للمرة الأولى في فرنسا، يقتحم النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، استحقاقاً انتخابياً، فارضاً على الناخب العربي ـ المسلم، أن يكون الى جانب لائحة تحمل اسم فلسطين أو يقف في الضفة الأخرى. ورغم أن لائحة اورو فلسطين، التي تضم 28 مرشحاً محصورين في ايل دوفرانس وذلك في إطار الانتخابات الأوروبية، فإن هذا التوجه شكل حدثاً حاراً في هذه الانتخابات الباردة على الصعيد الشعبي.
منظمة مؤيدة للفلسطينيين تحت اسم كابجيو، والتي أسسها نيكولا شاشاني واوليفيا زامور وهما كانا ينتميان في السابق الى اليسار المتطرف، هي التي بادرت الى تشكيل لائحة اورو فلسطين، وكان من المفروض أن تضم اللائحة المؤرخ موريس راجسوفس لكنه أعلن انسحابه وقد أثار هذا الانسحاب جدلاً كبيراً، ففيما أكد أن "خوفه من انقسام جبهة المؤيدين للقضية الفلسطينية"، هو الذي دفعه الى الانسحاب من وسط المعركة، فإن الأوساط العربية في اللائحة أعادت انسحابه الى ضغوط ضخمة عليه من الأوساط اليهودية المؤيدة لإسرائيل، مما اضطره الى اتخاذ هذا القرار.
الوجه البارز في اللائحة وهو الفكاهي ديودونيه، الذي برأته المحكمة قبل أسابيع قليلة من تهمة معاداة السامية بعد أن أوقفت جولته الفنية تحت دعاوى هذه التهمة، قال في اجتماع انتخابي عقد في قصر الرياضة وحضره أكثر من 3 آلاف شخص "لقد كنت ضحية لحملة عنيفة من قبل أصحاب الحملة الصهيونية التي هي قوية جداً في هذا البلد، ويجب أن يقال ذلك بقوة وعلناً". وخلال هذا المهرجان الانتخابي، الذي شكل خطوة هامة على صعيد هذا التفرد الانتخابي للجالية، أكد العديد من المشاركين للصحافيين وبخاصة للقنوات الفرنسية، أن الذي دفعهم للانضمام الى هذه الحملة بعد أن كانوا يؤيدون اليسار المتطرف أو الخضر وحتى الحزب الاشتراكي، هو "دعم الحقوق الفلسطينية الغائبة عن حملات وبرامج الأحزاب الأخرى". وأضاف البعض منهم "لقد تعبنا من ممارسات الجيش الإسرائيلي التي وصلت الى قتل الشيخ أحمد ياسين المقعد". كما لاحظت الأوساط الفرنسية، أنه لأول مرة في اجتماع انتخابي، جرى توجيه صيحات استنكار عالية ضد دومينيك ستراوس خان وزير المالية الأسبق وأحد فيلة الحزب الاشتراكي المرشح للانتخابات الرئاسية وبرتران دلينوي رئيس بلدية باريس. وقد تركزت صيحات الاستنكار ضدهما لدعمها إسرائيل وسياسة ارييل شارون.
لكن هذا التحول في أوساط الجالية العربية الإسلامية لا يلاقي اجماعاً من الأوساط المؤثرة داخل الجالية، وقد وصلت معارضة هذا التوجه الى درجة أن ليلى شهيد ممثلة منظمة التحرير الفلسطينية وجهت نداء الى أعضاء اللائحة للانسحاب من الانتخابات وترك الحرية لناخبيهم، وذلك بحجة أن تعدد اللوائح يضعف جبهة المؤيدين للقضية الفلسطينية والتضامن معها. وتخشى الأوساط الفلسطينية في باريس أن لا تحصل اللائحة على أكثر من 3% من أصوات الناخبين في منطقة ايل دوفرانس التي تضم باريس، مما يعني حصولهم على نسبة نصف في المئة على مستوى فرنسا.
وتتابع هذه الأوساط أن الأطراف المؤيدة لارييل شارون والسياسة الإسرائيلية في فرنسا، سيستخدمون هذه النتيجة للتأكيد على أن قضية الشعب الفلسطيني لا تعني سوى نصف في المئة من الفرنسيين.
لكن مصادر اللائحة ترى أن التجربة تستحق المخاطرة إذ يجب خلق وعي منفصل ومستقل لدى الناخب العربي ـ المسلم وكل من يؤيد القضية الفلسطينية من الفرنسيين مقدمة للانتخابات الرئاسية المقبلة بحيث يضطر المرشحون لتضمين مواقفهم الرسمية أو في برامجهم القضية الفلسطينية وحل النزاع عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للعيش.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.