تحوّل الاحتلال الأميركي الى "احتلال غامض الأبعاد بلا أفق سياسي ولو في المستقبل المنظور وقيام بول بريمر بإلغاء العراق وتمثيله في المنتدى الاقتصادي الدولي في الأردن، وتوزيع عقود البناء والنفط مثل الهبات، يدفع العراقيين يوماً بعد يوم الى تصعيد معارضتهم لهذا الاحتلال". هذا ما تقوله مصادر عراقية وقفت على مسافة واحدة من نظام صدام حسين، ومن الأميركيين خلال إعدادهم للحرب وخلالها.
وتضيف هذه المصادر انه إذا كان الدكتور أحمد الجلبي الذي عمل مع الأميركيين ونسّق معهم طوال عقدين من الزمن للوصول الى هذه الحرب لإسقاط نظام صدام حسين يقول "ان نظام صدام حسين مُرّ، ولكن التعاون مع الأميركيين مُرّ أيضاً، فإن قوى عراقية أخرى أخذت تلجأ الى السلاح للتعبير عن غضبها".
وترى المصادر العراقية ان تصاعد العمليات المسلحة ضد الأميركيين والبريطانيين، وتنقلها من مثلث الفلوجة والرمادي وبغداد الى الجنوب، يمكن نسبه الى مجموعات بعثية قديمة أو مجموعات عسكرية تابعة للنظام السابق، ولكن في الواقع هناك شرائح جديدة انضمت من دون تنسيق الى المواجهات". فقد أكد الاعلام الفرنسي الذي يتابع تطور المواجهات بدقة، في اطارالموقف الفرنسي بأن السلام لا تبنيه سوى الأمم المتحدة، ان شرائح عراقية متشددة اجتماعياً ومتعصبة دينياً تقوم بعمليات يومية ضد الأميركيين، ثأراً لضحاياها في السابق، وانتقاماً من تصرفات الجنود الأميركيين لدى اقتحامهم المنازل والمساجد بأحذيتهم ومع كلابهم وتفتيشهم للنساء أمام رجالهم. يضاف ان الشعور اليومي بالقهر لدى العراقيين الناتج عن انقطاع الكهرباء في بدايات حرّ تموز القاتل الى درجة ان المتاجر أقفلت أبوابها، علماً أنها لا تستطيع العمل ليلاً سواء لانعدام الكهرباء أو الأمن، يعزز دوافع الاتجاه نحو المجابهة. وجاءت الإشاعات في بغداد عن ان انقطاع الكهرباء هو عقاب أميركي للعراقيين على الأعمال المسلحة، لتزيد حجم الغضب والاحتجاج.
وفي محاولة عراقية مستقلة عن الأميركيين لتأطير المسار الوطني والحؤول دون تمزقه، تركز مجموعة تضم كبار شيوخ العشائر والقوى الوطنية ورجال دين على عقد مؤتمر وطني داخل العراق يكون "مؤتمراً عاماً تأسيسياً تقع على عاتقه مهمة وضع دستور جديد وإرساء قواعد قيام الدولة والنظام الجديدين". وتعتقد هذه القوى أو غالبيتها ان فكرة المؤتمر الوطني يدعمها أيضاً مظهر آخر هو الشعور العام بالشلل السائد لدى المرجعية الشيعية في النجف.
وبين الشخصيات التي تعمل على عقد المؤتمر والتي تقول إنها جمعت مليون توقيع عراقي في أنحاء العراق، الشيخ جواد الخالصي حفيد آية الله الخالصي الذي أعلن الثورة على الإنكليز عام 1917، وأمير قبائل ربيعة، وتنظيمات سياسية بينها التيار الوطني الديموقراطي الذي من أبرز وجوهه عبد الأمير الركابي. وتجري محاولات لضم رؤساء عشائر أبرزها بني شمر، ومن عشائر الوسط والجنوب.
وتأمل هذه القوى، كما يقول عبد الأمير الركابي، في ان تجد هذه الدعوة قبولاً من الجميع، خصوصاً وأن له أساساً في دعوة كان وجهها العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ويسود اعتقاد لدى العاملين لعقد هذا المؤتمر بأن "الأميركيين سيتعاملون معه بحذر، وان هذا الحذر ناشئ من التوجه نحو وضع قضية قيام حكومة عراقية وديموقراطية موضع التداول الفعلي مما يقرّب أمر البحث في جدولة وجود الأميركيين واحتلالهم في الوقت نفسه".
وكانت تصريحات ممثل الأمم المتحدة في العراق سيرجيو دو فييرا قد دعمت هذا التوجه الجديد، إذ اعتبر دوفييرا "ان العراقيين يعيشون في اجواء مستقبل سياسي غير واضح، وان المشاغل الرئيسية للعراقيين تتمثل في غياب الأمن والاستقرار والبطالة، وان الناس ترغب بشدة في تسيير شؤون حياتها بعيداً عن التحالف الذي يحكم العراق منذ نهاية الحرب".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.