أكد كل من عبد العزيز الرنتيسي أبرز قياديي حركة "حماس" ومحمد الهندي أبرز قياديي حركة الجهاد الإسلامي، أن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ستستمر، وأن محمود عباس (أبو مازن) قد تنازل عما لا يملكه لمن لا يستحقه، وأن الحوار مستمر بين الفصائل، أما الحوار مع أبو مازن فيبدو أن موقف حركة حماس أكثر تشدداً من غيرها إذ تعتبر أنه لا فائدة منه بعد التنازلات التي قدمها وأبرزها وأخطرها الاعتراف بيهودية الأرض الفلسطينية.
والآتي نص الحوار مع الرنتيسي والهندي:
* * *
أكد الرنتيسي لـ"المستقبل" أنه لم يعد يوجد قواسم مشتركة للحوار مع محمود عباس (أبو مازن) بعد اتخاذه وحكومته هذا الموقف من القضية الفلسطينية ومن حقوق الشعب الفلسطيني. وتساءل "ما جدوى الحوار إذا لم يكن من الممكن الحصول على أي نتيجة منه؟".
ورأى الرنتيسي أن أبو مازن أعطى ما لا يملكه لمن لا يستحقه، فالقضية الفلسطينية هي ملك للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية، وأرض فلسطين هي ملك الأجيال الى قيام الساعة، ولا يمكن أن نسمح لشارون أن يتحدث عنها كأنها أرض يهودية تاريخياً فهذه أرض إسلامية وبالتالي لا يمكن للأجيال القادمة فكيف بالجيل الحالي التنازل عن شبر واحد من هذا الوطن.
وبعد أن أشار الرنتيسي، رداً على سؤال حول أن أرض فلسطين هي أرض الديانات الثلاث، الى أن الديانات الثلاث هبطت في هذه الأرض، فإن هذه الأرض كانت دائماً تحت السيادة الإسلامية مدة مجيء الإسلام حتى يومنا هذا، وعاشت فيها الديانات الثلاث بحرية تامة.
وأضاف: "اليوم يُراد أن يقتلع الإسلام من هذه الأرض بحجة أنه قبل ثلاثة آلاف سنة كانت هناك دولة لليهود وهي مملكة داوود. فهذا الأمر لا يمكن أن يتقبله العقل أو يستوعبه".
وعن الموقف الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون في ظل الموقف المتشدد للرئيس الأميركي جورج بوش والاختلال الكبير في موازين القوى قال الرنتيسي: "في الحقيقة يستطيع الرئيس جورج بوش أن يمارس قوته كيفما يشاء، ولكن نحن لا يمكن أن نقبل أن نُجرد من حقوقنا المشروعة مهما كان الثمن، إن موازين القوى مختلة وهي ليست في صالح شعبنا ولا الشعوب العربية، لكن على الرغم من ذلك لا يجوز لنا ولا يمكن لنا القبول بالتنازل عن وطننا. عندما يكون هناك شباب من أبناء فلسطين يفجرون أنفسهم من أجل الوطن، لا يجوز لأي كان أن يقول بأن الحياة أغلى من الوطن. فالوطن هو أغلى من حياتنا".
ورأى الرنتيسي "ان القول بأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قد قبل الهدنة هو كلام صادق. لكن ذلك لم يعنِ أن الصراع انتهى. أما أن يقال بأن هذه الأرض يهودية وإن علينا أن ننهي الصراع ونعترف بدولة إسرائيل، فهذه ليست هدنة".
وحول مخاطر حرب أهلية، خصوصاً مع توجه محمد دحلان لتنفيذ ما اتفق عليه في قمة العقبة إعتبر الرنتيسي أن "الحرب الأهلية الفلسطينية غير قائمة ولن تقوم بإذن الله. ولكننا لن نقبل بأن تسفك دماؤنا بدم مارد. ونحن سنواجه مصيرنا إن شاء الله ولكن لن نقبل بالتفريط بحقوقنا المشروعة".
واعترف الرنتيسي بحصول أمور لا يمكن استيعابها مثل استبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على الرغم من أنه انتخب ديموقرطياً.
وطالب الرنتيسي بأن تعود الحكومة الفلسطينية التي ولدت ميتة الى الشارع الفلسطيني والى الشعب الفلسطيني.
أما في ما يتعلق بالحوار مع الفصائل الفلسطينية فأكد الرنتيسي بأن حركته ذهبت دائماً الى الحوار بقلب مفتوح وعقل مفتوح، وأن الحوار مستمر مع الفصائل الوطنية والإسلامية على قاعدة خيار المقاومة.
وبشأن نوعية المقاومة وهل تكون سلمية أو مسلحة قال الرنتيسي: "إذا اغتصبت فلسطين واغتصبت المقدسات وذبح الشعب الفلسطيني، أيعقل أن تكون المقاومة غير مسلحة".
الهندي
نفى محمد الهندي وجود أي تناقض في الموقف مع حركة حماس التي أعلنت إيقاف الحوار مع أبو مازن. وقال إنه "يوجد موقف مشترك بعد قمة العقبة حيث كان هناك تنازل مجاني من قبل محمود عباس حول إدانة المقاومة الفلسطينية والمقاومة في كل مكان، كما أنه لم يدن الاحتلال وذلك دون أي مقابل، لذلك وبناء على رسالة خرجت من المعتقلين الفلسطينيين، وهم نحو 8 آلاف معتقل، طالبوا فيها بوقف اللقاءات مع محمود عباس وحكومته، دعونا إلى وقف اللقاءات بين الفصائل ومحمود عباس، وأن يتم بديلاً عنها لقاء يجمع كل الفصائل الفلسطينية وليس الفصائل منفردة".
وأضاف الهندي: "إن الفصائل التقت بالأمس وستلتقي لاتخاذ موقف موحّد"، وشدد على "ان تطبيق خريطة الطريق والتعهدات قد بدأ تنفيذها على الأرض، مع سقوط شهيدين في طولكرم، كما تم هدم بيوت جديدة. قمة العقبة شجعت ارييل شارون على اتخاذ قرارات قمعية وتصعيدية بحق الشعب الفلسطيني، ففي قمة العقبة تمت إدانة المقاومة الفلسطينية بلسان محمود عباس، وفي المقابل لم تقع تسهيلات ولا تخفيف للمستوطنات".
واعتبر الهندي أن اعتبار وعد الرئيس جورج بوش بإقامة دولة فلسطينية مماثل لوعد بلفور لليهود بإقامة دولة إسرائيل، هو "كلام فارغ، فالدولة ليست معلقة في الهواء، فالدولة على الأرض، التي يتم نهبها وتمزيقها بالمستوطنات والشوارع الالتفافية".
وأكد الهندي مجدداً عدم ثقته بوعود الرئيس بوش، وأن الشيء الوحيد الذي يثق به الفلسطينيون هو ما يشاهدونه على الأرض. ونفى الهندي عدم وجود جديد في موقف ابو مازن الذي ينادي منذ فترة طويلة بوقف الانتفاضة المسلحة، إذ أن الجديد في موقف أبو مازن عدم صدور إدانة للاعتداءات على المدنيين من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، أما في قمة العقبة فإن الإدانة اقتصرت على اليهود أينما كانوا، أي سواء كانوا في الضفة أو قطاع غزة، علماً أن كل الشرائع والقوانين تتيح للشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال، حتى كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة رفض إدانة عملية الخليل عندما تأكد أن القتلى فيها هم من الجنود، كذلك يوجد نواب إسرائيليون رفضوا إدانة العمليات في الضفة وغزة.
وحول وجوب مراجعة فلسطينية للوضع في ظل الموقف الأميركي الذي أعلنه بوش المدعوم دولياً وعربياً قال الهندي إن ذلك "يجب بالتأكيد أن يحصل"، وإن ذلك يتم في إطار "ضبط الجهاد الفلسطيني بناء على مصلحة الشعب الفلسطيني وليس بناء للضغوط الدولية والأميركية".
وفي ما يتعلق باستبعاد الرئيس ياسر عرفات عن مسار الحركة السياسية وقراراتها في ظل ما جرى في قمة العقبة أبدى الهندي استغرابه حديث واشنطن عن الديموقراطية وفي الوقت نفسه تستبعد رئيساً منتخباً من شعبه عن تمثيله، وتستبعد منظمة التحرير عن مفاوضات تتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني.
وعن إمكان وقف عمليات الداخل، خصوصاً بعد قمة العقبة، قال الهندي: "إن هذه العمليات ستتوقف إذا توقفت إسرائيل عن قتل المدنيين الفلسطينيين واجتياح مدنهم وقراهم وتخريب بيوتهم وأرضهم. إسرائيل لا تؤمن سوى بقوة السلاح، والعالم إذا كان يريد العدل والحق فإن عليه إدانة الاحتلال".
ونفى الهندي بشدة احتمال وقوع حرب أهلية بين الفلسطينيين، "فالشعب الفلسطيني تجاوز أزمات أكبر وأعمق من هذه الأزمة"، مضيفاً: "ليتأكد الجميع أن تجربة العام 1996 لن تعود، فالشعب الفلسطيني واعٍ جداً، وهو ملتف حول المقاومة، والشعب الفلسطيني مؤمن بخيار المقاومة، وطالما هناك احتلال ستستمر المقاومة".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.