8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

شيراك: أساؤوا تقدير أهمية الوطنية العراقية والوضع سيزداد سوءاً كلما اقتربوا من بغداد

نقلت أوساط فرنسية التقت الرئيس جاك شيراك بعد معارك البصرة والناصرية قوله: "سوف يزداد الوضع سوءاً كلما اقتربوا من بغداد. إنهم يمسكون بالصحراء وليس بالمدن. الحرب في المدن أمر يختلف عن الحرب في الصحراء".
ونسبت هذه الأوساط إلى شيراك قوله "لقد ارتكبوا أخطاء استراتيجية ضخمة إلى جانب الخطأ السياسي الذي وقع فيه الأميركيون والبريطانيون".
وقال الرئيس الفرنسي حسب المصادر إياها: "لقد اعتقد الأميركيون ان الحرب ستكون نزهة وأن العراقيين سيستقبلونهم كمحررين، وأن النظام العراقي سينهار مثل قصر من ورق. كان الأحرى بهم أن يسمعوني، نحن نعرف أكثر منهم العقلية العربية. لقد أساء الأميركيون تقدير أهمية وعمق الوطنية العراقية. لقد اعتقد الرئيس بوش انه بإرساله ملايين المنشورات سيحقق الشعبية لدى العراقيين".
وتتابع المصادر انه جاء في حديث الرئيس شيراك "اذا أعلن الأميركيون إنهم عثروا على أسلحة دمار شامل لدى العراقيين، فعليهم تقديم البراهين على أنها أسلحة عراقية. وإذا لم يستخدم العراقيون سلاح الدمار الشامل، فماذا يمكن أن يقولوا عن الاتهامات التي وجهوها وأشعلوا الحرب بسببها. ما حصل يؤكد صحة موقفنا وهو أن هذه الحرب خطأ. ولذلك فإن طوني بلير في أزمة كبيرة ولا أعرف كيف سينقذ نفسه".
وتختم هذه المصادر روايتها لحديث الرئيس الفرنسي بقوله: "يجب الانتقال بسرعة إلى الأمم المتحدة من أجل إصدار قرار حول المساعدات الانسانية ومن ثم حول إعادة إعمار العراق".
العودة إلى مجلس الأمن لإصدار قرار يتعلق بالمساعدات الغذائية والطبية للعراق، هو الهدف المباشر حالياً للديبلوماسية الفرنسية. ويقول مصدر ديبلوماسي مطلع إن صدور مثل هذا القرار بموافقة الولايات المتحدة الأميركية يعيد للأمم المتحدة شيئاً من دورها، ويلغي أي محاولة لاستبعاد فرنسا وألمانيا من مستقبل الأزمة العراقية.
ويشير المصدر إلى أن ما يدفع فرنسا إلى التفاؤل بنجاح مثل هذا القرار هو أن الأميركيين يريدون تخفيف فاتورة التكاليف التي يدفعونها في الحرب حالياً، ومن الطبيعي أن مشاركة الدول الأعضاء حسب نسب معروفة يساهم في ذلك.
ويشدد المصدر الديبلوماسي على أن أي محاولة الآن لاستفزاز أو إدانة الولايات المتحدة الأميركية لا تنفع بل تؤدي إلى نتيجة عكسية، وهذا يفسر امتناع فرنسوا ريفاسو الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية عن التعليق على منح واشنطن عقد إعادة بناء ميناء الفاو لشركة أميركية.
ويعتبر المصدر الديبلوماسي أن العمل لإصدار قرار من مجلس الأمن بوقف العمليات الحربية في العراق حركة ديبلوماسية غير مفيدة وغير منتجة. وأن كل ما يمكن الآن فعله أمام مسار الحرب هو التمني بأن لا تطول الحرب وأن تكون خسائرها قليلة.
وتعترف مصادر مطلعة في باريس ان الحرب بالكاد بدأت، كون القيادة الأميركية لم تستخدم قدراتها النارية في البداية على أساس أن القوات الأميركية تتقدم في أرض سيستقبلها سكانها بالورود أو على الأقل مرحبين، ولذلك ليس من الضرورة استخدام الطاقات النارية المتنوعة سواء في القصف المركّز أو ما يعرف بـ"السجادة النارية". أما وقد تحولت المعارك إلى مواجهات فإن الأميركيين لا بد أن يستخدموا تفوقهم الناري لصدم العراقيين وإرعابهم بهدف حماية جنودهم، وخصوصاً قبل اقترابهم من بغداد وحصارها، بصرف النظر عن نجاحهم في تحقيق هذا الهدف أم لا.
وعن تطورات الحرب تقول المصادر نفسها، ان مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد تحدث منذ البداية عن حرب من ستة أيام إلى ستة أسابيع، وطالما ان المعارك تحت سقف الأسابيع الستة فإنه يمكن للأميركيين تحمل تطوراتها. وإذا تجاوزت هذه الفترة، فإن الموقف سيختلف اختلافاً كبيراً ويمكن توقع كل الاحتمالات سواء ما يتعلق بالتكتيكات الحربية أو طبيعة الأسلحة المستخدمة.
وتشدد المصادر الفرنسية على أن أي طلب لوقف العمليات الحربية لا يمكن أن ينجح إلا في حالة معينة وهي اقتناع الرئيس صدام حسين بأنه لا يمكنه ربح الحرب، واقتناع واشنطن بأن متابعة الحرب مكلفة على الصعيدين العسكري والاقتصادي، ذلك ان حرب الخليج الأولى ربحت منها واشنطن ولم تدفع، في حين انها حالياً مضطرة لدفع الفاتورة بكاملها.
وعلى الرغم من التحفظات الفرنسية، فإن المصادر إياها لا تخفي اهتمامها العميق والقوي بما يظهره العراقيون من مقاومة مع تشديدها على رفضها للرئيس العراقي، ومؤكدة أن رحيله مستحسن، كما تعتبر هذه المصادر أنه لا يمكن في أي حالة من الأحوال اتهام العراقيين في هذه الحرب بالإرهاب فهم جنود يقاتلون جنوداً، وأن احتمال قيام مدنيين عراقيين أو جنود يرتدون ثياباً مدنية بشن هجمات ضد العسكريين الأميركيين والبريطانيين، لا يتوافق مع مواثيق جنيف حول الحرب، لكنه لا يعني خرقاً لهذه المواثيق خرقاً صريحاً ولا يمكن اتهامهم بالإرهاب.
كذلك تبدي هذه المصادر علانية "شماتتها" بوضع رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، فهو يتحرك عكس تيار حزبه والبريطانيين، وهو لا يستطيع معارضة قرار من مجلس الأمن حول المساعدات الغذائية للعراقيين لأنه يُقفل بوجهه باب المشاركة الدولية في القرارات المستقبلية، كما أنه سيقع في خلاف مع الرئيس الأميركي جورج بوش اذا ذهب بعيداً في موقفه هذا. أما بالنسبة لخوسيه ماريا أزنار، فإن الفرنسيين يرفضون الكلام عنه لأنه غير مهم ومستقبله السياسي انتهى فضلاً عن أنه يعرض حزبه لمخاطر سياسية ستنعكس حكماً على وجوده في السلطة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00