حامد البياتي هو ممثل المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق في لندن، وإلى جانب هذا الموقع الرسمي، يعتبر أحد أبرز الوجوه في المجلس. ويُحسب البياتي على تيار الانفتاح، وربما يعود هذا الى بقائه فترة طويلة في بريطانيا بعد هروبه من العراق نهائياً في العام 1979، وكان قد بدأ تجربته في السجون عام 1974، فضلاً عن أنه خريج جامعة القاهرة، وحاصل على الدكتوراه من جامعة مانشيستر وله مؤلفات عدة منها واحد عن الشيعة في العراق.
وفي الحوار الذي أجرته "المستقبل" مع حامد البياتي عبر الهاتف، بدا من اجاباته الحذر الشديد خاصة وأن التطورات مستمرة على أرض العراق ومن حوله وهي تحدث مفاجآت كثيرة.
بداية اكد البياتي "ان المجلس والمعارضة العراقية اجمالاً، لم يفاجئهما المقاومة التي ابداها النظام العراقي "فالنظام استعدّ لهذه الحرب وهو جنّد الكثير من العراقيين، الى جانب قوات البعث والميليشيات وفدائيي صدام وغيرهم".
ورداً على سؤال حول مسميات الحرب وكيف يصنّف القوات الأميركية ـ البريطانية، قال البياتي "هم يقولون الغزو، ومن الطبيعي أن دخول قوات بهذا الحجم يعتبر غزواً".
وحول تفسيره لعدم انتفاض الشيعة ضد النظام كما كان متوقعاً يرد البياتي: "رسالة السيد آية الله محمد باقر الحكيم الى العراقيين كانت واضحة، فهو طلب منهم ان يبقوا على الحياد ولا يقفوا الى جانب قوات صدام ولا الى جانب قوات الحلفاء. ولذلك نحن نتوقع ألا يتحرك الناس، كذلك فإن الأميركيين والبريطانيين دعوا في منشوراتهم التي وزعوها بالملايين عبر الجو الناس للبقاء في منازلهم وعدم التحرك". ويستعيد البياتي الماضي فيقول "علينا ان نتذكر ماذا حصل عام 1991. والعراقيون لم ينسوا ما حصل عندما انتفضوا ثم تُركوا يذبحون. كل هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الصعب تحرك الناس وانتفاضتهم".
وعن النظام المقبل في العراق وموقف المجلس منه يقول البياتي: "لقد سبق وأن قررنا في مؤتمر لندن الذي ضم أكثر من 400 شخصية تمثل 60 حزباً وحركة وهيئة تشكيل حكومة انتقالية لمدة سنتين، ثم جاءت الولايات المتحدة الأميركية وطرحت مشروع الحاكم العسكري، ونحن بدورنا ما زلنا نصر على تشكيل حكومة انتقالية حسب مقررات لندن".
وما العمل اذا أصرت الولايات المتحدة على اقامة حكم عسكري اميركي؟ يجيب البياتي: "نحن نرفض بقاء الأميركيين في العراق. ونحن سنرفض اي حكومة لا تنبع من ارادة الشعب العراقي ويتم فرضها عليهم بالقوة". لكن البياتي يتجنب تحديد ترجمة هذا الرفض ووسائله "فالوضع ما زال في مرحلة الحرب".
وعن تطورات المعارك، يرى البياتي ان "حجم القوات الأميركية في شمال العراق ضئيل ولا يكفي لمحاصرة بغداد من الشمال، ووجود مئات الأميركيين لا يعني شيئاً، فقد كان المخطط يقضي بإدخال 60 الى 100 ألف جندي". وأما قوات البيشمركة الكردية المؤطرة بالأميركيين فإنها لا تستطيع القيام بشيء مهم، لأن المناطق خارج كردستان هي عربية، ولذلك تعتبر عمليات الهجوم من البيشمركة عمليات اعتداء من الأكراد ضد العرب".
ويضيف البياتي: "المشكلة الكبيرة في الموصل، فهذه المدينة شهدت في السابق مشاكل تاريخية. أما كركوك الغنية بالنفط فإن تركيا تخاف احتلالها من البيشمركة، لأن ذلك سيؤدي الى قيام دولة كردية، ثم ان الأتراك يعتبرون كركوك منطقة تركية ولذلك من الصعب أن يقبلوا باي دخول كردي اليها".
ويشدد البياتي على أن "في ظل الوضع العسكري في الشمال ووقوف الشيعة على الحياد تبدو الحرب أطول مما كانت تشير التوقعات. والمنطقة المحيطة ببغداد محصنة وتحميها فرقة "المدينة المنورة" من الحرس الجمهوري وفرقة "النداء" وهما أقوى الفرق، الى فرقة أخرى في الشمال الشرقي وكذلك خط دفاعي من الحرس. ثم ان هذه القوات تمتلك صواريخ مضادة للمدرعات وقد جربت بعضها بنجاح ضد الدبابات الأميركية". ويخلص البياتي الى "أن المعركة حول بغداد تتطلب أو يجب أن تحسب بالأسابيع وليس بالأيام".
ويمضي البياتي في شرح هذا الواقع المعقد، فيعترف "ان معركة بغداد ستكون معركة صعبة. لأن تطويقها ودخولها يقتضيان حرب شوارع. ومن ثم لا شيء يمنع صدام من استخدام اسلحة كيميائية اذا شعر بالهزيمة".
ويلاحظ البياتي ان الأميركيين قالوا ان الحرب ستستغرق ستة أسابيع لكن يبدو انها ستطول اكثر. وهنا يعترف بأن "الجنرال الطقس" حيث الحرارة تصل الى خمسين درجة في منطقة الجنوب وخصوصاً الصحراء في مطلع أيار، كذلك عواصف الطوز، قد يجعلان الحرب أطول.
وعن احتمالات المعارك ومساراتها، يقول البياتي "تركيز القوات الأميركية ـ البريطانية على معركة أم قصر، عائد لحاجتهم الى الميناء لإيصال المواد التموينية. أما بالنسبة لباقي المدن وخصوصاً البصرة والكوت فإنهم سيعملون للالتفاف عليها عبر محور من الناصرية تمهيداً لتطويق بغداد".
ويخلص المعارض العراقي الى تحديد موقف الفصيل الشيعي المعارض من الحرب قائلاً: "موقفنا نابع من حساسية المعركة، واذا كان سقوط صدام حسين ونظامه على أيدي الأميركيين فهذا فيه مصلحة للشعب العراقي، أما نحن فلسنا طرفاً فيه".
ويوافق البياتي في النهاية على أن تطبيق الدعاء القائل "اللهم اضرب أعداءنا بأعدائنا" هو أفضل الصيغ لما يحصل حالياً في العراق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.