برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلًا بمستشاره الأستاذ زياد بيضون، أطلقت "ثانوية السفير – الغازية " الفيلم الإنشادي " نرسم حلمًا أجمل " في عمل فني ضخم يحاكي معاناة وآلام وأحلام الطفولة المعذبة في العالم ، ولاسيما في جنوب لبنان وفلسطين وغزة الجريحة ، ويؤكد على حق الأطفال في أن يرسموا أحلامهم الجميلة في حياة آمنة كريمة وفي غد أفضل يسود فيه العدلُ العالمَ ، ويخلص إلى أن الجيل الحالم هم الأمل القادم .
والفيلم الإنشادي" نرسم حلمًا أجمل " هو العمل الفني الأول من نوعه الذي تطلقه مؤسسة تربوية فكرةً وتأليفًا وتصويرًا وإخراجًا ، أرادت من خلاله "ثانوية السفير" وبإبداعات طلابها أن توجه رسالة حب وتضامن لأطفال الجنوب وغزة ، وتعزيز قيم الخير ضدّ الشّرّ وقيم العدل ضدّ الظّلم .
مدة الفيلم ثلاث دقائق ، وهو من إنتاج "ثانوية السفير"، ووضع فكرته مديرها الدكتور سلطان ناصر الدين ، وكتب كلماته الشاعر محمد ترحيني، وأخرجه المخرج زين العابدين السباعي، وقام بتمثيله طلاب ثانوية السفير، وتم تصويره في حرم الثانوية .. ويجسد الفيلم فكرة انبعاث الأمل من وسط الدمار، كما طائر الفينيق الذي ينهض من تحت الركام ، ترسمه وتلونه وتطلقه أنامل الأجيال الحالمة .
حفل إطلاق الفيلم
وجرى إطلاق الفيلم في احتفال أقيم في قاعة الاحتفالات في الثانوية بحضور أسرة المدرسة والطلاب الذين قدموا هذا العمل. واستهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد ثانوية السفير، ثم بتقديم من الأستاذ حسن خازم قال فيه: " نجتمع اليوم، رائين بأمّ العين الحقّ كلّه، بارزًا للباطل كلّه، نجتمع وقد كان القرار أن لا سكوت، أن لا خضوع، أن لا تلكّؤ. نجتمع وفي الصّوت تحدّ لكل مرّ، في حضرة الثقافة، وحضرة التربية. الثقافة والتربية توأمان، لهما حنجرة واحدة، وصوت واحد، وديدنٌ واحد، وهو إعلاء كلمة الحقّ. موقفٌ تجلّى بوجه الطّغيان فنًّا، ديمومة لمقاومة فكريّة ثقافيّة، ومناعة فكريّة. فأهلًا وسهلًا بكم في حفل إطلاق الفيلم الإنشادي "نرسم حلما أجمل".
المخرج السباعي
وتحدث مخرج العمل زين العابدين السّباعيّ مستشهدًا بأبيات شعرية للشاعر أحمد شوقي يقول فيها " أَحْبِبِ الطِّفْلَ وَإنْ لَمْ يَكُ لَكْ/ إنَّما الطِّفْلُ على الأرضِ مَلَكْ/ هُوَ لُطْفُ اللهِ لَوْ تَعْلَمُهُ/ رَحِمَ اللهُ امرأً يَرْحَمُهُ" . وقال : هذا ما قاله أحمد شوقي. وقوله حقّ . فحَتّى مَن لم يُنجب أطفالاً، كانَ طِفلاً يوماً ما. وهذا سرُّ تعاطُفِنا وفَهْمِنا للصِّغارِ الذين قد نستَرجِعُ مِن خِلالِهم ذكرياتِ طفولَتِنا.
واعتبر السباعي أن " الإنسانيّة تنتصر على كلّ الأسباب والأعذار الواهية؛ فلا يهمُّنا طفلُ مَن هذا! لا يهمُّنا ما عرقه! ولا يهمّنا ما جنسيته! ما يهمُّ حقًّا أنه طفلٌ " وقال:" طفلٌ حاول الاحتلالُ، مِن خلال حصاره على غزة، أن يسلبه طفولته وحقوقه ويحجُبَ صوتَه عن العالمِ بأكملِه". مستعرضًا قصّةً جرت أحداثُها داخل أحد السّجون فقال : "هُناك بين القُضبان، وُلِدَ طفلٌ وكان شديد البكاء. غضب سجّانهُ من أنينهِ، فجاءَهُ بأحدِ المساجين الآخرين كي يقرأَ لهُ أيّ قصّةٍ تجعَلُهُ يَهدَأ، قائِلاً: "أسكت هذا الطفل وإلا سأُرديه قتيلاً". فاحتار السجينُ في أمره ، ولم يعرف ما الذي سيقوله لهذا الطفل ، ولم يخطر في باله سوى أن يروي له قصّة وبادر يروي: كان يا ما كان في قديم الزمان، طفلٌ ينظرُ إلى عصفورٍ يقفُ أعلى الشجرة " ، فيصدِمُهُ الطفلُ مُقاطعًا: "وما معنى عصفور؟".. نعم، داخلَ السجنِ، لم يرَ عصفورًا في حياتِهِ، بل إنّه لم يرَ شجرةً، لأنّه وبكل بساطة ولد داخل السجن، ولم تَرَ عيناه سوى القُضبان وسواد جدران غرفته. لقد سلبهُ ظلمُ السجونِ طفولَتَهُ ، ولكنهم لم ولن يستطيعوا أن يسلبوه نعمةَ التخيّل . بشيءٍ من العجز وبكتمٍ للدموع، راح الكاتبُ يصفُ له جمالَ هذا الكائنِ، عذوبةَ صوتِه، وشكلَ جناحَيهِ وقدرَته على الطيران، وبذلك خَلقَ لهذا الطفلِ جناحَينِ مِن خيال طار بهما خارج أسوارِ القَفَصِ، وظلَّ جسَدُهُ حبيس المكان" .
ورأى السباعي أن "حال هذا الطفل حالُ أطفالِ غزّة! تُحلِّقُ أحلامُهم فوق المعابرِ والأسلاك الشائكة والحواجز المُظلِمَةِ ليرسُموا حُلمًا أجمل، فيهِ عصافيرُ لا طائرات، فيه شمسٌ وقمرٌ لا قنابلُ ضوئية، حلمٌ فيه منزلٌ يضيء حُبًّا ويشعّ أملاً". وقال:" أمّا نحنُ فقد شعرْنا بالعجز والخَجل ، فما استطعنا أن نقدّمَهُ لهم لن يساويَ شيئًا أمام ما بذلوه. لذلك كان لزامًا علينا إيصالُ أصواتِهم إلى أقصى بقاع الأرض . ومِن هذا المنبر أخذنا على عاتقنا من خلال العمل الفيلم الإنشادي "نرسم حلماً أجمل" مسؤولية تجسيد معاناتِهم، جاعلينَ من الفنِّ وسيلةً لايقاظ الإنسانيةِ على صورةِ هذا الواقع المؤلم، لأنَّ الفنّ يبني حضارةً أكثرَ ممّا يفعَلُهُ الحجر.إنّ جُلَّ ما أردنا تقديمَه وإيصالَه يتجسّد في تلك الرؤية العميقة للفنّ من خلال عملنا الفنّي" نرسمُ حُلمًا أجمَل".
الشاعر ترحيني
وألقى كاتب نشيد " نرسم حلمًا أجمل" الشّاعر محمّد ترحيني كلمة رأى فيها إن " أعداء إنسانية الإنسان شاءوا أن يرسموا شكل الإنسانية على شاكلتهم، فكانت مشيئة الله أقوى. هو الذي خلقنا ومنحنا القوة لنحلم ونحقق أحلامنا" وقال :" إن الأمل بتحقيق حلم دعت إليه جميع الأديان ليس وهمًا، بل هو حقيقة ثابتة، يمكن أن نحققها في أي زمان وفي أي مكان، إذا ما احترمنا الإنسان وخالق الإنسان وعرفنا واعترفنا بحقه علينا. فمن يقتل الأطفال والنساء في فلسطين، وكذلك من يسكت على جريمة قتل الإنسان من دون مبررٍ، ومن يساند ذلك إعلاميًّا وعسكريًّا وفكريًّا هو شريكٌ في رفض كينونته الإنسانية والتخلي عنها. أما أبناء الإنسان، المؤمنون بقضيتهم، يحلمون، يصدقون، ينتظرون، يزرعون ، يحصدون، وهم الذين خلقهم الله ليكونوا خليفته في الأرض، وهم أصحاب القضية الحقة، وبوصلتهم فلسطين" .
المدير ناصر الدين
كلمة ثانوية السفير ألقاها مديرها الدّكتور سلطان ناصر الدّين فقال :" الشّجرة حياة . والشّجرة كانت غرسة وصارت شجرة. والغرسة ، كي تصير شجرة ، تحتاج إلى رعاية ووقاية . والأطفال غرسات ، يحتاجون كي يصيروا في مرحلة الفتوّة والشّباب والعطاء، يحتاجون إلى رعاية ووقاية . إنّ رعاية الطّفولة تكون بالعلم والمعرفة ، بالحب والحنان ، بتنمية المهارات . وإنّ حماية الطّفولة تكون بمنع آلة القتل الفتّاكة بهم . وآلة القتل تظهر بوجوه مختلفة : عسكريّة وفكريّة واجتماعيّة . ووظيفة المدرسة ووظيفة البيت رعاية الطّفولة وحمايتها . وهذا ما نقوم به" .
وأضاف:" الفيلم الإنشاديّ " نرسم حلمًا أجمل " أصوات أطفال يؤازرون أطفالًا مقهورين مظلومين في العالم ، في جنوب لبنان، في فلسطين الحبيبة ، في غزّة الجريحة . عندما كان الطّلّاب يؤدّون أدوارهم أصابتنا الدّهشة ؛ فهم يصرخون من أعماق قلوبهم ، وبعيونهم ، وبحناجرهم ، يرفضون الظّلم ، ويرسمون الأمل . إنّ وظيفة المدرسة لا تقتصر على تقديم المعارف وتنمية المهارات ، بل وظيفتها تعزيز القيم قيم الخير ضدّ الشّرّ ، قيم العدل ضدّ الظّلم . نحن لسنا في موضوع الخير والشّرّ ، في موضوع العدل والظّلم، لسنا في الوسط. نحن مع الخير المطلق ضدّ الشّرّ المطلق، ومع العدل المطلق ضدّ الظّلم المطلق" .
عرض الفيلم
بعد ذلك جرى إطلاق الفيلم الإنشادي " نرسم حلمًا أجمل" عبر عرضه على شاشة كبيرة وسط تفاعل الحضور مع مضمون هذا العمل كلمات وموسيقى ومشاهد تصويرية .تقول كلمات النشيد :
"بِاسْمِ الطّفولةِ نَحْلُمُ/ حُلْمًا جَميلًا نَرْسُمُ/ أَنْ يَحْكُمَ العَدْلُ!
وبنا الضّميرُ تَكلّما:/ "قلبُ الصِّغارِ تَألَّما/ قَدْ أَمْعَنَ القَتْلُ!
كَمْ مِنْ صَغيرٍ يَرْتجي/ ولِحِضْنِ أُمٍّ يَلْتَجي/ مِنْ آلةِ القَتْلِ الّتي لا تَرْحَمُ!
الحُلْمُ صارَ مُقَيَّدا/ حتّى إِذا ما استُشْهِدا!/ فيُبرَّأُ الجاني وطِفْلي يُظْلَمُ!"
لا لا.. لا لا / نَحْنُ الأَمَلُ القادِمْ/ نَحْنُ الجيلُ الحالِمْ/ نَرْسُمُ حُلْمًا أَجْمَلْ
نَقِفُ بِوَجْهِ الظّالِمْ / نَمْحو اللَّيْلَ القاتِمْ / لِغَدٍ أَفْضَلَ نَعْمَلْ
نَرْسُمُ مُسْتَقْبَلَنا/ وَالعَدْلُ يَسودُ بنا / هُوَ كُلُّ الكَوْنِ لَنا
في كلِّ مَكانْ/ في كلِّ زَمانْ
وَبِكُلِّ لُغاتِ العالَمْ / نَحْنُ الأَمَلُ القادِمْ / نَحْنُ الجيلُ الحالِمْ
لِغَدٍ اَفْضَلَ نَعْمَلْ/ نَرْسُمُ حُلْمًا أَجْمَلْ!".
ممثل الوزير المرتضى
وألقى كلمة راعي الاحتفال وزير الثّقافة القاضي محمّد وسام المرتضى ممثله الأستاذ زياد بيضون فقال :" أظن أن الذي يشاهد هذا الفيلم الإبداعي يرى أنه أمام ممثلين خريجي معهد فنون ومر عليهم كثير بهذا المجال، لكن الجواب أن هذا الأمر ليس صعبًا؛ هذه حياتنا، وهذه أجيالنا، وهذه ثقافة الحياة لدينا . هناك من قد ينتقدنا أنه "دعك من اللون الأسود والسيارة المحروقة " وأن " هذه ثقافة موت". نحن نقول لهم :"هذه هي ثقافة الحياة، وهذا جيلنا الذي نربيه والذي يربى وحده هكذا وبدون أي فعل من الأهل مباشرة، لأننا ربينا في بيئة تعودت أن تقدم. وانظروا كم يتحلى مخرج الفيلم بالذوق حين تحدث عن الحس الإنساني أننا نشعر مع أطفال غزة . نحن ورغم كل الذي نعيشه مع أطفال غزة نشعر بالتقصير ، فما بالكم مع كل هذه الشعوب والأجيال العربية التي هي نائمة؟ نحن جيلنا ، جيلكم نفخر أننا أبناء هذه الأرض وأولاد هذا البلد الذي لم نقصر مع أحد على حساب أنفسنا ، فقط للحصول على العزة والكرامة دفاعًا عنهم".
وأضاف :" إن الصرح الذي نحن فيه صرح محترم ، يتميز بأمر لا نراه في أغلب المدراس. إن ثانوية السفير تضع عنوانًا لعامها الدراسي، وهذا أمر جميل جدًّا أن يكون الطالب منذ بداية العام يعرف هذا العام هو عام ماذا بالنسبة له، ، عام النجاح ، عام الريادة ، عام التطوع . هذه العناوين توجد الحوافز عند الطلاب، إضافة إلى عملية كسر الرتابة . نرى في العديد من المناسبات لوحات فنية تتكرر فيها الأفكار ومنفذة سابقًا، ولكن هذا الفيلم الذي رأيناه اليوم فعلًا إبداعي".
وتابع ممثل الوزير المرتضى يقول : " قرأت ضمن كلمات النشيد " نرسم حلمًا أجمل ". افترضت أنه يحكي عن حلم يتحقق أو لا يتحقق. وجدنا أن هناك من يقولون بأن الأحلام تتكسر على أرض الواقع ولا يمكن أن تتحقق ، في الوقت الذي لدينا أكبر نموذج أن الأحلام تتحقق إذا كان هناك صدق ومثابرة وإرادة حقيقية وقوية . نحن ربينا على مقولة - من حيث المبدأ - أن "العين لا تقاوم المخرز" وأن" لبنان قوته في ضعفه" ، لكن التجربة أثبتت عكس ذلك . كل الأحلام التي كنا نحلمها ، الآن يحققها أبطالنا ومقاومونا في جنوب لبنان الذين يسطرون أروع الملاحم يوميًّا، والذين يعززون لدينا فكرة أن هذا الكيان "الإسرائيلي" هو إلى زوال ، وهذا الإجرام هو إلى زوال. ويومًا بعد يوم نحن نقتنع أكثر بهذا الأمر، ومهم أن تبقى هذه الروحية" .
وقال :"بعد العام ألفين قالوا إنه " لم يعد هناك مقاومة في لبنان" وإنه " صار تحرير وانتهت المقاومة". وفي العام 2006 بعد حرب تموز قالوا إن هذا الشعب لم يعد يريد الحرب ، وأصبحوا يناقشون فكرة "هل يمكن لهذا الجيل الجنوبي أو الجيل اللبناني أن يبقى يفكر بأن يقاتل إسرائيل . ونحن نجيب بكلمات: "إن هذا الجيل الذي يقاتل اسرائيل اليوم هو جيل الألفين وجيل الألفين وستة".
وختم بيضون بالقول :" أهنئكم على هذا العمل الرائع وباسم معالي الوزير، نحن سنتبنى هذا العمل حتى يعرض في كل مناسبة لها طابع فني ، طابع يجب من خلاله أن تصل الرسالة . يجب أن يعرض هذا الفيلم لأنه فعلًا هذه هي ثقافة الحياة، وهذه هي ثقافة التضامن وثقافة الإنسانية قبل أي اعتبار".
وفي الختام كرمت ثانوية السفير ممثل راعي الاحتفال الأستاذ زياد بيضون، فقدم له مديرها الدكتور سلطان ناصر الدين هدية تذكارية .
الرابط الخاص بالفيلم الإنشادي " نرسم حلماً أجمل ":
https://www.facebook.com/share/v/v6GQiqdscsmyCL7w/?mibextid=qi2Omg
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.