تتفق مصادر عراقية متعارضة من داخل العراق وخارجه في اتصالات مع "المستقبل" على أن ذكرى أربعين الإمام الحسين يوم الاربعاء في 23 من الشهر الجاري، والتي ستجري في مدينة كربلاء، هي موعد فاصل وخطير ومؤشر على المستقبل سواء بالنسبة لعلاقات الأطراف الشيعية بعضها ببعض او بالنسبة للعلاقة بين الجنوب العراقي ككل من جهة والقوات الأميركية والبريطانية من جهة اخرى.
وتتوقع هذه المصادر العراقية ان تشهد كربلاء تجمعاً بشرياً بالملايين، ويذهب بعضها الى أن الحشود قد تصل الى خمسة ملايين، خصوصاً أن هذه الذكرى ستجري للمرة الأولى ونظام الرئيس صدام حسين غير موجود. وفي توقعات المصادر ايضاً أن المواكب التي يتجاوز حجم كل منها بعشرات الألوف ستبدأ بالتوافد عبر المدن والقرى من جنوب العراق، وأن كل وفد سيأتي مردداً وحاملاً شعاراته التي توصف بـ"الردات" وأن طبيعة هذه "الردات" ستحدد توجهات المجموعات والتجمعات التي تتوزع على مروحة واسعة من العشائر والعائلات، وذلك بالنسبة لعلاقاتها فيما بينها من جهة، ومع الحوزة ومراجعها من جهة اخرى، اضافة الى نظرتها ومواقفها من الجيشين الأميركي والبريطاني.
وتشير المصادر المختلفة الى أن كيفية تصرف الأميركيين والبريطانيين مع الحشود، سواء لناحية تخليها اولاً عن المدينة وتركها للأهالي او طريقة تسهيلها او عرقلتها او محاصرتها لها، سترفع او تخفف من حدة المخاطر. وتضيف هذه المصادر "أن رب ضارة نافعة، فما حصل في الموصل حيث سقط العشرات من الشهداء والجرحى بسبب خفة الجنود الأميركيين ان لم يكن تنفيذاً للأوامر قد يفتح اعينهم على كيفية التعامل بهدوء مع هذه الحشود، وإلا فإن مجزرة حقيقية قد تقع. ومما يزيد من ارتفاع حدة الخطر في حال استمر الوجود العسكري الأميركي ـ البريطاني، أن أي حجر يرمى عليهم سيكون مثل عود ثقاب فوق بحر من البنزين".
الى جانب ذلك، فإن المصادر العراقية تضيف أن الوضع الهادئ جداً في النجف حالياً لا يعني أن كل شيء قد انتهى، بل ان النار ما زالت كامنة تحت الرماد لأن الخلافات متعددة وأحياناً متضاربة وهي موجودة بقوة حتى داخل الفريق الواحد.
وتشير المصادر الى ان موقف العشائر من فك الحصار عن المراجع الاربعة وفي مقدمتهم الإمام علي السيستاني يبدو طبيعيا، خاصة وان العشائر كانت تاريخياً وما زالت ركيزة الحوزة وسندها ومواقفها تؤخذ في الاعتبار.
وتشدد بعض هذه المصادر على أن الصراع حول موقع النجف الأشرف ودورها وهويتها كما سبق وأشارت "المستقبل"، هو "في صلب مظاهر الذكرى الاربعين للإمام الحسين وما بعدها. وتعتبر المصادر نفسها انه أصبح واضحاً الآن ان مراجع النجف تريد استعادة موقع ودور النجف من مدينة قم، وهما موقع ودور انتقلا الى ايران لأسباب تتعلق بطبيعة تعامل النظام السابق مع الحوزة وعلمائها.
وكشفت بعض المصادر أن هذه الإرادة باستعادة النجف لموقعها، تخفي ايضاً مشكلة مهمة وربما خطيرة، فالذين يعارضون نظرية الولاية المطلقة للفقيه التي تتبناها القيادة الايرانية من المراجع والعلماء يجدون في النجف حصناً تاريخياً يستعينون به للابتعاد عن مبدأ هذه الولاية والحفاظ على تعددية المراجع مع الاعتراف باعلمية وأفقهية وأعدلية البعض او الواحد منها، وكل ذلك من أساس المذهب الشيعي.
وتذهب المصادر الى أن هذا التوجه الذي يوافق عليه بعض علماء مدينة قم لأنه يؤكد مرجعيتهم ويخرجهم من دائرة السلطة الى رحابة الفقه وحرية الاجتهاد، يدفعهم الى النجف للاقامة والتدريس والمحافظة على مبدأ تعددية المراجع وانه في مواجهة كل ذلك تشجع السلطات الايرانية الملتزمة بالولاية المطلقة للمرشد آية الله علي خامنئي على إرسال الملتزمين من الأساتذة العلماء والسادة والمشايخ والدارسين الى النجف حالياً، وبالتنسيق مع آية الله محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، للعمل لتشكيل قوة لها حضورها ونفوذها تدعو من جهة الى الولاية المطلقة وتدعم آية الله الحكيم من جهة اخرى. ولا شك أن يوم الاربعاء ذكرى الاربعين للإمام الحسين سيشكل امتحاناً صعباً للجميع!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.