8 نيسان 2019 | 00:00

صحافة بيروت

الخطة الكهربائية اليوم: توافقٌ.. أو تعمُّـــق الإنقسام

الخطة الكهربائية اليوم: توافقٌ.. أو تعمُّـــق الإنقسام
المصدر: الجمهورية

كتبت صحيفة "الجمهورية": إذا صحّت تغريدة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مساء أمس، من انّ خطة الكهرباء «لا تزال تتعرض للرياح والعواصف الضارية والعنيفة»، فإنّ مكتوب جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية المخصصة لدرس هذه الخطة وإقرارها «يُقرأ من عنوانه». فعشيّة هذه الجلسة بَدت المواقف كالآتي: رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل يؤيدون ان تتولى اللجنة الوزارية فَض عروض الشركات في شأن إنشاء معامل الكهرباء، أو تتولّاها بالتعاون مع إدارة المناقصات ووزارة الطاقة والبنك الدولي. وفي المقابل تصرّ حركة «أمل» و«حزب الله» و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المردة» على ترك هذه المهمة لإدارة المناقصات حصراً لأنها هي المخوّلة هذه الصلاحية، كذلك يصرّون على تشكيل مجلس ادارة الكهرباء والهيئة الناظمة للقطاع.

تحضر النتائج النهائية التي توصّلت اليها اللجنة الوزارية المكلفة درس خطة الكهرباء بنداً وحيداً على طاولة مجلس الوزراء الثالثة بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، للبَت بالخطة الكهربائية.



وتخوّفت مصادر معنية من انه في حال عدم التوافق على خطة الكهرباء وطرحها على التصويت في مجلس الوزراء، فإنّ أي نتيجة ستؤول اليها إنما ستؤدي الى أزمة سياسية في البلاد، بحيث يضرب ماسٌ كهربائي الحكومة والعلاقات السياسية بين مكوناتها والوضع العام في البلاد، ما يبقيها في العتمة الكهربائية الى جانب عتمة سياسية يمكن ان ينتج منها كثير من المضاعفات.



وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات تكثفت في الساعات الماضية بحثاً عن مخرج في جلسة اليوم، يقضي بحل وسط يشكّل نقطة التقاء بين المُنادين بترك المناقصة لمراجعها المختصة في المديرية العامة للمناقصات في التفتيش المركزي او للجنة الوزارية التي يطالب البعض بإسناد المهمة لها.



وتقضي الصيغة المقترحة ان يشارك أعضاء اللجنة الوزارية مع المديرية العامة للمناقصات والبنك الدولي في فض العروض، من اجل البت بها سريعاً لاختصار الوقت وتقصير المدة التي تستهلكها الآليات المعتمدة.



وقالت المصادر انه وفي حال تمّ التفاهم على هذا المخرج الوسطي فإنّ التفاهم على تشكيل الهيئة الناظمة سيكون أصعب بكثير، إذ هناك سعي لمنع الوصول الى هذه المرحلة على رغم المساعي المبذولة لتعيينها ومجلس الإدارة الجديد لمؤسسة كهرباء لبنان عملاً بالقانونين ٤٦٢ / ٢٠٠٢ و١٨١ / ٢٠١١ إنفاذاً للتعهدات التي قطعتها الحكومة السابقة قبَيل انعقاد مؤتمر «سيدر واحد» قبل عام.



وفي المعلومات المتداولة انّ فريق «التيار الوطني الحر» يعترض على تعيين الهيئة الناظمة قبل إعادة النظر في مهماتها وصلاحياتها، فيما يقول الفريق الآخر المُصرّ على التعيين انها تنهي دورها لمصلحة وزير الطاقة الذي يرغب التحكّم بالملف من ألفه الى يائه.



بعبدا تستعجل الخطة



وفي معلومات «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية سيتحدث في بداية الجلسة مشجّعاً على البَت بالخطة، وعدم انتظار اضاعة مزيد من الوقت.



وعشيّة الجلسة عبّرت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» عن ارتياحها الى مساعي الحلحلة، مؤكدة أنّ الإتصالات قطعت شوطاً بعيداً للبَت بالخطة سريعاً والعمل على تنفيذها. ولفتت الى «انّ المخارج الوسطية بدأت تقترب»، مرجّحة إقرار الخطة اليوم إذا لم يظهر اي جديد ليس في الحسبان.



حاصباني



وقال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ«الجمهورية» انه يأمل في أن يقرّ مجلس الوزراء الخطة الكهربائية اليوم، بعد تثبيت بعض التعديلات والإضافات التي أدخلت عليها.



وشدّد على «أنّ الخطة هي كلّ متكامل لا يتحمل التجزئة، وبالتالي يجب تطبيقها بنحو متكامل ووفق روزنامة زمنية دقيقة ومنتظمة، لأنّ أي خلل في حلقاتها المتصلة من شأنه أن يؤثر سلباً على أحد أهدافها الأساسية، وهو خفض العجز المالي».



وأكد حاصباني «أنّ غالبية مكوّنات مجلس الوزراء متفقة على وجوب الاستعانة بإدارة المناقصات لضمان سلوك الخطة المسار الصحيح»، مُنبّهاً الى «انّ خيار اللجنة الوزارية ليس عملياً ولا واقعياً، لأنها غير ذي صفة وليست الجهة الصالحة لإجراء المناقصات».



وقال: «يجب أن تُناط المناقصات بالإدارة الرسمية المختصة، على أن تتولى اللجنة الوزارية الإشراف والمتابعة، إنما من دون أن يكون لها دور تنفيذي أو تقريري».



قماطي



من جهته، قال وزير «حزب الله» محمود قماطي لـ«الجمهورية» انه يتوقع حصول نقاشات جدية في جلسة مجلس الوزراء اليوم، مرجّحاً أن تنتهي إلى إقرار الخطة بعد البَت في النقاط العالقة التي أحالتها اللجنة الوزارية في نهاية اجتماعاتها إلى المجلس.



وأضاف: «يحب حسم هذا الملف بعدما ضاع كثير من الوقت حتى الآن، واذا تعذّر التوافق على النقاط العالقة قد يكون من الضروري اعتماد التصويت، لأنّ الشعب اللبناني عانى كثيراً من وضع الكهرباء ولا يصحّ أن ينتظر أكثر».



شهيّب لـ«الجمهورية»



وبدوره، أبلغ وزير «الحزب التقدمي الإشتراكي» أكرم شهيّب إلى «الجمهورية» انه «من الضروري أن تلحظ خطة الكهرباء اعتماد إدارة المناقصات، وتشكيل الهيئة الناظمة التي يجب أن تكون موجودة للإشراف على خطة بهذا الحجم الكبير من الانفاق والاستثمار»، لافتاً إلى «أنّ كل القوى السياسية أكدت في البيان الوزاري وجوب تكوين الهيئة الناظمة، وبالتالي فإنّ صدقية هذه القوى على المحك الآن».



«القوات»



وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «مصير الخطة الكهربائية سينحسم اليوم»، آملة أن «تتمكن الحكومة من أن تخرج الخطة توافقياً، لكي لا يظهر أنّ هناك انقساماً حول مسائل من طبيعة جوهرية وقانونية وتشكّل شرطاً أساسياً لدى المانحين في مؤتمر «سيدر»، والمقصود إدارة المناقصات والهيئة الناظمة للقطاع المنصوص عليها في البيان الوزاري، والتي تشكّل بنداً إصلاحياً أساسياً ضمن إصلاحات «سيدر»، فضلاً عن أنّ إدارة المناقصات تشكّل مسألة أساسية وحيوية».



ورأت أنّ «أي محاولة للتهرّب من إدارة المناقصات ومخالفة قانون المحاسبة العمومية تشكّل نقطة سوداء في كل الخطة، لأنّ الرأي العام اللبناني استبشَر خيراً في طريقة عمل إدارة المناقصات ويريد أن يتمّ تفعيل المؤسسات الرقابية، لأنّ هناك شكوكاً واسعة في طريقة إدارة هذا الملف منذ سنوات عدة»، متمنية أن «تُحسم الأمور بالتوافق قبل الوصول إلى التصويت، والمقصود التوافق على إقرار إدارة المناقصات والاتفاق على أن تكون المرجعية الوحيدة وأن يُصار إلى إقرار تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء».



وأكدت أنّ «خلاف ذلك ستكون الخطة مشوبة بشكوك واسعة، لأنّ إدارة المناقصات تشكّل رافعة أساسية للعمل المؤسساتي النزيه».



وأبدت المصادر نفسها استغرابها من أنّ «هناك من يرمي الاتهامات حول عدم قدرته على تطبيق الخطة السابقة نتيجة عرقلات»، متمنية على هذا البعض أن «يسمّي المعرقلين وطريقة عرقلتهم، علماً أنّ كل المرحلة السابقة كانت مبنية على خطة ترتكز على البواخر، وفي ظل خلاف حول دفتر شروط واضح المعالم، وفي ظل رفض مرجعية إدارة المناقصات».



وشددت على ضرورة أن «ننتهي من كل هذا الملف، وأن نضع لاحقاً ملف الموازنة على الطاولة لكي تتدفق المساعدات إلى لبنان»، مُنبّهة: «هناك كلام كثير عن الإصلاح ومكافحة الفساد، إلّا أن ما نراه على أرض الواقع لا يشجّع، وما حصل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في ظل اعتراض «القوات» و«حزب الله» فقط على رفض اتفاق بالتراضي لشركة ترويج للسياحة يشكّل نقداً لكل هذا الكلام، فهناك من يتكلّم لكنه يفعل عكس ما يقوله، وكنّا نأمل أن ننتهي من كل صفقات واتفاقات التراضي ونذهب باستمرار إلى دفاتر شروط شفافة وإدارة المناقصات، لكن للأسف هناك من يفضّل الاستمرار بالمزايدات بعيداً من الواقع السياسي».



وأملت مصادر «القوات» في أن «تسير الأمور اليوم في الاتجاه الذي يأمله الرأي العام وأن تُقرّ الخطة»، مشددة على أنّه «يجب اعتماد الشفافية لكي تحوز هذه الخطة على ثقة المواطنين، لأنّ الثقة مهزوزة بين الطبقة السياسية والرأي العام، ولردم هذه الهوة يجب العودة إلى منطق المؤسسات».



عون



من جهة ثانية أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حديث مع التلفزيون التونسي، انه «منذ أسبوعين تقريباً، زارنا وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، ويبدو انه بات مقتنعاً بوجوب عودة النازحين، وهو ما قاله في شهادته امام الكونغرس الاميركي».



وعن علاقته بالرئيس الاميركي دونالد ترامب، قال انه لم يتعرّف إليه بعد.



وعما اذا كانت فرنسا لا تزال صديقة للبنان، أكد انها لا تزال كذلك، «إنما في ميزان القوة الدولية، فإنّ فرنسا ليس في استطاعتها ان تكون في مستوى قوة الولايات المتحدة وروسيا، اللتين بات رأيهما الأكثر ترجيحاً».



موقف فرنسي



وعلى رغم الأجواء الضبابية، برز موقف فرنسي داعم لبنان، إذ شدّد السفير الفرنسي برونو فوشيه على أنّ «فرنسا بقيت على الدوام وفيّة للبنان، في الظروف السعيدة كما في أحلك مراحل تاريخه».



واعتبر أنّ «التعاون في المجال الأمني يندرج في الإطار الأوسَع لمساعدة لبنان في مسألة النازحين في مؤتمر بروكسل 2، وفي التطور الاقتصادي في مؤتمر «سيدر». وهذه المساعدة لا تأتي من دون مقابل، وهو في حد ذاته في مصلحة لبنان، أي تحقيق الاصلاحات الجذرية، والتي ينتظرها المجتمع الدولي وفرنسا، وخصوصاً في قطاع الكهرباء والقطاعات الاخرى».



الراعي



وفي السياق، إستمر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في رفع الصوت، واعتبر أنّ «المسؤولين السياسيين المصابين بالعمى الداخلي يتسبّبون بمأساة الشعب، عندما يتعامون داخلياً وخارجياً عن حاجات هذا الشعب المتفاقمة، ولا يرون سوى مصالحهم وحساباتهم، من دون أن تعنيهم الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، أو من دون بذل الجهود اللازمة لمعالجتها».



وقال: «أمس مرّت سنة كاملة على مؤتمر باريس المعروف بـ«سيدر»، أي المؤتمر الاقتصادي من أجل الانماء والاصلاحات والمشاريع الذي أقرّت فيه الجماعة الدولية تأمين أكثر من 11 مليار دولار أميركي، بين قروض وهبات، لمساعدة لبنان على تمويل مشاريع تهدف إلى إصلاحات عصرية في موازناته وهيكلياته وقطاعاته، وفي طليعتها موازنة 2019، التي لم تر النور بعد، والكهرباء التي نرجو إقرار خطتها أخيراً في جلسة الغد لمجلس الوزراء».



واعتبر «أنّ هذا الاهمال والتقاعس والتأخير إنما ينال من سمعة لبنان وصدقيته وشفافيته تجاه الاسرة الدولية، وتبقى في أساس هذه الإصلاحات مكافحة الفساد المستشري شرط أن يبدأ من القمة نحو القاعدة، وإيقاف هدر المال العام من كل أبوابه».


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 نيسان 2019 00:00