يرى خبراء عسكريون فرنسيون وعرب، من بينهم امريك شامبراد ان أحد أهداف الولايات المتحدة الأميركية العسكرية والاستراتيجية من الحرب ضد العراق هو تحويل العراق إلى "حاملة طائرات ثابتة قادرة على التحكم بدائرة يمتد قطرها في الشمال حتى دول آسيا الوسطى مروراً بإيران، وغرباً سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وإسرائيل والبحر المتوسط وصولاً إلى جبل طارق. وبطبيعة الحال فإن جزءاً أساسياً من أوروبا الممتدة على الضفة الشمالية من المتوسط ستكون مشمولة بهذه الدائرة إلى جانب الضفة الجنوبية التي تضم مصر وتونس والجزائر والمغرب. أما في الجنوب فإن الدائرة تشمل السعودية واليمن وصولاً إلى منطقة القرن الافريقي والبحر الأحمر".
ويجمع الخبراء "على ان العراق في موقعه الجيوستراتيجي يشكل "القلب" من المنطقة، وهو محاط بدول لكل واحدة منها أهميتها الخاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وفي منطقة الشرق الأوسط، والدول هذه هي السعودية وإيران وسوريا وتركيا والأردن والكويت". ويضيف هؤلاء الخبراء: "صحيح ان إسرائيل ليست على حدود العراق ولكن تاريخياً لعب العراق دوراً أساسياً في محاربة إسرائيل ومعارضة ومناهضة اتفاقات السلام وبذلك يكون في قلب النزاع العربي الإسرائيلي".
ويقول امريك شامبراد: "في العراق حالياً، وحسب الخرائط المعلنة، خمس عشرة قاعدة جوية متفاوتة المساحة والأهمية، ويمكن إضافة قواعد سرية إلى جانب مدارج ومهابط طيران احتياطية. وبهذا فإن أمام القيادة العسكرية الأميركية مروحة واسعة من الخيارات تبعاً لاستراتيجيتها العسكرية، دون ان ننسى التنوع المناخي بين الشمال والجنوب العراقي مما يكسب هذه الخيارات أهمية خاصة".
ويؤكد الخبراء العسكريون الفرنسيون، انه في اطار هذه الخيارات باستطاعة القيادة الأميركية التركيز على قواعد ثلاث أساسية هي قاعدة الموصل في الشمال وهي مستكملة بمعسكر رئيسي للقوات العراقية سابقاً، وقاعدة العمارة التي تقع بين معسكرين أحدهما في قلعة صلاح والثاني في العمارة وهي قاعدة تتحكم بإيران وكامل الخليج، وقاعدة "هـ ـ 1" )1-H( و"هـ ـ 2" )2-H(، وتقعان على مسار خط الأنابيب الممتد من الموصل إلى حيفا سابقاً وقد توقف عن العمل مع قيام إسرائيل. ولهاتين القاعدتين أهمية خاصة إذ انهما ترتبطان بإمدادات نفطية مباشرة تحت الأرض عبر خط الأنابيب الذي يتضمن ثلاث نقاط داخل العراق وواحدة في الاردن والخامسة في حيفا. وبطبيعة الحال، فإن باقي القواعد يمكن ان تشكل احتياطاً مهماً يمكن الاعتماد عليه وهي قواعد القيارة غرب والساهرة وبلد وبغداد والتاجي والأسد وهي في محيط منطقة تكريت وصولاً إلى جنوب بغداد. وكذلك الجراح وهي قريبا من الحدود الإيرانية وقاعدتا التأليل في الجنوب باتجاه الكويت، وأخيراً السلمان وهي بمحاذاة السعودية.
ويرى شامبراد ان "الولايات المتحدة يمكنها بعد إعادة تأهيل هذه القواعد وتزويدها بالمعدات الالكترونية، ممارسة ضغوط سياسية ـ عسكرية على مختلف الدول المحيطة بالعراق وخصوصاً ما يتعلق بالروابط مع إسرائيل ومواقفها من المنظمات التي تعتبرها الولايات المتحدة الأميركية إرهابية".
ويذهب الخبراء إلى "ان تجربة واشنطن خلال الحرب ضد العراق مع تركيا والسعودية، قد دعمت الاتجاه العسكري الاستراتيجي الذي يدعو إلى تحويل "قلب" المنطقة أي العراق إلى "قلب" الاستراتيجية الأميركية، لأن العراق سواء بقي تحت السيطرة الأميركية أم تحرر منها، فإن الحكومة المقبلة ستوقع اتفاقات عسكرية لا يمكن الفكاك منها. وحتى لا يذهب الخيال بعيداً، فإن نظام كاسترو الثوري لم يستطع، وبعد أكثر من 35 سنة، التخلص من اتفاق قاعدة غوانتانامو، في حين ان الاتفاقات مع تركيا والسعودية مختلفة جداً في طبيعتها وشروطها ولذلك فإن التغيير في تركيا لصالح حكومة نابعة من حزب إسلامي لعب دوراً في إسقاط جبهة الشمال من الحسابات الأميركية خلال الحرب، وكذلك فإن رفض السعودية الانخراط في الحرب، قلّص كثيراً النشاط الأميركي وأجبر القيادة الأميركية على الاعتماد على قاعدة عيديد في قطر".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.