7 كانون الأول 2023 | 21:47

أخبار لبنان

لقاءات الراعي ومواقفه في "صور" تُذكّر بوقفة الإمام الصدر ومفتي صيدا ومطارنة الجنوب عام 1970 .. تاريخ يعيد نفسه!

اكثر من دلالة ورمزية وطنية حملتها الزيارة التضامنية التي قام بها (الخميس) البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى الجنوب على رأس وفد من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك حيث التقى المرجعيات الروحية المسيحية والإسلامية وفاعليات المنطقة .

ترى مصادر كنسية واكبت الزيارة أن أهميتها - وهي الثانية للبطريرك الراعي الى الجنوب منذ العام 2011 – تكن في أنها أتت لتشكل رسالة دعم معنوي من رأس الكنيسة المارونية في لبنان للجنوبيين في ظل تصاعد وتيرة الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وفي وقت أحوج ما يكون فيه لبنان للتضامن بين أبنائه في مواجهة هذه الإعتداءات والتهديدات الإسرائيلية بشن حرب على لبنان ، فجاءت الزيارة لتعبر عن شعور وطني وادارك من غبطته للمخاطر التي تهدد لبنان.

وتعتبر هذه المصادر أن هذه الإطلالة الجنوبية للبطريرك الراعي بما تضمنته من لقاءات ، وما حملته من مواقف وطنية وإنسانية للبطريرك الراعي ، قدمت المشهد الوطني التضامني المكتمل العناصر بما يحمل من معاني العيش المشترك والصمود الجنوبي المشترك بين مكونات العائلة اللبنانية، في مواجهة مشهد القتل والتدمير الذي تحاول إسرائيل به إرهاب اللبنانيين ، فأكدت الكنيسة بهذه الزيارة أنها لا تترك الجنوب وأنها دائما مع أهالي الجنوب والى جانبهم في هذه المحنة .

وتقول المصادر نفسها أن البطريرك الراعي كان واضحاً ومباشراً في تحديد هدف الزيارة حين قال " أتينا للإعلان عن تضامننا وايماننا بهذا الوطن لكي نصمد امام ما يحصل من حرب مدمرة، ونحن نريد ان نوصل رسالة الايمان بهذا الوطن "، داعياً اهل الجنوب لعدم الخوف..".

كما كان لافتاً بحسب هذه المصادر رسالة التضامن التي وجهها البطريرك الراعي الى الشعب الفلسطيني ومن قلب مدينة صور على مقربة من الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة متوجهاً بالتحية لأهالي غزة وقال "نحن معكم صامدون ومتضامنون ونحمل معكم القضية الفلسطينية، ولكن نشهد حرب ابادة ، ليس فيها رحمة ، هي حرب تدميرية مبرمجة . توجد اصوات في العالم ولكن لا ينتج عنها مواقف تخفف عن الشعب"، مؤكداً "حق الشعب الفلسطيني في ان يقرر مصيره".

وتوقفت المصادر الكنسية عند استذكار البطريرك الراعي للإمام موسى الصدر معتبراً أنه" "رسم فلسفة لبنان وخلاص لبنان"، وان "المطارنة الذين كانوا مع الإمام الصدر قد رسموا مستقبل لبنان ليربح الجميع" ، وان "خلاص لبنان يكون بالصمود والبقاء مهما قتلوا دمروا . وليس لنا خلاص الا بقوتنا وعيشنا المشترك".

وتشير المصادر في هذا السياق الى أن لقاءات البطريرك الراعي مع العائلات الروحية في الجنوب واستحضاره - وفي مدينة صور تحديداً - للإمام الصدر ومواقفه الوطنية المشتركة مع مطارنة الجنوب ، يذكّر بتلاقي العائلات الروحية اللبنانية وتضامنها في محطات مماثلة عاشها الجنوب اللبناني وعانى خلالها مرارة الإعتداءات الإسرائيلية .

يقول المونسنيور الدكتور الياس الأسمر في كتابه عن " تاريخ أبرشية صيدا المارونية وعلاقتها بقرى الجوار الجغرافي " 1866-1975 " : "عندما بدأت الأعمال العسكرية في جنوب لبنان سنة 1969 ، انعكست هذه الأعمال سلباً على أبناء الجنوب على الصعيدين الإجتماعي والإقتصادي ، وبعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة  دعا الإمام موسى الصدر في 20 أيار 1970 رؤساء الطوائف في الجنوب الى اجتماع طرح فيه فكرة تشكيل هيئة لمساعدة الجنوب ، لبى الدعوة رجال الدين المسلمون شيعة وسنة ودروز ومعهم مطارنة الجنوب من كل الكنائس ومن بينهم " المطران انطونيوس خريش (الذي أصبح فيما بعد بطريركاً للطائفة المارونية) ومفتي صيدا والجنوب حينها الشيخ محمد أنيس حمود ، حيث توّج اللقاء بتأسيس " هيئة نصرة الجنوب " والتي تشكلت من جميع العائلات الروحية اللبنانية. وألقى الإمام موسى الصدر حينها البيان الختامي ومما جاء فيه:" ان الجنوب لفي خطر ولا يخاَلنّ خائل اذا سقط الجنوب أن سياجا من السحر يسور لبنان او خيمة من الغيب تغطي عليه وشواهد التاريخ شواهد على امم بادت واوطان زالت وقوميات غدت كاساطير الأولين! ... "انهضوا لنصرة الجنوب، ونصرة لبنان.. ان ساعه النفير تدق .. لتجميع وتجنيد سائر الطاقات والامكانات المالية والمادية والمعنوية والخدمات لمجابهة هذا الخطر الذي يهدد كل لبنان".

أكثر من 53 عاماً مرت على تلك المحطة الوطنية .. وها هو المشهد يتكرر اليوم .. وكأن التاريخ يعيد نفسه!


رأفت نعيم


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

7 كانون الأول 2023 21:47