم الشحرورة صباح. كانت السفن والسيارات تزين بالورود ويمتد المهرجان على اتساع منطقة صيدا وصولاً إلى الملعب البلدي".

كما كانت مداخلات من عدد من الحضور ونقاش حول أهمية العمل على تمكين المدينة من استعادة دورها سياحياً وثقافياً وحضارياً. 

رأفت نعيم