3 آب 2023 | 17:26

هايد بارك

بيروتُ .. عندمَا نغرقُ في تفاصيلهَا .. -خالد صالح

بذكرى المرفأ كتب خالد صالح:

يا الله

كلّ شعرٍ يَمرّ فيه كلمة "بيروت"

جميلٌ جدًا .. وجَارحٌ جدًا

لكنَّه شعرٌ بمفردَاتٍ حادّة

يَجرَحُ الصّوتَ والسّمْعَ

كلّمَا عبرتُ بأصابعي علىَ "بيروت"

أحتاجُ الكثيرَ من المناديل

لأمسحَ الدّماء عن يدي ..

بيروت

يدايَ كبحرٍ .. لأنّي أريدُ يديكِ ابتكرتُ الغرَق .. وصوتي : إذا مرَّ اسمُكِ فيهِ احترَق ..

يا بيروت

أنا رجلٌ أحمقٌ أستيقظُ كما لو أنّني لم أَنم .. وأنامُ كمَا لو أنّني لن أستيقظ أبدًا .. أكتبُ اسمَك على المرآة، على الجدرانِ، على تاريخِ أبي وأمّي، على صورةِ أخي، على بابِ غرفتي، أنطقُ اسمَكِ كأرملةٍ تبحثُ عن رائحة زوجِها، وحين أخرجُ إلى الشارع أضحكُ .. أضحكُ .. أضحكُ .. كعاشقٍ يشعرُ بالخيانة ..

بيروت

تستنهضينَ المدينةَ هذا المساء على صوتِ خطوتكِ العابرة .. تمرُّ على الذاكرة وتمشينَ فوق رؤوسِ الأصابع كأن قمرًا إذ يمر على بركةٍ .. شمعةً .. دمعةً .. قبلةً ثم قبلة ثم قبلة فوق خدِّ المياهِ تقبّل تلكَ الأصابعُ خدَّ الشوارع ..

بيروت

تقتَرحينَ الفصول .. وينبتُ فوق شفاهيَ - حينَ تمرِّينَ في بالِ ثغريَ- عشبُ الذهول، وقد لا أكون سوى عاشقٍ أو سوى واهمٍ أو غريبٍ تمنّى بلادًا على شكلِ عينيكِ .. لكن دعتهُ المسافاتُ لكي يَنتمي .. أريدُكِ موتًا بهِ ارتمي، أريدك حزنًا خفيفًا جميلا، أريدُك أمنًا وخوفًا لذيذًا وعمرًا طويلا ..

بيروت

عَلِمتُ بِصدري فقط حين نامت شوارعُك عليهِ .. عَلِمتُ بصوتي فقط حين أنصتِّ أنتِ إليهِ .. عَلِمتُ بذاتي لأنّي فقط عندما قد عبرتُ بكفّي على كَتفِكِ المستكين .. وجدتُ على راحتيّ أغنياتِ المساء .. وكلَّ الأماكن وجدتُ حنينَ الطريقِ القديمةِ للعابرين ..

بيروت

لأنّي وحينَ رقصنا سويًّا نسيتُ على الخصر سبابتينِ .. نسيتُ على الشَّعرِ باقي الأصابعِ .. حين رجعتُ إلى منزلي لم أجد لي يدًا كي أدقَّ بها فطرقتُ بقلبي .. أريدُكِ ذنبي .. أريدكِ من سوفَ يحسدُ نومكِ غيري، ومن سوف يُبعد حلمًا حزينًا إذا مرَّ قربَ وسادتكِ الناعمة .. ومن قد يغنّي ويهدهدُ غفوتَكِ الحالمة سوايَ .. ويمشي بقلبٍ بحجم الحنينِ وحيدًا على دربكِ المعتمة ..

بيروت

تنامينَ بينَ غدٍ وانتظاري .. تنامينَ بينَ الهدوء وناري، وأعشقُ أنفاسَكِ الدافِئة وضحكتَكِ الهادئة .. يقولُ الغطاء الذي فوق جسمِك: لكِ الآن روحي .. أقولُ: أنا اسْمي غطاءٌ لاسمِك ..

بيروت

لكِ الآن صوتي وصمتي شفيفًا أصيرُ .. خفيفًا أطيرُ، وأعلو بجسمي وأصنعُ ألفَي حياةٍ .. بما تمنحينَ دمي من شبَق .. وأجمعُ في شفتيَّ الشفَق .. لأنطقَ اسمَكِ أنظرُ نحوي أراني كبحرٍ .. وأنظر نحو (يديكِ) الآنَ أراها الغرَق ..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 آب 2023 17:26