في مثل هذا اليوم قبل 111 عاماً، ولد الفنان «أبو ضحكة جنان» كما يلقبه محبوه، الممثل المصري الراحل إسماعيل ياسين، الذي اشتهر بأعماله الفنية الكوميدية، التي استطاع من خلالها أن يحتل مكانة كبيرة في قلوب الجماهير، رغم أن حياته الشخصية كان فيها الكثير من الأحداث المؤلمة، منذ الميلاد وحتى الوفاة.
البداية والنشأة
ولد إسماعيل ياسين في مدينة السويس في 15 سبتمبر/ أيلول من العام 1912، وعاش طفولة بائسة، وحياة غير مستقرة، حيث لم يكمل تعليمه الابتدائي، وترك المدرسة عقب وفاة أمه، ودخول أبيه السجن، فقد كان والده صائغاً ميسور الحال، لكن بعد فترة تراكمت الديون عليه، فأفلس نتيجة سوء إنفاقه، حتى دخل السجن.
حينها اضطر الطفل إسماعيل ياسين إلى العمل منادياً لمحل بيع أقمشة، وتحمّل مسؤولية نفسه في سن صغيرة. بعدها قرر أن يهجر المنزل خوفاً من بطش زوجة أبيه.
دخول الفن
نمت موهبته وهو صغير، وتأثر بالموسيقار محمد عبد الوهاب، واقتنع بعذوبة صوته، فأعد لنفسه ليكون مطرباً، ممنياً نفسه بمنافسة «موسيقار الأجيال». وبالفعل انتقل إلى القاهرة فيما بعد في الثلاثينات، من أجل احتراف الفن.
في البداية عمل صبياً في مقهى بشارع محمد علي، وسكن وقتها في فندق شعبي صغير، والتحق للعمل بعدها مع «الأسطى نوسة»، وهي راقصة شعبية، ولكن بعد فترة تركها ليعمل وكيلاً في مكتب محام، ليوفر المال الكافي للمعيشة.
وقع ذلك قبل أن يتعرف إلى السيناريست الشهير أبو السعود الأبياري، ليقدمه للراقصة بديعة مصابني، ويعمل في فرقتها 10 سنوات، ويصبح نجماً في إلقاء المونولوغات، ولمع نجمه في الإذاعة، ومنها إلى السينما، وكوّن فرقة مسرحية تقدم أشهر العروض على مسارح القاهرة.
نجاح سينمائي باهر
دخل إسماعيل ياسين السينما في عام 1939، وكان أول فيلم له «خلف الحبايب»، عندما اختاره «فؤاد الجزايرلى»؛ ليشارك فيه. وقدَّم أفلاماً عدة، لعب فيها الدور الثاني، ومن أشهرها في تلك الفترة (علي بابا والأربعين حرامي)، و(نور الدين والبحارة الثلاثة)، و(القلب له واحد). وجذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي، فاستعان به في معظم أفلامه في عام 1944، ثم أنتج له أول بطولة مطلقة في فيلم (الناصح) عام 1949.
لم يكن «سمعة» يتمتع بالوسامة مثل نجوم عصره، لكنه احتل قلوب الملايين في مصر والعالم العربي، فمثل في أكثر من 400 فيلم على مدار مشواره السينمائي الطويل. وكان عصره الذهبي منذ عام 1952، حتى عام 1954؛ حيث استطاع أن يكون نجماً لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، كما مثل 19 فيلماً في العام الواحد، وهو رقم لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر.
وانهالت عليه عروض المنتجين بعد أن استطاع جذب الجماهير إليه بطريقته الخاصة، ليصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة. وحقق ما لم يحققه فنان آخر في السينما المصرية، إذ حملت سلسلة أفلام اسمه في عناوينها، مثل «إسماعيل ياسين في متحف الشمع، في الطيران، في مستشفى المجانين، في البوليس الحربي»، وهو ما لم يحدث لأي فنان آخر سوى الفنانة ليلى مراد.
وقدم مع أحمد رمزي وهند رستم فيلم «ابن حميدو»، أحد أشهر الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية، ليترك بصمة لا تنسى في تاريخها.
معاناة النهاية
تعثرت مسيرة إسماعيل ياسين الفنية في العقد الأخير من حياته، فشهد عام 1961 انحسار الأضواء عنه تدريجياً؛ خاصة بعدما أصابه مرض في القلب؛ ما أثر في نشاطه الفني. وقيل حينها إنه تراكمت عليه الضرائب، وصار مطالباً بسداد كثير من الديون، ما أرغمه على حل فرقته المسرحية، والسفر إلى لبنان، ليعمل في الأفلام القصيرة، ويعود للمسرح وفن المونولوغات، ولم يلبث أن عاد لمصر وخفُت نجمه، ليضطر لقبول أدوار صغيرة في السينما لا تناسب تاريخه.
هل مات فقيراً؟
يتداول البعض أن إسماعيل ياسين مات فقيراً، لكنه حتى آخر أيامه كان يقوم بالتمثيل في السينما، ولو في أدوار بسيطة، حتى إنه لم يستكمل تمثيل دوره في فيلم «المضحك الحزين»، مع نور الشريف، ليتوفى بعد أيام من وفاة صديق عمره فطين عبد الوهاب، في وقت كان الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات يفكر في تكريمه.
ونفت زوجته سامية شاهين، شائعات وفاته فقيراً، مؤكدة أنه عاش آخر حياته في شقة كبيرة، ولم يقترض الأموال من كثيرين، كما قيل، وأن وفاته جاءت بسبب إصابته بالاكتئاب بعد وفاة فطين عبد الوهاب.
لكن حفيدته سارة ياسين، أكدت لاحقاً أن ظروفه المادية تعثرت كثيراً في نهاية حياته، بسبب إنفاقه على فريقه المسرحي رغم توقف عروضه.
توفي إسماعيل ياسين في 24 مايو 1972؛ إثر أزمة قلبية حادة، تاركاً خلفه إرثاً كبيراً لا ينسى من الفن والضحك والكوميديا، وأيضاً حياة شخصية مملوءة بالآلام، من الميلاد حتى الوفاة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.