23 نيسان 2024 | 08:28

أخبار لبنان

لبنان كأنموذج لتحديات البريتون ودز

النهار- مازن عبّود




يقول Stiglitz(2012):"الفوز في لعبة "نزيهة" شيء. والقدرة على كتابة قواعد اللعبة بطرق تعزز احتمالات فوز المرء، شيء آخر. الأمر أسوأ من ذلك إذا استطعت".

يحتفل العالم بالذكرى الثمانين لإنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المتفرعتين عن نظام Bretton Woods المكسب الأبرز للولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية. لكنّ الأرض اليوم سطّرت قواعد جديدة والابتكار أخرى. يتداعى نظام ضمن سيطرة الولايات المتحدة على العالم من بوابات النقد والتمويل، ونجح في تحفيز النمو والحد من الفقر والتصدي للازمات، لكن في تطويع ما لا يتوافق.

لبنان ينتظر دينامية داخلية تضمن إنفاذ مقترحات صندوق النقد. اقتصاد الكاش يكبر وصندوق النقد يضغط. لكن كيف نتحرر من اقتصاد الكاش في ظل انعدام الثقة بالمصارف والدولة وغياب الإصلاحات؟ التاريخ الاقتصادي لبلدنا نتاج سياسات فاشلة ومحدودية ومحسوبية ومناخات وفشل قواعد مؤسسية. أترى من يضمن بقاء لبنان دولة كاملة الشرعية في منظومة الدول والاقتصادات؟ للمصارف مصلحة استراتيجية في إعادة هيكلة القطاع وإقرار الإصلاحات فتستعيد وجودها وتصير جزءا من مشروع انقاذ لبنان. البلد ساحة عراك ما بين مؤسسات الحوكمة وكيانات الممانعة. لبنان انموذج لتحديات مؤسسات Bretton Woods. دولة غارقة في العجز والديون. تمويلها يعزز الفساد، وتركها يعزز الفوضى الاقليمية.

نعيش في عالم اقل عدالة وباكلاف استدانة وتبادل. قواعد الامس لا تلاءم واقع اليوم. تقويض السلم يولّد التضخم ويرفع كلفة التبادل، تطوّر العملات الرقمية المشفرة وتداعي العولمة يقوّض البريتون وودز. الحفاظ على حقوق الملكية يشكل محرك الإبداع والوفر لكنه يقوّض توزيع الثروة واكتمال الأسواق التنافسية. العدالة الاقتصادية هي التحدي لتوزيع الوفر الذي ستجلبه التكنولوجيا. فالازمة ليست في زيادة صافي الناتج الخاص العالمي بل زيادة صافي الناتج الاجتماعي. صافي الناتج الخاص الذي لم يؤدي الى صافي ناتج اجتماعي ملائم معطوفا الى ظروف أخرى أدى الى سقوط لبنان السبعينات. هذا ما يهدد الدول.

فرص مؤسسات Bretton Woods في عيدها الثمانين في تحوّلها الى وسائل لتفعيل الاستقرار العالمي بمجابهة الفقر وإعادة توزيع للكتلة النقدية ومواجهة للاحتباس الحراري بوسائل مالية. فالتصدي للفقر المدقع وللازمات يتطلب خلق فرص لامتصاص عمالة وهذا غير متوفر، ولن يكون متوفرا لانّ التصنيع ما عاد يضمن ذلك(Prodrick,P.S.2024). الكثير من اقتصادات العالم تتحوّل الى ريعية. عيننا على مصر والسودان ودول المنطقة.

اعتبر طوني بلير (1999) بانّ انتشار القيم الغربية يجعل العالم أكثر امانا، ونحن امام انحسار هذه القيم، مما ينذر بحروب وصراعات. العقوبات الدولية تعزز الاقتصادات البديلة وتخلق نظاما دوليا موازيا. بالأمس قتل محمد سرور لارتباطه بتمويل حماس وسنشهد عمليات مماثلة. العقوبات لم تنتج التغيير الأخلاقي المنشود لأنها استخدمت كأدوات حرب حصرا. لماذا لا يتم التلويح بالعقوبات لبنانيا في وجه كل من يقاوم الإصلاحات الاقتصادية، أوليس للتفلت واقتصادات الكاش تداعيات ليس فقط على لبنان بل على المنطقة؟

الصدمات الجيوسياسية وارتفاع اكلاف التمويل وانحسار تبادل السلع والأشخاص والأفكار وبروز العملات البديلة الرقمية المشفرة وسوء توزيع الكتلة النقدية وبروز نظام مواز Bretton Woodsلل، جميعها تشكل عواملا بتداعيات كبيرة. لا يجب ان تصير التجارة والنمو والتمويل حكرا على دول دون اخرى. منتدى دول خارج النظام المالي العالم يكبر ومن غير المقبول ان يكون لبنان من مؤسسيه. يحتاج لبنان للأفضل، ويحتاج العالم الى قواعد تضمن العدالة الاقتصادية، فنسلم وتسلم الحضارة...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 نيسان 2024 08:28