8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الرئيس الفرنسي قاطع الجناح الأميركي وزار الروسي والصيني

لم تقاطع الولايات المتحدة الأميركية، معرض لوبورجيه الجوي، ولكنها اكتفت بمشاركة رمزية فيما قاطع الرئيس جاك شيراك، الجناح الأميركي، فلم يزره أو يتجول فيه، مثلما فعل في باقي الأجنحة، ولا سيما الروسي والصيني. وبهذا يتأكد يوماً بعد يوم، أن العلاقات الفرنسية ـ الأميركية، من الأرض الى الفضاء، ما زالت في "الثلاجة"، وأن قمة إيان زادت الخلاف تعقداً بدل أن تحلحله، فالرئيس شيراك ما زال مصراً على موقفه من عدم شرعية الحرب الأميركية على العراق!
وكانت المقاطعة الفرنسية الرئاسية للجناح الأميركي "رسالة" واضحة الى واشنطن، الى جانب "رسائل" أخرى كانت "قراءتها" علنية في الأجنحة الأخرى. فالولايات المتحدة التي تشارك عادة بكثافة في هذا المعرض الجوي الذي يعد "زهرة" المعارض الجوية الدولية في العالم، والذي لا يعقد سوى مرة كل عامين، اكتفت بمشاركة رمزية ولم تشارك سوى 18 شركة بدلاً من 350. وغاب رؤساء مجالس الشركات الأميركية، وحتى "بوينغ" المدنية. فهؤلاء الرؤساء يهمهم رضى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" عليهم لأن العقود الضخمة والرابحة تأتي من الوزارة للأغراض العسكرية. وكذلك لم تشارك أي طائرة عسكرية ولذلك بدت العروض الجوية هذ العام ناقصة.
وفي الجناح الروسي، تعمد الرئيس شيراك الحديث باللغة الروسية التي يتقنها، مع مضيفيه، وشدد على أن "تقوية التعاون الروسي ـ الفرنسي في المجال الجوي أساسي"، وأضاف أن هذا هو رأي الرئيس بوتين أيضاً. كذلك تجول شيراك طويلاً في الجناح الصيني، وهو حديث وضخم هذا العام، قبل زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال أليو ماري لبكين أول مرة.
أما الرسالة الأوروبية التي أكدها شيراك فهي التهنئة التي وجهها الى "الصناعة الجوية الأوروبية" على اتفاق الدول الأوروبية لإنجاز نظام التوجيه بواسطة الأقمار الصناعية المنافس لنظام "جي بي إس" الأميركي، وكذلك زيارته الطويلة لطائرة "إيرباص آ 340 ـ 600" الأضخم وشقيقتها الصغرى "آ ـ 318"، والمعروف أن "حرباً" تجارية تدور منذ أعوام بين "إيرباص" و"بوينغ"، ويؤكد أركان "إيرباص"، أنهم سيتجاوزون "بوينغ" هذا العام أول مرة بفضل العقود المتوقعة مع طيران الخليج وغيرها، بعدما تقلص الفارق العام الماضي الى 30 طائرة فقط، على الرغم من الأزمة التي ضربت قطاع الطيران المدني، فقد باعت "إيرباص"، 336 طائرة في مقابل 363 طائرة "بوينغ". كذلك لفت انتباه الحضور الرسمي التصفيق الطويل لشيراك لطائرة "رافال" الفرنسية خلال عرضها الجوي، ولطائرة "النمر" الألمانية الفرنسية التي تشبه "الأباتشي" الأميركية في قوتها وكثافة تسلحها.
ويبدو أن معرض لوبورجيه، لم يتأثر هذا العام فقط بالحضور الأميركي المحدود، وإنما أيضاً بغياب طائرات القتال الجوية الروسية، بسبب خلافات قضائية، كانت قد أدت عام 2001 الى رحيل طائرة "سوخوي 30" في اللحظة الأخيرة، قبل وضع اليد عليها تنفيذاً الأمر قضائي. الى جانب ذلك، فإن المعرض غني جداً بالطائرات بلا طيار، لكن الزوار الثلاثمئة ألف لن يروا أي عرض جوي لها. ويُعزى هذا الى أن أجهزة التوجيه في بعضها ما زالت بحاجة الى ضوابط أمنية لم يتعود عليها الطيارون الأرضيون الذين يوجهونها، ولذا يعد طيرانها خطراً على الزوار وحتى المناطق الآهلة المحيطة بمطار لوبورجيه. وفي مجال هذا الفرع الحديث من الطيران، تبدو إسرائيل أكثر حضوراً، الى جانب الطائرة الأميركية الكبرى من نوعها "غلوبال هوك"، وهي تطير على علو 20 ألف متر. ويشير خبراء المعرض الى أن هذا "السلاح" قد أثبت جدواه في الحرب على العراق في مجالي الاستطلاع والتوجيه. والمعروف أن الإسرائيليين طوروا بقوة هذا السلاح خلال احتلال الجنوب في لبنان، وأشهر الطرز عندهم "إم كا". ووعد المشرفون على المعرض أن يشهد معرض العام 2005، عروضاً جوية عديدة لهذا "السلاح" الذي لن يكون عسكرياً فقط، إذ يمكن استخدامه لأغراض مدنية أيضاً!
وقدر ما حمل معرض لوبورجيه الجوي، "رسائل" فرنسية عديدة في كل اتجاه فإنه كان أيضاً فرصة لوداع نتاج فخر الصناعة الجوية الفرنسية ـ البريطانية. فقد وقف الرئيس جاك شيراك وكل الحضور وصفقوا طويلاً في وداع طائرة "كونكورد سبيرا دلتا" التي دارت في 12976 ساعة طيران 11 مرة حول الأرض. وستربض الطائرة نهائياً في المتحف الجوي في لوبورجيه. وستقدم طائرة أخرى الى المتحف الجوي الفضائي الأميركي في واشنطن، تنفيذاً لوعد سابق لم يتصور أحد أنه سيكون مبكراً، وسيُنفذ في ظل العلاقات الباردة بين باريس وواشنطن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00