8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مصادر عسكرية: تجنّب المدن لضرب "الرأس" في بغداد

كيف يستثمر الرئيس جاك شيراك الشعبية التاريخية التي لم يحصل عليها الجنرال ديغول وهي 85% حسب آخر الاستطلاعات بحيث لا تكون سوى محطة استثنائية في مساره السياسي؟
المحيطون بقصر الأليزيه، يؤكدون ان شيراك "لن يطوي العالم ويضعه في جيبه"، اي لن يتوقف حيث وصل ولذلك فانه أرسى مجموعات عمل تعتمد نتائج دراساتها في نشاط سياسي مستقبلي بناء. وأمام شيراك موعد دقيق وحساس هو انعقاد قمة الثماني الكبار في مدينة ايفيان في فرنسا في الأول من حزيران المقبل، وقد دعا دولاً اخرى للمشاركة في اليوم الاول من ايام القمة الثلاثة، وهي دول مهمة لها وزنها وحضورها في القارات الخمس وابرزها: البرازيل والهند والصين والمغرب. وبهذا ستكون قمة الثماني قمة العشرين او الخمس والعشرين لان اللائحة لم تكتمل بعد، اي ان ثلاثة ارباع الارض على الصعيد الاقتصادي ستكون موجودة وكل ذلك لايصال رسالة، كما تقول الأوساط نفسها، للاميركيين انهم ليسوا وحدهم في هذا العالم.
والموعد الثاني الذي تعمل له الخلايا والمجموعات المستحدثة في الاليزيه، في ظل الدروس المستفادة من الازمة العراقية، هو في 20 نيسان القادم موعد القمة الثلاثية الفرنسية الالمانية البلجيكية، وستكون هذه القمة مخصصة للشؤون الدفاعية. ويقول المفوض الاوروبي ميشال بارنييه المقرب من شيراك بهذا الخصوص "لقد دفع الاميركيون ظهرنا الى الحائط، وهذا سبب اضافي للسير قدماً في بناء الاستقلالية العسكرية الأوروبية. وتنوي فرنسا مع المانيا وبلجيكا اتباع النهج المعروف في بناء اوروبا وهو: المجموعة الطليعية و "المجموعة القوية" ومجموعة "التعاون القومي"، ومن المتوقع ان تقدم هذه القمة الثلاثية الاستثنائية خلاصة رؤيتها للقوة الدفاعية الأوروبية المستقلة الى القمة الاوروبية الاستثنائية في 30 حزيران المقبل. وقبل هذا وذاك فان السؤال المطروح الآن متى ستعمد فرنسا الى الطلب من مجلس الامن وقف الحرب في العراق كما جرت العادة في الازمات السابقة؟
ولا تنسى هذه الأوساط الاشادة، بنتيجة استثنائية أخرى ومهمة للامن الاجتماعي الفرنسي، بسبب الموقف الفرنسي، وهي التلاحم بين الجاليات العربية ـ الاسلامية وباقي الفرنسيين. كل هذا الحماس للمستقبل، لا يخفف من المرارة التي يبديها الفرنسيون في متابعة تطورات الحرب في العراق، ولا يخفي الفرنسيون شكوكهم بكل ما يقوله الاعلام الاميركي حول مجريات الحرب ويرون ان العراقيين يقاومون وان الكلام الكثير الذي قيل حول استسلام القوات العراقية بعد الهجمة الاولى لا يبدو حقيقياً.
الا ان فانسان لاناتا رئيس اركان الطيران وسلاح الطيران الفرنسي السابق يرى ان الموضوع ليس مقاومة العراقيين وانما ماذا يريد الاميركيون. ويضيف في مقابلة له: الاميركيون يتحركون بحذر شديد لعدة اسباب ابرزها:
يريدون تجنب وقوع خسائر في قواتهم لئلا يثير ذلك الرأي العام الاميركي الذي وان كان يعرف ان هذه الحرب ليست مثل الحروب السابقة الا انه من الصعب جدا عليه الانتقال من حالة الخسائر صفر الى حالة الخسائر المعقولة فكيف بالمرتفعة.
تجنب ايقاع خسائر فادحة بين المدنيين العراقيين مما سيثير الرأي العام الدولي ضدهم، المعارض اصلا لهذه الحرب.
تجنب ايقاع خسائر فادحة في قوات الجيش العراقي النظامية، لان القيادة الاميركية تعتبر ان هذا الجيش او على الأقل "جسمه" الاساسي، يجب ان يبقى سليماً لاعادة تشكيل العراق حوله بعد اعادة بنائه على اسس جديدة.
ويشدد الجنرال لاناتا على ان الخطة الأميركية تقوم حالياً على الالتفاف على المدن والتجمعات السكنية أو المدنية، وذلك، تجنباً لحرب مدن، بكل ما يعني ذلك من معارك شوارع ومفاجآت غير مضمونة النتائج.
ويقول مصدر فرنسي تعليقاً على هذا التكتيك العسكري، ان القيادة الأميركية تطبق التكتيك الاسرائيلي ليس أكثر، وهو الذي يقوم على تحويل المدن والتجمعات السكنية إلى جزر محاصرة والاتجاه بكل قوة نحو "الرأس" أي بغداد والنظام العراقي. ولذلك يتوقع المصدر الالتفاف على بغداد، ومحاصرتها ومن ثم العمل على تقطيعها بواسطة العمليات الخاصة والقصف المركز، وفي كل مرة يتم هضم مقطع، يجري الانتقال إلى المقطع التالي.
ويضيف المصدر ان قصف القصور الرئاسية هدفه المباشر إسقاط الهالة عن النظام وخصوصاً صدام حسين، ثم تحويلها إلى مواقع إنزال جوي للقوات الخاصة أو حتى تحويلها إلى واجهات خداعية في عمليات الانزال لتحويل الأنظار العراقية العسكرية عن الأهداف الحقيقية.
ويقول الجنرال لاناتا ان استيلاء القوات الأميركية على مهابط الطائرات غرب العراق مهم جداً فهو يحمي إسرائيل من صواريخ سكود لكونه يبعد العراقيين عن مرمى إسرائيل، إلا ان الأهم هو استخدامها لنقل قوات الكومندوس ابتداء من اليوم باتجاه العمق العراقي.
ويحذر الجنرال لاناتا من دخول قوات تركية إلى كردستان العراق لأن ذلك سيخلق "حرباً داخل الحرب". في حين تحذر مصادر أخرى في باريس من ان يؤدي دخول أي قوات تركية إلى العراق إلى دخول قوات إيرانية وهذا ما حذر منه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00