استضافت العاصمة الأذربيجانية باكو، مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) لعام 2024 في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر، حيث بحث القادة العالميون قرارات حاسمة بشأن تحديات المناخ المتزايدة. ويأتي المؤتمر في ظل تزايد الدعوات الدولية لكبح جماح صناعة الوقود الأحفوري التي تعتبر من أبرز مصادر تلوث البيئة
شاركت في المؤتمر بصفة مراقبة بدعوة من المنتدى الوطني في أذربيجان حيث كنا في ضيافته مع 20 جمعية من بلدان مختلفة وشاركت في ندوة حول " تأثير الحروب على تغير المناخ " مثال الفوسفور الأبيض في جنوب لبنان ، وندوة حول العدالة المناخية ودور النساء في مكافحة تغير المناخ .
شارك في مؤتمر كوب 29 حوالي 40000 مندوب ومندوبة، يمثلون الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإضافة إلى منظمات عالمية كالاتحاد الأوروبي ومنظمات غير حكومية وناشطين وناشطات في مجال المناخ وحقوق الإنسان.
هدف المؤتمر إلى دفع الدول نحو اتخاذ تدابير أكثر فعالية لمواجهة تغير المناخ، من خلال الحد من الانبعاثات وتحقيق الهدف المحدد في اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، المتمثل في منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما يزيد عن 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وركز المؤتمر على قياس التقدم نحو هذا الهدف، مع التأكيد على أهمية مساعدة الدول الأكثر تضررًا.
سمي المؤتمر هذه السنة بـ"مؤتمر كوب المالي"، وكان فرصة حاسمة لتوسيع نطاق التمويل اللازم لمساعدة الدول منخفضة الدخل على التحول إلى اقتصادات خالية من الكربون والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ. وشمل الهدف الوصول إلى تمويل سنوي يصل إلى تريليون دولار لمساعدة الدول النامية
تُعد التزامات الدول الغنية بتمويل المناخ إحدى أبرز نقاط الخلاف في مفاوضات COP29، بموجب اتفاق الأمم المتحدة لعام 1992، كانت الدول المتقدمة مُلزمةً بتوفير التمويل للدول النامية باعتبارها الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية، وفي عام 2009، وعدت هذه الدول بتوفير 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2020، إلا أن هذا الهدفَ لم يتحققْ إلا في عام 2022، أدى هذا التأخير إلى تآكل الثقة بين الدول النامية والمتقدمة، ما غذّى الاتهامات بتقاعس الدول الغنية عن الوفاء بمسؤولياتها التاريخية تجاه أزمة المناخ. وتطالب الدول النامية من الدول الغنية الملوثة ان يتحملوا قدرا كبيرا من المسؤولية ويتولوا تمويل المشاريع المناخية
و توصل المشاركون في المؤتمر إلى اتفاق مناخي جديد، حيث تعهدت الدول الغنية من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول الناميةبتوفير 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035 للدول الأكثر فقرًا لمساعدتها على التعامل مع التأثيرات الكارثية المتزايدة لأزمة المناخ وهو رقم انتقدته العديد من الدول النامية باعتباره غير كافٍ إلى حد كبير.
سيذهب مبلغ 300 مليار دولار، الذي سيكون مزيجًا من الأموال العامة والخاصة، إلى الدول الضعيفة والفقيرة لمساعدتها على التعامل مع الطقس المتطرف المدمر بشكل متزايد وتحويل اقتصاداتها نحو الطاقة النظيفةوالتكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف وأيضا للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون بدلا من تطوير اقتصاداتها عن طريق حرق الفحم والنفط كما فعلت الدول الغربية لأكثر من قرن.
واعتمد مؤتمر الأطراف (كوب29) قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشاريع خضراء في دول أفريقيا وآسيا بدلا من خفض انبعاثاتها الخاصة من الغازات الدفيئة
ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في باكو بعد سنوات من الجدل الحاد حول تداول أرصدة الكربون للحد من الانبعاثات .، ويعد هذا انجاز تاريخي من خلال مفاوضات كسرت سنوات من الجمود واتمت حل بند رقم 6 معلق في اتفاقية باريس لفتح اسواق الكربون العالمية.
وسوف تتمكن البلدان الغنية الملوثة من شراء أرصدة الكربون، من خلال التوقيع على اتفاقات مباشرة مع بلدان نامية. وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس ا لعام 2015، وقرار باكو يجعله ساري المفعول.
ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار، أو استبدال المركبات العاملة بالوقود بأخرى كهربائية، أو الحد من استخدام الفحم.
وتميزت المفاوضات بمشاركة قيادات شبايبة رائدات في العمل المناخي مثل رزان المبارك رائدة الامم المتحدة للمناخ لمؤتمر الاطراف كوب 28 و الاميرة هلا بنت خالد آل سعود ونيغار ارباداراي رائدة الامم المتحدة للمناخ لمؤتمر كوب 29 وتمثل الوفد اللبناني ايضأ بوفد شبابي، وركزت المفاوضات على مواضيع مختلفة حول التمويل وبنود اتفاقية باريس لا سيما المادة 6 حول اسواق كربون ، والعدالة المناخية والصحة والامن الغذائي ودور النساء والشباب وضرورة اشراك الشباب في المفاوضات والقرارات الحاسمة ودور الطبيعة وضرورة الحفاظ على الثروات الطبيعية ودور الشعوب الاصلية في الحفاظ على الارضمع الذكر أن مؤتمر COP28 الذي استضافته الإمارات العام الماضي شكل محطة فاصلة في الاعتراف بالدور الحاسم الذي تلعبه الطبيعة في مكافحة تغير المناخ.
اتفقت جميع الدول الأعضاء على هدف عالمي يتمثل في وقف إزالة الغابات بحلول عام 2030 ومع ذلك هناك حقيقة صعبة وهي أن الأرقام والإحصاءات العلمية ما زالت تشير إلى أننا بعيدون عنّ الأهداف المتفق عليها.لذا يجب أن تكون الحلول القائمة على الطبيعة مبنية بقوة على الأدلة العلمية والمعرفة البيئية التقليدية لدفع العمل الفعال مع ضرورة الاشارة الى أن الشعوب الأصلية يمثلون عاملا أساسياً بجعل الأرض والتربة والنظم البيئية إيجابية للطبيعة، وعلى الرغم من أن الشعوب الأصلية تمثل أقل من 5% من سكان العالم، فإنها تدير ربع سطح الأرض، بما في ذلك 37% من الأراضي الطبيعية، يجب العمل على إدراجهم في الحلول القائمة على الطبيعة والاعتراف بحقوقهم.
ومع غياب اكثرية الدول الغنية والملوثة عن المؤتمر يبقى الأمل بتحقيق نتائج الكوب 29 والتزامات الدول قبل الكوب 30 في بيليم في غابات الامازون العام 2025
نوال مدللي
عضوة مكتب سياسي ومسؤولة لجنة البيئة في تيار المستقبل
رئيسة جمعية سوا للتنمية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.