مسألة إعلان حكومة عراقية موقتة، لم تعد سؤالاً افتراضياً كما كان الأمر قبل التطورات والتداعيات الأخيرة المتمثلة في دخول الجيش الأميركي بغداد في وقت كان بعضهم يتوقع مقاومة تحوّل عاصمة الرشيد إلى ستالينغراد عربية!
وقد سارع وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان إلى التأكيد ان الحرب لم تنتهِ بعد، ولذلك فإن الاعتراف بهذه الحكومة أو عدمه ليس مطروحاً الآن. لكن بعد الترحيب الذي حظي به الجنود الأميركيون في أحياء من بغداد فور اختفاء القوات العراقية، فإن مسألة الاعتراف بالحكومة العراقية الموقتة، ستكون في قلب المباحثات التي ستجري بين "الترويكا" المناهضة للحرب، أي الرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الالماني شرودر وبمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي، بدلاً من أن يلتقي الرئيس الفرنسي في باريس، سينضم إلى هذه القمة التي تعقد اليوم في سان بطرسبرغ. ويعترف مصدر فرنسي مطلع ان الجميع، من الترويكا المناهضة للحرب إلى كوفي أنان، أمام مأزق حقيقي، ذلك ان الاعتراف بالحكومة الموقتة والتي سيكون الرئيس الحقيقي لها الجنرال الأميركي السابق جاي غارنر، يعني "تشريع" الحرب ونتائجها، وخصوصاً الاحتلال الأميركي ـ البريطاني، أما عدم الاعتراف بهذه الحكومة فإنه يعني المواجهة مجدداً مع الولايات المتحدة الأميركية وضرورة ان يكون لدى "الترويكا" بديل تطرحه حتى يمكن الكلام على مواجهة مثمرة! علماً ان فرنسا ما زالت تتحدث عن "احتلال" للعراق، لأن الحرب جرت بدون موافقة الأمم المتحدة وخارج الشرعية الدولية.
ويشدد مسؤول فرنسي مطلع على انه قبل الحديث عن حكومة عراقية موقتة يجب أولاً تجاوز مرحلة الحرب، ثم بعد ذلك يجب العمل لتأمين الوضع وهذه مرحلة مهمة جداً، حيث يمكن لوحدة العراق واستقراره ان يكونا مضمونين.
ورغم ان المسؤولين الفرنسيين يتجنبون تسمية الأميركيين باسمهم، إلا انهم يشددون على تحميل ما يطلقون عليه "القوى الموجودة على الأرض" مسؤولية خاصة في الوضع.
وينهي المسؤولون الفرنسيون رؤيتهم لمرحلة ما بعد صدام بالتركيز على دور الأمم المتحدة وخصوصاً في مرحلة الإعمار الاداري والسياسي والاقتصادي. ذلك انه لا يمكن تجاوز الامم المتحدة في مسار عملية اعادة الاعمار، وللأمم المتحدة دور محوري في هذا السياق برأي الفرنسيين والأوروبيين، أما الآن فإنه يجب الاهتمام بالوضع الإنساني الملح، وترك أي مبادرة أخرى أمام مجلس الأمن لأنها ستكون غير منتجة. ويشكل دور الأمم المتحدة نقطة خلاف إضافية بين الفرنسيين والأميركيين، في وقت يعمل الانكليز للتحرك في الوسط حول دور الأمم المتحدة. ففرنسا تريد "دوراً محورياً" للأمم المتحدة، في حين تحدث الرئيس بوش بعد لقائه طوني بلير عن "دور حيوي" للمنظمة الدولية.
وقد تولى وزير الخارجية الفرنسي تحديد الفارق بين "المحوري" و"الحيوي" في نهاية لقائه مع وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، أمس، فقال ان الفارق هو كثافة الواقع والشرعية وحضور المجتمع الدولي الذي كلما كان موحداً كلما كان له حظ أكبر بالنجاح. ولم ينسَ الوزير الفرنسي أن يتحدث في الوقت نفسه عن الخلافات مع بريطانيا وما إذا كان يجب تناسيها باعتبار ان "تناسي الماضي ليس جيداً بل يجب خلاف ذلك الاستفادة من تجاربه".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.