8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"المصالحة" بين بوش وشيراك لم تطوٍ صفحة الخلافات بين البلدين

صور المصالحة بين الرئيسين جورج بوش وجاك شيراك لم تقنع أحداً في فرنسا بأن المصالحة حقيقية وأن صفحة جديدة قد قلبت في ملف العلاقات الفرنسية ـ الأميركية، فما أن أكد الرئيس شيراك في المؤتمر الصحافي الختامي انه "لم يغيّر مشاعره قيد أنملة في الحرب على العراق وأن كل عمل عسكري لم يحظ بموافقة المجتمع الدولي هو غير شرعي وغير قانوني في آن واحد، وأن الانفراد بشن الحرب ممكن لكن لا يمكن الانفراد ببناء السلام"، حتى انهار سدّ التحفظات الفرنسية التي استمرت خوفاً من إعلان وفاة قمة الثماني.
مصادر فرنسية متعدّدة رافقت أعمال قمة الثماني في إفيان، أشارت أولاً الى أن الرئيس جورج بوش نسف القمة وألحق بفرنسا اهانة علنية تتجاوز خلافه مع شيراك، وتأكيداً لهذا الرأي، تستعرض هذه المصادر شريط أعمال القمة.
وتعتبر المصادر أن الرئيس بوش لم يمضِ سوى عشرين ساعة في إفيان في حين أن وزير الخارجية الأميركي لم تزد اقامته على عشر ساعات.
وقالت المصادر ان بوش أمضى ساعاته العشرين وهو يحضر لقمتي العقبة وشرم الشيخ ولذلك أجرى مكالمات هاتفية عدة أبرزها مع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي.
ولم يشارك بوش في الجلسة المهمة على "قلب" جاك شيراك وهي سوق الصرف للدولار واليورو، واكتفى بتأكيد رغبة واشنطن بدولار قوي في وقت يكاد اليورو يصل فيه الى دولار وعشرين سنتاً بعد أن كان في مطلع السنة الحالية نحو 95 سنتاً ولذلك بقي مقعد بوش فارغاً.
وقد علّق أحد أعضاء الوفد الفرنسي أمام صحافيين فرنسيين بالقول "كان السلام في الشرق الأوسط لا يستطيع انتظار بضع ساعات قبل ان يهرب". أضافت المصادر: "ان اللقاء بين الرئيسين الأميركي والفرنسي الذي أُعلن انه استمر ثلاثة أرباع الساعة لم يستمر فعلياً سوى عشرين دقيقة، وأن شيراك فوجئ عندما توجه للقاء في الحادية عشرة والنصف بأن الصحافيين الأميركيين قد غادروا بالطائرة الى شرم الشيخ قبل نصف ساعة". وقد اعتبرت المصادر الفرنسية هذه الخطوة متعمدة لإبعاد عدسات المصوّرين الأميركيين عن اللقاء، ومنع الصحافيين الأميركيين من طرح أسئلة معينة تتعلق بعدم العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق.
وتشير المصادر نفسها الى ان لا أحد يستطيع اقناع طفل صغير بأن طائرة الصحافيين يمكن أن تطير بعد نصف ساعة من اللقاء بدلاً من نصف ساعة قبل اللقاء. وقد حال غياب بوش دون مناقشة كل الملفات المهمة.
الى جانب هذا الجدول الدقيق للساعات القليلة، تضيف الأوساط الفرنسية المطلعة أن جاك شيراك تعمّد وبموافقة بوش الضمنية عدم المواجهة علناً حتى لا تتزايد مخاوف الأسواق التجارية في وقت يريد الأقطاب الثمانية الكبار فيه تأكيد عودة النمو وتحريك الاقتصاد العالمي.
وتشير المصادر نفسها الى أن مجريات قمة إفيان أكدت أن المصالحة الحقيقية ما زالت سابقة لأوانها، وأن الجروح التي ما زالت مفتوحة خاصة مع الاستمرار على التأكيد على المواقف التي هي في صلب الخلافات، منعت اطلاق مبادرات حقيقية، ولذلك فإنه يجب انتظار مضيّ مزيد من الوقت ولا سيما زيارة شيراك في الخريف المقبل الى نيويورك التي قد تؤدي الى تحقيق مزيد من التقدم وخاصة إذا توّجت الزيارة التي تتضمن إلقاء شيراك محاضرة جامعية وخطاباً أمام الأمم المتحدة، بلقاء مع بوش.
وتقول المصادر نفسها ان حصر الرئيس الأميركي دور شيراك بدور "الناصح" حول الشرق الأوسط وليس "الفاعل" بدا رغم التواضع لدى الأول انتقاصاً من الدور الفرنسي عامة ودور شيراك خاصة في مسار عملية السلام في الشرق الأوسط.
ولا تخفي مصادر فرنسية آمالها بأن يسقط طوني بلير نتيجة الحملة التي اخذت تتدحرج مثل كرة الثلج، والتي تقوم على انه "كذب" على حكومته والبريطانيين حول أسلحة الدمار الشامل التي يملكها العراق ليشارك في الحرب على العراق، ذلك أن سقوط بلير او حتى خروجه مثخناً بالجراح، سيحرج جورج بوش الواقف على أبواب الحملة الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00