"خسرنا عزيزاً"، هذا ما قاله الوزير السابق غسان سلامة، فور الاتصال به للاطمئنان على نجاته من عملية تفجير فندق القناة مقر الأمم المتحدة في بغداد.
و"الخسارة" تجسدت في سيرجيو فيرا دي ميللو، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في العراق. وسلامة المتقن لفن الكلمة، تكلم عن الخسارة بلغة الجميع، لأن هذه الخسارة وإن كانت "خاصة" وقاسية بالنسبة لسلامة الذي تربطه به علاقة شخصية قديمة من باريس وأيام الدراسة، إلا أن الجميع ومنهم العرب خسروا كثيراً في رحيل هذا البرازيلي، الذي جاء الى باريس تلميذاً، وليبدأ انطلاقاً منها مساره الطويل في العمل الدولي، وكان هذا المسار كما يرى الكثيرون ممن يعرفوه أو تابعوه، سيقوده الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، خلفاً لكوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة حالياً.
كان سيرجيو دي ميللو، في نظر بعض معارفه ومن الذين التقوه في عمله في الأمم المتحدة التي أمضى فيها أكثر من ثلاثين عاماً، شاباً ورجلاً مليئاً بالحيوية، فيه حرارة البرازيليين، وصلابة المشبع بالثقافة الفرنسية الواسعة، خصوصاً أنه عايش ثورة 1968 في السوربون، وهو يتمتع بديناميكية معززة بالحماس وقادرة على إيصال خطابها الى المتصلين والمحيطين به ارتكازاً على كاريزما نادراً ما يتمتع بها ديبلوماسيو الهيئات الدولية الباردين.
وخلال عمله في الأمم المتحدة امتاز دائماً بقدرته على الاستماع جيداً لمحاوريه ومحدثيه، وهذه الصفة في المواقع التي تنقل فيها وكانت تتطلب حساً إنسانياً عميقاً في مفوضية اللاجئين، جعلته أقرب الى الناس وأكثر إحاطة بقضاياهم.
وقد عرف دي ميللو كيف يجمع بين برودة مكاتب الأمم المتحدة وأروقتها وحرارة العمل الإنساني من خلال بروزه كرجل ميدان يتنقل من دائرة ساخنة الى موقع أكثر حرارة واشتعالاً. فهو لم يأتِ الى العراق من نيويورك، بل جاءه بعد مسار طويل بدأ في داكا وجنوب السودان وقبرص وموزامبيق ولبنان ورواندا ويوغوسلافيا والبحيرات الافريقية الكبرى وكوسوفو وتيمور الشرقية، هذا دون أن ينسى العمل في المواقع التي تكسبه مزيداً من الخبرة الديبلوماسية، كرئاسته للمكتب الاقليمي للمفوضية في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، وكذلك رئاسة دائرة العلاقات الخارجية في مقر المفوضية في جنيف.
سرجيو دي ميللو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كان "متحمساً جداً" للنجاح في مهمته الأخيرة، لعلها تكون له "جسراً حقيقياً للعبور الى الأمانة العامة للأمم المتحدة"، ولذلك وظّف كل خبراته وطبيعته الميدانية للنجاح، فلم يترك طرفاً عراقياً إلا واجتمع معه واستمع اليه.
وهو كما يؤكد كل من التقاه في بغداد والنجف وغيرهما من المدن العراقية كان مدركاً ومشدداً في كلامه على أن العراق حالة استثنائية في الأزمات الدولية، إذ لا يمكن تجاهل الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها ودورها في العراق من جهة، ومن جهة أخرى إن أي أجنبي لا يستطيع حكم العراق وأن العراقيين وحدهم قادرون على ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.