خسر باراك أوباما معركة، و القيصر فلاديمير بوتين لم يربح الحرب. يستطيع أوباما ان يقول للنواب الأميركيين حاولت الكثير مع القيصر للتوصل الى حلّ نتجنب فيه استخدام القوة ضد بشار الاسد، لكنه أصر على موقفه الداعم للأسد، ليس حبا به ولكن لانه يعتقد انه سيربح الحرب الباردة الصغيرة ضد الولايات المتحدة الاميركية، التي تعيد بعض أمجاد روسيا على يديه، ويدخل التاريخ الروسي الى جانب لينين.
من حق القيصر ان يسعى ويعمل ما بوسعه، كل ذلك بمهارة لاعب الشطرنج وقوة لاعب الجودو. الظروف تساعد بوتين كثيرا. الغرب الى تراجع، وهو لا يريد الحرب، تكفيه حرب العراق وخسائرها المادية والبشرية والسياسية الكارثية. يضاف الى ذلك، وجود بشار الاسد الذي ذهب في قتاله من اجل الحفاظ على ما ورثه من والده حافظ الاسد الى درجة تدمير سوريا واغراقها بدماء عشرات الألوف من السوريين المدنيين واستخدام السلاح الكيماوي، وحليف آخر لـالقيصر هو الولي الفقيه آية الله علي خامنئي، الذي يعتبر ان سقوط الاسد هو سقوط لكل مشروعه السياسي الخارجي.
جبهة الممانعة بقيادة بوتين، تستعد لإعلان انتصارها. السؤال الكبير : هل تستطيع الولايات المتحدة تحمل كلفة هزيمة استراتيجية، ستكون كلفتها مرتفعة جداً على جميع المستويات، ولعل بداياتها خسارة قيادتها الأحادية للعالم، ومشاركة روسيا والصين ودول البريكيس معها من موقع قوة متدرج، وان تتسلم ايران قيادة وادارة الشرق الاوسط ؟وهل يمكن للرئيس الذي انتخب في سياق مسار طويل للمساواة والديموقراطية، ان يدخل التاريخ بانه الرئيس الاستثنائي الذي قبل خسارة الولايات المتحدة الاميركية لمواقعها ؟.
لا تعني هذه الأسئلة اكثر من عرض للواقع، وليس انتصارا لـالأميركي البشع، او لـللشيطان الاكبر الذي لم يعد كذلك للقيادة الإيرانية. الجواب الطبيعي لكل هذه الأسئلة، لا يمكن للرئيس الأميركي الاستسلام، لكنه أيضاً مثله مثل بوتين لن يذهب الى حد إشعال مواجهة واسعة بين بلده وروسيا. من الواضح ان الرئيس الأميركي سينتظر الضوء الاخضر من الكونغرس واذا حصل عليه، فانه قد ينتظر تقرير خبراء الامم المتحدة حتى يكسب شرعية الضربة الصاروخية، فيحرج اولا حلفاءه الأوروبيين الذين خذلوه تحت شعار الخوف من عرقنة سوريا، ورد فعل القاعدة وأختها النصرة، علما ان الخطر الاكبر هو اذا بقي الاسد، وقد تابع الفرنسيون ومعهم الأوروبيون الى اين يمكن ان يصل الاسد في سياسته وتهديداته من خلال مقابلته مع صحيفة الفيغارو. ومن جهة ثانية يسحب من بوتين سلاحا مهما وهو غياب الشرعية التي اصلا عمل لضربها في مسلسل الفيتو الذي عطل الامم المتحدة.
اذا دخل أوباما الحرب فانه لن يقوم بها لكي يدغدغ الاسد ولكن أيضاً ليس لاحتلال سوريا. الحرب ستكون لإفهام الاسد ومعه بوتين ان زمن الحرب ضد السوريين المدنيين قد انتهى وانه خارج كل المعادلات لمستقبل سوريا، وكلما أصر على مواقفه السابقة كلما كانت الضربة أقسى وأقوى. هذا الحل يسمح لروسيا ان تكون حاضرة في صياغة مستقبل سوريا والمحافظة على مصالحها. اما بالنسبة لإيران فان اللعبة مختلفة جداً. يمكن لإيران ان تكون حاضرة في الحل ولكن لن يستطيع الولي الفقيه المحافظة على حليفه الاسد ولا ان تكون سوريا عراقا آخر له، اقصى ما يمكنه المطالبة به حفظ موقع سياسي قوي وفاعل في النظام اللبناني، وذلك من خلال التوافق على طائف -.
الرئيس أوباما متأكد ان بوتين لن يدخل في مواجهة عسكرية مع بلاده من اجل سوريا. وهو يعرف ان ايران لن تقاتل في سوريا او من اجل سوريا وهي التي ناضلت عشر سنوات وتعاونت امنيا مع الأميركيين في افغانستان والعراق حتى لا تقع في فخ الحرب مع الأميركيين وحلف الأطلسي. اما حزب الله فقد أدى واجباته للعلى في إرسال شباب المقاومة الى سوريا وتحولوا الى مقاتلين في خدمة الاسد والولي الفقيه ويخسر عدة مئات من القتلى والجرحى. أيضاً الحزب يعرف جيدا ان حضانته الشعبية ليست مستعدة لخسارة الارض والسيادة من اجل حرب ليست حربها.
الايام المقبلة مليئة بالمفاجآت والأحداث. من الافضل للجميع خصوصا اللبنانيين ان يحفظوا رؤوسهم في مثل هذه المواجهة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.