8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مصدر عراقي: الأميركيون يضخّمون "الخطر الإيراني" وأعمال المقاومة محدودة ومحصورة بمثلث صغير

لا يخفي مصدر عراقي مطلع "أسفه لأن الأميركيين وضعوا خطة عسكرية متكاملة لتحرير العراق من نظام صدام حسين ونجحوا في تنفيذها بزمن قياسي، وبأقل خسائر متوقعة، وفشلوا بعد مرور أكثر من سبعين يوماً على وضع تصوّر ولو مبدئي لعراق ما بعد صدام حسين". ويتابع المصدر العراقي: "انهم يطبقون مبدأ التجربة والتطوير، في بلد لم يعد لسكانه الصبر على المعاناة اليومية التي تبدو وكأنها لن تنتهي، في أفضل الحالات لا يبدو النور في نهاية النفق".
ويلاحظ المصدر مؤشراً لافتاً هو تعامل الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر مع مشكلة الجنود العراقيين، إذ بعدما قرر حلّ الجيش وتوقيف رواتب الجنود، عاد في ضوء التظاهرة التي سقط فيها القتلى والجرحى، وتذكّر ان تعداد الجيش العراقي يصل إلى نحو نصف مليون، وأن تركهم في الشوارع بدون مصدر عيش، يعني زرع عشرات القنابل الموقوتة وفي بلد لا تنقصه لا القنابل ولا الأسباب لانفجارها في المكان المناسب وفي الوقت غير المناسب.
ويرى المصدر العراقي المطلع ان أعمال المقاومة ضد الجيش الأميركي "ما زالت حتى الآن محدودة ومحصورة في مثلث صغير بالكد يقترب من بغداد، والأهم ان النار لا تزال بعيدة عن "مربعات الشيعة العراقيين". ويؤكد المصدر ان الضربات التي وجهت إلى الجنود الأميركيين ما زالت رغم خسائرهم عادية ويمكن لجيش مثل الجيش الأميركي تحملها خصوصاً وأن المكافأة كبيرة جداً وهي العراق".
لكن المصدر العراقي نفسه يستدرك ان أعمال المقاومة ضد الأميركيين المحدودة العدد والخسائر والمحصورة جغرافياً، يمكن ان تنفتح على دائرة واسعة تشمل بداية العراق باستثناء كردستان، لأن هذه المنطقة لها خصوصيتها، وأن شروط التحوّل نحو المواجهة الشاملة تقوم على عوامل عدة أبرزها:
تأكد القوى العراقية المنظمة أو التي تحاول تنظيم نفسها أو المرشحة لأسباب طارئة للدخول على خط المقاومة، ان صدام حسين قد سحب من التداول نهائياً من خريطة مستقبل العراق. فالعراقيون يخافون في معظمهم من كابوس عودة صدام ولو تلميحاً. كما انهم في معظمهم وخصوصاً الشيعة لا يريدون أن يستثمر صدام حسين أو خلفاؤه أو أنصاره أي موقف ضد الأميركيين لمصلحتهم. ولذلك فإن الاعلان عن مقتل صدام حسين أو أسره يفتح الباب نحو تطور المعارضة العراقية ضد الأميركيين سواء سياسياً أو عسكرياً أو الاثنين معاً.
ان استمرار الأميركيين في تأجيل استحقاق تسليم الشؤون العراقية للعراقيين، يصبّ كل يوم المزيد من الزيت على نار التململ والرفض العراقي للاحتلال الأميركي، فالترحيب من العراقيين كان لتحريرهم من صدام حسين ونظامه، وثمن ذلك ممكن ان يتم بالتفاهم مع حكومة عراقية، باتفاقات حول النفط والقواعد، اما ان يتعامل الاميركيون مع العراق بصيغة احتلال دائم او مقنع او كأن العراق افغانستان او الصومال، فان ثمن ذلك سيكون دفع العراقيين نحو الرفض والتعبير عن رفضهم بطرق مختلفة باختلاف القوى والمتغيرات والمراحل.
ان الاميركيين يضخمون حجم الخطر الايراني في العراق، وهم يعلمون جيدا ان الشيعة العراقيين لا يريدون استنساخ النظام الايراني لكونهم يعرفون جيدا ان المحافظة على وحدة العراق تتناقض مع اي استنساخ للتجربة الايرانية. فالشيعة وقياداتهم يدركون انهم لا يتجاوزون 60% من الشعب العراقي، وان من المستحيل فرض نظام اسلامي على الاكراد الممثلين بالحزبين الديموقراطي والوطني، وان المراجع تؤمن بالتعددية وترفض مبدأ ولاية الفقيه لانه يقلص دورها الى درجة التهميش. ولذلك كله فان الادارة الاميركية تضخم الخطر الايراني في اطار مواجهتها المفتوحة مع النظام الايراني، لكن المغالاة في العزف على هذا الوتر، تفجر حساسيات كامنة بين الشيعة من جهة وبينهم وبين الآخرين من جهة أخرى، مما يضع العراق على سكة الحرب الاهلية فهل هذا ما يريده الاميركيون؟
واخيرا، يقول المصدر العراقي نفسه ان اسباب الحياة تزداد صعوبة مع الصيف بالنسبة للعراقيين. ولذلك كله فان استمرار الوضع على حاله وعدم انفتاح افق للتغيير في العراق، يعني ان هذا الصيف سيكون مرهقا للجنود الاميركيين، اما الصيف الاتي في العام 2004 فانه سيكون مثل نار حارقة!!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00