على الرغم من الظروف الإجتماعية والحياتية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وما يرزحون تحته من معاناة تزيد من وطأتها الأزمة الاقتصادية في لبنان وتقليص وكالة الأنروا لتقديماتها للاجئين ، فوجئ مفوض عام الأنروا فيليب لازاريني خلال زيارته لمخيم عين الحلوة لتفقد أوضاع أبناء المخيم ومنشآت الوكالة فيه بانتقادات توجه الى الأنروا ومن خلالها الى المجتمع الدولي على ادائه في مواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية على أهلهم في قطاع غزة ، وبأن هذا الهم الوطني الذي يوحد الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات ، بات يتقدم حتى على المطالب الحياتية والصحية والتربوية للاجئين الفلسطينيين في لبنان .
كان لقاء لازاريني مع ممثلي اللجان الشعبية لكل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية والقوى الإسلامية في المخيم لقاءاً عاصفاً كما الطقس العاصف والممطر الذي رافق الزيارة وما صاحبه من سيول في شوارع المخيم التي تحتاج لتأهيل، فوجد لازاريني نفسه محاصراً بعاصفتين، وتلقى من بعض من التقاهم سيلاً من الملامة والإتهامات للأنروا والمجتمع الدولي على تركهم النساء والأطفال والمدنيين في غزة فريسة لآلة القتل الإسرائيلية ، ولعل أبلغ رسالة حمّلها المخيم للمفوض العام لينقلها الى المجتمع الدولي هو كيف أن بعض الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة والتي تقلص دعمها وتمويلها للأنروا المسؤولة عن رعاية الشعب الفلسطيني هي نفسها التي تدعم الكيان الإسرائيلي بالسلاح والصواريخ ليقتل هذا الشعب!.
رافق لازاريني في جولته في المخيم مديرة شؤون الأنروا في لبنان دوروثي كلاوس، ورؤساء الأقسام وكبار الموظفين، حيث تفقد عددًا من مؤسسات الوكالة الصحية والتربوية ، حيث اطلع على أوضاع مدارس الأنروا التي كانت مسرحا للإشتباكات الأخيرة في المخيم ولا تزال مقفلة بانتظار انجاز أعمال ترميمها من قبل الأنروا .
ثم التقى لازاريني ممثلي "اللجان الشعبية" لكل من " فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية والقوى الإسلامية " وتسلم منهم مذكرتين بمطالب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومن ضمنها ما يتعلق باحتياجاتهم الأساسية والملحّة في مخيم عين الحلوة .
أبو صلاح
مسؤول "اللجان الشعبية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا " عبد الرحمن ابو صلاح دعا "الأنروا " ممثلة بمفوضها العام لـ"عدم التخلي عن أهلنا وشعبنا في غزة وزيادة مساعداتها لهم" متوجهاً عبر لازاريني بـ"تحية شكر وتقدير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على موقفه تجاه ما يحدث من حرب ابادة في غزة " ومطالباً المنظمة الدولية بـ"إتخاذ مواقف أكثر جرأة".
وعدد أبو صلاح أمام لازاريني بعض المطالب التي تضمنتها المذكرة التي سلمها له بغسم اللجان الشعبية ومنها " زيادة التغطية الصحية بما يتعلق بالإستشفاء والدواء، وإعادة احياء وتحديث وتفعيل مشروع دعم حالات العسر الشديد المتوقف منذ العام 2015 وزيادة نسبة المستفيدين منه والمبالغ المالية التي يلحظها "، لافتاً الى أن نسبة الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بلغت 92 في المئة بحسب احصاء الأنروا نفسها !. كما طالب بالإسراع بترميم المدارس المتضررة من احداث المخيم وبإطلاق مشروع ترميم للبيوت المتداعية في المخيم، وبسد كافة الشواغر" .
زعيتر
من جهته مسؤول "اللجان الشعبية للتحالف والقوى الإسلامية في منطقة صيدا " أبو حسام زعيتر وجّه انتقادات لاذعة للأنروا ومن خلالها للمجتمع الدولي ، معبراً عن استياء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من أداء كل المنظمات الدولية بما فيها الأنروا التي قال انها" تركتنا عرضةً وفريسة لآلة القتل الإسرائيلية أمام مرأى العالم اجمع ولا احد يتحرك ".
وإذ حيا مواقف الشعوب الأوروبية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني ، أدان زعيتر في الوقت نفسه حكومات هذه الدول ومعها الولايات المتحدة الأميركية الذين قال إنهم " يتآمرون على قتل النساء والأطفال وتدمير البيوت في غزة ، منتقداً نقل "الأنروا " لعملياتها ومكاتبها وموظفيها من شمال غزة الى جنوبها انصياعا لطلب الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع الى جنوبه.
وقال مخاطبا لازاريني "لا تحدثونا بعد اليوم لا عن حقوق الطفل ولا عن حقوق المرأة ولا عن بيئة ولا عن حماية ..ولا أي نوع من القيم .. كل القيم في العالم سقطت امام ما حصل ويحصل اليوم في غزة ".
كما انتقد زعيتر الأنروا على تقليصها لخدماتها وتقديماتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان وعلى تأخرها في ترميم مجمع المدارس في عين الحلوة ، غامزاً من قناة الدول المانحة وخاصة الأوروبية والولايات المتحدة وتقليص تمويلها للأنروا المعنية بدعم الشعب الفلسطيني ، مقابل الدعم العسكري الذي تقدمه هذه الدول لإسرائيل وترسله " هدايا قاتلة " للشعب الفلسطيني من خلال تزويدها بالصواريخ والأسلحة .
لازاريني
أما لازريني فقد بقي منصتاً ومستمعاً باهتمام لما قاله أبو صلاح وزعيتر حتى أنهيا كلامهما متفهماً هذا السخط الفلسطيني على المجتمع الدولي ، لكنه حرص في معرض رده ، أن يوضح أن الأنروا "أصدرت عدداً كبيراً من البيانات منذ بدء الحرب في غزة ورفعت الصوت مراراً وتحدثت عن أن هناك مأساة في القطاع وقالت ان ما يحصل غير معقول وان الجميع يجب ان يتدخل لوقف ما يجري " لكنه أشار في المقابل الى أن" الاحتياجات كبيرة وتتجاوز قدرة الأنروا ويجب على المجتمع الدولي كله ان يتحرك" .
وعن زيارته لعين الحلوة قال لازاريني ان الهدف منها " تفقد مدارس الأونروا ، وان الأولوية القصوى هي لإعادة الأطفال الى مدارسهم وهذا ما نعمل عليه ، لكن الاحتياجات هائلة وهذا يتطلب الكثير من العمل".
في بلدية صيدا
وكان لازاريني زار ترافقه كلاوس بلدية صيدا والتقى ممثل رئيس المجلس البلدي خضر بديع عضو المجلس البلدي ومدير خلية ادارة الكوارث والأزمات في اتحاد بلديات صيدا الزهراني مصطفى حجازي بحضور رئيسة لجنة النشاطات وعضو المجلس البلدي وفاء شعيب.
وجرى خلال اللقاء عرض مختلف الأوضاع المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين في منطقة صيدا ومخيماتها.
واشار حجازي الى أن "البحث تناول الوضع العام في فلسطين وغزة والعدوان الاسرائيلي على القطاع وانعكاس ما يجري في فلسطين على الوضع العام في المنطقة وخاصة في لبنان والمخيمات الفلسطينية ".
وقال" كما تم التطرق لتداعيات الإشتباكات المؤسفة التي وقعت قبل أشهر في مخيم عين الحلوة وتسببت بأضرار جسيمة في المنازل والأماكن السكنية وبعض منشآت الأنروا . وكان تمني على الوكالة إنجاز تقييم الأضرار والتنسيق مع المنظمات الدولية والهيئات الإغاثية من أجل التعويض على المتضررين في أسرع وقت".
وأضاف"أطلعنا السيد لازاريني على الإستعدادات لمواجهة الحالات الطارئة وتمنينا دعم البلدية ودعم خلية إدارة مخاطر الكوارث في إتحاد البلديات في صيدا الزهراني ، سيما وأننا في بلدية صيدا في الخطوط الامامية في حال حصل اي عدوان اسرائيلي . اليوم نحن بحاجة لتفعيل غرفة العمليات ودعمها بهذا الاطار وشددنا على التعاون والتنسيق الدائم بيننا وبين الاونروا واستضافتهم اليوم بالبلدية خير دليل على هذا التعاون الوثيق".
لقاء مدراء الأونروا
بعد ذلك ترأس لازاريني بحضور كلاوس في البلدية إجتماعا داخليا عاما لمدراء الأقسام في الأونروا ، جرى خلاله عرض اوضاع الوكالة وسير الأعمال وبخاصة في ظل المستجدات في المنطقة.
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.